إذَا تَوَافَقَا عَلَى الْحَمْلِ أَوْ شَهِدَ بِهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ مَا لَمْ تَنْشِزْ فِي الْعِدَّةِ. فَإِنْ نَشَزَتْ فِيهَا سَقَطَ مَا وَجَبَ لَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ الْمُتَقَدِّمِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْبَائِنِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَفَاةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لِخَبَرِ: «لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْوَفَاةِ وَالْقَرِيبُ تَسْقُطُ مُؤْنَتُهُ بِهَا وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ فِيمَا لَوْ تُوُفِّيَ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ الْوَفَاةِ فَاغْتُفِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا) وَلَوْ أَمَةً (الْإِحْدَادُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقِيلَ تَجِبُ لَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا يُوجِبُ النَّفَقَةَ فَعِدَّتُهُ أَوْلَى وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ كَمَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ.
قَوْلُهُ: (إذَا تَوَافَقَا إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: فَيَجِبُ لَهَا إلَخْ فَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا وَلَمْ تَحْصُلْ شَهَادَةٌ فَلَا يَلْزَمُ بِالدَّفْعِ إلَّا مِنْ حِينِ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِذَا ظَهَرَ لَزِمَهُ الدَّفْعُ، مِنْ حِينَئِذٍ وَلَزِمَهُ أَدَاءُ مَا وَجَبَ لَهَا قَبْلَ الظُّهُورِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ. وَهِيَ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَشَزَتْ) بَابُهُ قَعَدَ وَضَرَبَ فَالْمُضَارِعُ مُخْتَلِفٌ كَالْمَصْدَرِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ جَلَسَ وَنَصَرَ.
قَوْلُهُ: (سَقَطَ مَا وَجَبَ لَهَا) نَعَمْ إنْ عَادَتْ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ عَادَتْ السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ ق ل قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَهُوَ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ قَوْلُهُ: (وَالْقَرِيبُ تَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ فَالزَّوْجَةُ مِثْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ أَقْوَى بِدَلِيلِ عَدَمِ سُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ وَأَنَّ نَفَقَتَهَا تُقَدَّمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَقَرَّرَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ حَامِلًا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ الْوَفَاةِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْبَائِنَ لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ لَمْ تُؤَخَّرْ إلَى الْوَضْعِ بَلْ يُسَلِّمُ لَهَا يَوْمًا فَيَوْمًا لَكِنْ بَعْدَ ثُبُوتِ ظُهُورِ الْحَمْلِ وَلَوْ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَوْ اعْتِرَافِ الزَّوْجِ بِهِ وَلَوْ ظَنَّهَا حَامِلًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَبَانَتْ حَائِلًا رَجَعَ عَلَيْهَا وَلَوْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ دُونَ السُّكْنَى فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ وَبِبَدَلِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَبْلَ لُحُوقِهِ كَمَا لَوْ أَدَّى دَيْنًا ظَنَّهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْأَبَ هُنَا تَعَدَّى بِالنَّفْيِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا طَلَبٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، فَلَمَّا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا وَلَوْ أَمَةً فِي دَعْوَى تَأَخُّرِ الْوَضْعِ سم.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ. وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِيَشْمَلَ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ حَالَةَ الْمَوْتِ فَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ حَالَةَ الْحَمْلِ الْوَاقِعِ عَنْ الشُّبْهَةِ بَلْ بَعْدَ وَضْعِهِ اهـ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِئَلَّا يَشْمَلَ إلَخْ بَدَلَ قَوْلِهِ: لِيَشْمَلَ اهـ. وَلَوْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَيْ حَامِلًا ثُمَّ مَاتَ اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، أَنَّهُ عِدَّةُ وَفَاةٍ فَلَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيهَا، وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ. اهـ. م ر. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ بِالتَّزَوُّجِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْمُتَزَوِّجِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ، عَنْ الْوَفَاةِ، وَدَخَلَ فِيهَا عِدَّةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِيَّةِ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ بِوَضْعِهِ وَدَخَلَ فِيهَا عِدَّةُ الشُّبْهَةِ اهـ. سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ أَيْ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لِأَنَّهَا تُفِيدُ مَسْأَلَةً حَسَنَةً وَهِيَ مَا لَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ بِحَمْلٍ مِنْ شُبْهَةٍ فَلَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ، حَتَّى تَشْرَعَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْوَضْعِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ عَنْ الشُّبْهَةِ وَالْوَفَاةِ وَجَبَ الْإِحْدَادُ وَلَا تَمْنَعُ مِنْهُ الشُّبْهَةُ. قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ دَوَامُ الْإِحْدَادِ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْحَمْلِ إلَى الْوَضْعِ وَلَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ رَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (الْإِحْدَادُ) وَتَرْكُهُ كَبِيرَةٌ ع ش.
قَوْلُهُ: (فَوْقَ ثَلَاثٍ) . وَأَمَّا الثَّلَاثُ وَمَا دُونَهَا فَيَحِلُّ فِيهَا لِلْمَرْأَةِ فِي نَحْوِ الْقَرِيبِ فَقَطْ، وَالْكَلَامُ هُنَا شَامِلٌ لِلْحَامِلِ وَلَوْ بَقِيَتْ حَامِلًا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فَتُحِدُّهَا فَقَطْ. كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَعِبَارَةُ ز ي بَعْدَ قَوْلِ الْمَنْهَجِ مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَا رِيبَةَ فِيمَا يَظْهَرُ بِأَنْ كَانَ عَالَمًا أَوْ صَالِحًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ وَالصِّهْرُ