للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ فَيَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ وَعَلَى وَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ مَنْعُهُمَا مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ غَيْرُهُمَا، وَسُنَّ لِمُفَارَقَةٍ وَلَوْ رَجْعِيَّةً وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ بِطَلَاقٍ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِفَسْخٍ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا. فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجُ إلَى رَجْعَتِهَا (وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ مِنْ أَحَدَّ وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّينَةِ فِي الْبَدَنِ بِحُلِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ كَبِيرًا كَالْخَلْخَالِ وَالسِّوَارِ أَمْ صَغِيرًا كَالْخَاتَمِ وَالْقُرْطِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالصَّدِيقُ كَمَا أُلْحِقُوا بِهِمْ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ فَلَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ لَا فَلَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا، مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ كَأَبِيهَا وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ أَمْ لَا وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا وَعِيدَ عَلَى فِعْلِهِ وَمُجَرَّدُ النَّهْيِ إنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَا كَوْنَ الْفِعْلِ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْفِسْقِ وَفِي الزَّوَاجِرِ إنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ اهـ. قَالَهُ: ع ش قَوْلُهُ: (أَيْ يَجِبُ) لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَكُونُ وَاجِبًا كَالْخِتَانِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ أَوْ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ.

قَوْلُهُ: (لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ) : وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى مُخَالَفَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي ذَلِكَ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَوْ لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الِامْتِثَالِ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ) كَالذِّمِّيَّةِ وَالْمُعَاهَدَةِ وَالْمُسْتَأْمَنَةِ وَرَاعَى مَعْنَى غَيْرٍ فَأَنَّثَ الضَّمِيرَ الرَّاجِعَ إلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ) بِمَعْنَى أَنَّا نُلْزِمُهَا بِهِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ غَيْرَ مَنْ لَهَا أَمَانٌ أَيْضًا لَكِنْ لُزُومُ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَسُنَّ) أَيْ الْإِحْدَادُ لِمُفَارَقَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ: سُنَّ لِأَجْلِ التَّعْلِيلِ بَعْدَهُ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَالَ م ر وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالْفِرَاقِ إلَخْ فَغَرَضُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ إلَخْ إبْدَاءُ فَارَقَ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي اسْتَنَدَ لَهُ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ) أَيْ مَهْجُورَةٌ وَمَتْرُوكَةٌ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ وَنَفْسُهَا قَائِمَةٌ مِنْهُ وَإِذَا كَانَتْ مَجْفُوَّةً فَلَا يُطْلَبُ لَهَا الْإِحْدَادُ لِإِعْرَاضِ الزَّوْجِ عَنْهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا أَنْ تَحْزَنَ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ تُكْثِرُ مِنْ التَّزَيُّنِ لِتَلْتَحِقَ بِغَيْرِهِ رَغْمًا لِأَنْفِهِ، وَفِي الْمِثْلِ: مَنْ جَفَاك فَاجْفُهُ، وَعَنْ بَعْضِ الْأَكَابِرِ: مَنْ لَمْ يَتَّخِذْك كُحْلًا لَعَيْنَيْهِ لَا تَتَّخِذْهُ نَعْلًا لِقَدَمَيْك.

قَوْلُهُ: (أَوْ لِمَعْنًى) أَيْ عَيْبٍ فِيهَا إلَخْ قَوْلُهُ: (هُوَ مَا نَقَلَهُ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ إلَخْ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَخْ) مَحِلُّهُ إنْ رَجَتْ عَوْدَهُ بِالتَّزَيُّنِ وَلَمْ يُتَوَهَّمْ أَنَّهُ لِفَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ وَإِلَّا تَرَكَتْهُ اهـ. ز ي وح ل. وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ) وَيُرْوَى بِالْجِيمِ الْمَكْسُورَةِ مِنْ جَدَدْت الشَّيْءَ قَطَعْته سم.

قَوْلُهُ: (مِنْ حَدَّ) وَمُضَارِعُهُ يَحُدُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا حِدَادًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ.

قَوْلُهُ: (لُغَةً الْمَنْعُ) لِأَنَّ الْمُحِدَّةَ تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّينَةِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَهُوَ تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ لِزِينَةٍ وَلَوْ قَبْلَ نَسْجِهِ أَوْ خَشِنًا وَتَحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِحَبٍّ غَيْرِ لُؤْلُؤٍ وَمَصْبُوغٍ نَهَارًا. قَالَ فِي ش وَخَرَجَ بِالنَّهَارِ التَّحَلِّي بِمَا ذُكِرَ لَيْلًا فَجَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَاجَةٍ وَمَعَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ. اهـ فَقَوْلُهُ نَهَارًا رَاجِعٌ لِلتَّحَلِّي كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُ فِي الْمَفْهُومِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لُبْسَ الْمَصْبُوغِ تَمْتَنِعُ مِنْهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَانْظُرْ مَا الْفَارِقُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَفَارَقَ حُرْمَةَ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ لَيْلًا بِأَنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ الشَّهْوَةَ غَالِبًا وَلَا كَذَلِكَ الْحُلِيُّ اهـ. وَفِي ق ل وَلُبْسُ مَصْبُوغٍ أَيْ وَلَوْ لَيْلًا وَمَسْتُورًا اهـ.

قَوْلُهُ: (بِحُلِيٍّ) الْحُلِيُّ جَمْعُ حَلْيٍ مِثْلَ ثَدْيٍ وَثُدِيٍّ وَقَدْ تُكْسَرُ الْحَاءُ وَقُرِئَ مِنْ حَلْيِهِمْ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ الْحَلْيُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَجَمْعُهُ حُلِيٌّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ الْمُفْرَدُ وَهُوَ كُلُّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ.

قَوْلُهُ: (وَالْقُرْطِ) هُوَ عَلَى وَزْنِ فُعْلٍ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَجَمْعُهُ قِرَاطٌ كَرُمْحٍ وَرِمَاحٍ وَهُوَ حَلَقٌ يُعَلَّقُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>