وَالْآيِسَةِ وَهَذِهِ غَيْرُهُمَا فَلَوْ حَاضَتْ مَنْ لَمْ تَحِضْ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ حَاضَتْ آيِسَةً كَذَلِكَ فِي الْأَشْهُرِ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ، لِأَنَّهَا أَصْلٌ فِي الْعِدَّةِ، وَقَدْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفِرَارِ مِنْ بَدَلِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَيْهَا كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ فَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَهَا الْأُولَى لَمْ يُؤَثِّرْ لِأَنَّ حَيْضَهَا حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِدْقَ الْقَوْلِ: بِأَنَّهَا عِنْدَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ أَوْ الثَّانِيَةِ فَهِيَ كَآيِسَةٍ حَاضَتْ بَعْدَهَا وَلَمْ تَنْكِحْ زَوْجًا آخَرَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ آيِسَةً فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ظَاهِرًا مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا وَلِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَمَا إذَا قَدَرَ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْيَأْسِ يَأْسُ كُلِّ النِّسَاءِ بِحَسَبِ مَا بَلَغَنَا خَبَرُهُ لَا طَوْفُ نِسَاءِ الْعَالَمِ، وَلَا يَأْسُ عَشِيرَتِهَا فَقَطْ وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً وَقِيلَ: سِتُّونَ وَقِيلَ: خَمْسُونَ
(وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: ٤٩] وَالْمَعْنَى فِيهِ: عَدَمُ اشْتِغَالِ رَحِمِهَا بِمَا يُوجِبُ اسْتِبْرَاءَهُ
(وَعِدَّةُ الْأَمَةِ) أَوْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ (بِالْحَمْلِ) أَيْ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا أَوْ مُضْغَةً (كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. (وَ) عِدَّتُهَا (بِالْأَقْرَاءِ) عَنْ فُرْقَةِ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ وَلَوْ مُسْتَحَاضَةً غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ (أَنْ تَعْتَدَّ بِقُرْأَيْنِ) لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ. وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقُرْءَ الثَّانِي لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِهِ كَالطَّلَاقِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِظَارِ إلَى أَنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: تَصْبِرْ حَتَّى تَحِيضَ قَوْلُهُ: (آيِسَةً إلَخْ) أَيْ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ وَهُوَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً، سَوَاءٌ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ أَوْ لَا قل.
قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) : أَيْ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْأَشْهُرِ الْأَوْلَى هِيَ الَّتِي لَمْ تَحِضْ الْمُشَارُ إلَيْهَا سَابِقًا بِقَوْلِهِ: مَنْ لَمْ تَحِضْ وَقَوْلُهُ: أَوْ الثَّانِيَةُ هِيَ الْآيِسَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: سَابِقًا أَوْ حَاضَتْ آيِسَةً وَفِي قَوْلِهِ: كَآيِسَةٍ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَكَانَ يَقُولُ: أَوْ الثَّانِيَةُ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ تَنْكِحْ
قَوْلُهُ: (وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا) أَيْ وَالْمَفْسُوخَةُ وَخَرَجَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَإِنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ قَبْلَ الدُّخُولِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ الْوَطْءِ أَوْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ فِيهِمَا وَلَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَى بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ لِتَتَزَوَّجَ حَالًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُنْكِرَ الْجِمَاعِ هُوَ الْمُصَدَّقُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ، وَلَوْ ادَّعَى هُوَ عَدَمَ الْوَطْءِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهِ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِاعْتِرَافِهَا بِالْوَطْءِ. اهـ. عش عَلَى مَرَّ. وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ عَلَى الْغَزِّيِّ قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ قَبْلَ وَطْئِهَا وَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ كَالْوَطْءِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ فِيهِمَا نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ عِدَّةٍ سَابِقَةٍ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا، حَتَّى تُتِمَّهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا بِنَحْوِ خُلْعٍ ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهِ كَأَنْ بَقِيَ مِنْهَا قُرْءَانِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْئِهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْعِدَّةِ الْأُولَى لِتَمَامِ الْقُرْأَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَالْأَشْهُرُ كَالْأَقْرَاءِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ قَدْ غَلِطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْفُضَلَاءِ بَلْ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ. وَبِذَلِكَ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ تَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِيهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ أُجِيبَ بِأَنَّ إيجَابَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجِهَا لَا لِمَعْرِفَةِ اسْتِبْرَاءِ رَحِمِهَا فَالْعِلَّةُ الَّتِي ذُكِرَتْ هُنَا، وَإِنْ فُقِدَتْ خَلَفَتْهَا عِلَّةٌ أُخْرَى أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَأَيْضًا الْمَوْتُ بِمَنْزِلَةِ الدُّخُولِ فِي إيجَابِ الْعِدَّةِ.
قَوْلُهُ: (فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ وَفُرْقَةِ الْمَوْتِ وَلَا فَرْقَ فِي فُرْقَةِ الْحَيَاةِ، بَيْنَ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ وَفُرْقَةِ الْفَسْخِ قَوْلُهُ: (لِعُمُومِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ) وَهِيَ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] قَوْلُهُ: (فِي عِدَّةٍ رَجْعَةٍ إلَخْ) وَأَمَّا الْعَكْسُ بِأَنْ تَصِيرَ الْحُرَّةُ أَمَةً فِي الْعِدَّةِ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ اُسْتُرِقَّتْ فَتُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، شَوْبَرِيُّ وَقَوْلُهُ فَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ رَجْعَةٍ إلَخْ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعِتْقُهَا فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٍ يَجْعَلُهَا كَحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute