للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعُودَ الدَّمُ، فَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ رَجْعَةٍ فَكَحُرَّةٍ فَتُكْمِلُ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ بَيْنُونَةٍ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ، فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَهِيَ إنْ طَلُقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَبِشَهْرَيْنِ وَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ وَالْبَاقِي أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حُسِبَ قُرْءًا فَتُكْمِلُ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ هِلَالِيٍّ وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ قُرْءًا فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبَارِزِيِّ فِي اكْتِفَائِهِ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ (وَ) عِدَّتُهَا (بِالشُّهُورِ عَنْ الْوَفَاةِ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (أَنْ تَعْتَدَّ بِشَهْرَيْنِ) هِلَالِيَّيْنِ (وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيِهَا وَيَأْتِي فِي الِانْكِسَارِ مَا مَرَّ. (وَ) عِدَّتُهَا (عَنْ الطَّلَاقِ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تَقَدَّمَ (بِشَهْرٍ) هِلَالِيٍّ (وَنِصْفِ) شَهْرٍ لِإِمْكَانِ التَّنْصِيفِ فِي الْأَشْهُرِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ: (فَإِنْ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ كَانَ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ فِي الْأَقْرَاءِ بِقُرْأَيْنِ فَفِي الْيَأْسِ تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ بَدَلًا عَنْهُمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأَوْلَوِيَّةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْقَائِلِينَ بِالتَّنْصِيفِ ثُمَّ قَالَ وَجُمْلَةُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا مَا تَقَدَّمَ، وَثَانِيهَا وُجُوبُ شَهْرَيْنِ، وَالثَّالِثُ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ. فَالْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ فَإِنْ أَرَادَ الْأَوْلَوِيَّةَ مِنْ حَيْثُ الِاحْتِيَاطُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ فَالِاحْتِيَاطُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ أَيْضًا انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ بِالشَّهْرَيْنِ أَوْلَى مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى شَهْرٍ وَنِصْفِ وَإِنْ كَانَ بِالثَّلَاثَةِ أَوْلَى وَيُرَاعِي الْأَوَّلُ الْوَجْهَ الضَّعِيفَ فَيَجْعَلُهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَعَاشَرَهَا بِلَا وَطْءٍ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَتْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (فِي عِدَّةِ بَيْنُونَةٍ) : أَيْ أَوْ وَفَاةٍ مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِي أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) فِيهِ أَنَّ الْأَكْثَرَ يُصَدَّقُ بِدُونِ يَوْمٍ وَلَيْسَ مُرَادًا وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْبَاقِي سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرُ، لِأَنَّ الضَّابِطَ مَا يَسَعُ طُهْرًا أَوْ حَيْضًا قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلْبَارِزِيِّ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: فَبِشَهْرَيْنِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْأَشْهُرَ فِي حَقِّهَا أَصْلٌ لَا بَدَلٌ، وَغَيْرُهُ يَقُولُ إنَّ الْأَقْرَاءَ أَصْلٌ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ فَيَكُونُ الشَّهْرَانِ بَدَلًا عَنْهُمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ) وَإِنَّمَا اعْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لِلتَّفَجُّعِ بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ) : وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيّ، وَغَيْرُهُ أَنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ، أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ صَحِيحٌ، إذْ صُورَتُهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ وَيَسْتَمِرُّ ظَنُّهُ إلَى مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ عِدَّةَ حُرَّةٍ، إذْ الظَّنُّ كَمَا نَقَلَهَا مِنْ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ فِي الْحَيَاةِ، فَكَذَا فِي الْمَوْتِ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ، بِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الظَّنُّ عِنْدَهُ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ شَرْحُ مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ مِنْ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ.

قَوْلُهُ: (بِشَهْرٍ وَنِصْفِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَمَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ حَيْثُ تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ كَمَا مَرَّ أَنَّ الْأَشْهُرَ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأَقْرَاءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ وَكُلُّ شَهْرٍ قَائِمٌ مَقَامَ قَرْءٍ قَوْلُهُ: (مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ أَجَابَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ: (فَفِي الْيَأْسِ) أَيْ وَمِثْلُهُ الصِّغَرُ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهَا مَا تَقَدَّمَ) أَيْ شَهْرٌ وَنِصْفُ قَوْلُهُ: (وَبِهِ) أَيْ بِالِاحْتِيَاطِ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُقَالُ: إلَخْ) أَيْ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ.

قَوْلُهُ: (وَلَا شَكَّ إلَخْ) هُوَ جَوَابُ تَسْلِيمٍ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِخِلَافِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَيُرَاعَى إلَخْ) : لَعَلَّ الْوَاوَ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا شَكَّ وَقَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَيْ الْقَائِلُ بِشَهْرٍ وَنِصْفِ، وَقَوْلُهُ: الْوَجْهُ الضَّعِيفُ أَيْ الثَّانِي وَالثَّالِثُ، وَالْمُصَنِّفُ رَاعَى الثَّانِيَ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ كَانَ أَوْلَى فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ. كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَلَمْ يُرَاعِ الثَّالِثَ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ) سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إنْ عَاشَرَهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ كَخَلْوَةٍ أَوْ بِوَطْءٍ فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتهَا، بِالنِّسْبَةِ لِلُحُوقِ الطَّلَاقِ، وَانْقَضَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجْعَةِ فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ. أَوْ الْأَشْهُرِ وَالتَّوَارُثِ، فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَلَا عِبْرَةَ بِالْمُعَاشَرَةِ بِغَيْرِ وَطْءٍ كَخَلْوَةٍ وَلَا بِوَطْءٍ بِلَا شُبْهَةٍ أَمَّا إنْ عَاشَرَهَا بِوَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَكَالرَّجْعِيَّةِ فِي أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ، حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ انْقِطَاعِ الْمُعَاشَرَةِ وَلَيْسَتْ كَالرَّجْعِيَّةِ مُطْلَقًا فَلَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ نَحْوَ أُخْتِهَا. اهـ. مد.

قَوْلُهُ: (وَعَاشَرَهَا) الْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>