الزَّوْجِيَّةِ إلَّا آلَةَ تَنْظِيفٍ لِبَقَاءِ حَبْسِ النِّكَاحِ وَسَلْطَنَتِهِ وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِنُشُوزِهَا ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (وَلِلْبَائِنِ) الْحَائِلِ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ فِي غَيْرِ نُشُوزٍ (السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ) وَالْكِسْوَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] فَلَا سُكْنَى لِمَنْ أَبَانَهَا نَاشِزَةً أَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ إلَّا إنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ تَكُونَ) الْبَائِنُ (حَامِلًا) بِوَلَدٍ يَلْحَقُ الزَّوْجَ فَيَجِبُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ: مَا كَانَ سَقَطَ عِنْدَ عَدَمِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (وَأَمَةً) : أَيْ وَكَانَتْ مُسْلِمَةً لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا قَوْلُهُ: (السُّكْنَى) نَعَمْ الصَّغِيرَةُ وَالْأَمَةُ إذَا لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُمَا أَيْ قَبْلَ الْفِرَاقِ، فَلَا سُكْنَى لَهُمَا شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ. قَوْلُهُ: (دُونَ النَّفَقَةِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السُّكْنَى، أَنَّ السُّكْنَى لِتَحْصِينِ مَائِهِ فَاسْتَوَى فِيهَا حَالُ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُهَا وَالنَّفَقَةُ لِلتَّمْكِينِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالزَّوْجِيَّةِ، شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ وَقَوْلُهُ: لِتَحْصِينِ مَائِهِ هَذَا لَا يَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَقَوْلُهُ: بِالزَّوْجِيَّةِ أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا كَالرَّجْعِيَّةِ وَتَسْقُطُ السُّكْنَى بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، لِأَنَّهَا إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ ع ش: وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ أَوْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِإِجَارَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا خَلَفَهَا فِي بَيْتٍ مُعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ أَيْضًا. وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ فَقَطْ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِدُخُولِهِ، فَلَمْ يُزَاحِمْ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ سم وَسُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرِكَةً سُنَّ لِلْوَارِثِ التَّبَرُّعُ بِهَا مِنْ مَالِهِ، وَلِلْقَاضِي إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ أَسْكَنَهَا أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ وَإِلَّا سَكَنَتْ حَيْثُ أَرَادَتْ، وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى سَقَطَتْ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَتْ الْمُعْتَدَّةُ السُّكْنَى لَمْ تَسْقُطْ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِمَا لَمْ يَجِبْ، لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَلِمَا فِيهَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ يَسْقُطُ سُكْنَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِوُجُوبِهَا فِيهِ. وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّ السُّكْنَى عَنْ الزَّوْجِ الْحَيِّ لَمْ يَسْقُطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، لِوُجُوبِهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ وَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ لَاغٍ اهـ وَقَوْلُهُ: لِوُجُوبِهَا قَالَ ع ش: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لِوُجُوبِ سُكْنَاهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، اهـ.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ الْمَسْكَنِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ تُبِيحُ لَهَا الْخُرُوجَ.
قَوْلُهُ: (إلَّا إنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَتَجِبُ لَهَا السُّكْنَى بِمُجَرَّدِ الطَّاعَةِ، وَلَوْ غَيْرَ بَائِنٍ بِخِلَافِ الْمُؤْنَةِ فَتَسْقُطُ لِيَوْمِهَا وَالْكِسْوَةِ فَتَسْقُطُ لِلْفَصْلِ، وَإِنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف. خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: تَعُودُ الْكِسْوَةُ بِعَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْتَثْنَى) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا) أَيْ فَيَجِبُ لَهَا مَا كَانَ سَقَطَ عِنْدَ عَدَمِ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَائِهِ فَصَارَ كَالِاسْتِمْتَاعِ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنَّ النَّسْلَ مَقْصُودُ النِّكَاحِ كَمَا أَنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودٌ بِهِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. وَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَكَمَا تَسْتَحِقُّ الْبَائِنُ الْحَامِلُ النَّفَقَةَ، تَسْتَحِقُّ الْأُدْمَ، وَالْكِسْوَةَ، سَوَاءٌ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ أَوْ لِلْحَمْلِ شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا سَائِرُ الْمُؤَنِ الشَّامِلَةِ لِلْكِسْوَةِ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُوَ أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ وَمُقَابِلُهُ: أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ الْأَظْهَرُ تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ، بَلْ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ.
وَعَلَى الثَّانِي لَا تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِأَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا أَنَّهَا تَكُونُ مُقَدَّرَةً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَهَا وَغَيْرَ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَهُ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ فَتَجِبُ لَهَا بِسَبَبِهِ، لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute