للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ الْوَجْهُ لِلتَّحْسِينِ الْمُسَمَّى بِالْحُمْرَةِ الَّتِي يُوَرَّدُ بِهَا الْخَدُّ وَالِاخْتِضَابُ بِحِنَّاءٍ وَنَحْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ بَدَنِهَا كَالْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَيَحْرُمُ تَطْرِيفُ أَصَابِعِهَا وَتَصْفِيفُ شَعْرِ طُرَّتِهَا، وَتَجْعِيدُ شَعْرِ صُدْغَيْهَا وَحَشْوُ حَاجِبِهَا بِالْكُحْلِ وَتَدْقِيقُهُ بِالْحَفِّ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِنْ تَفْسِيرِ الْإِحْدَادِ بِمَا ذُكِرَ جَوَازُ التَّنْظِيفِ بِغَسْلِ رَأْسٍ وَقَلْمِ أَظْفَارٍ وَاسْتِحْدَادٍ وَنَتْفِ شَعْرِ إبِطٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ وَلَوْ ظَاهِرًا لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْوَطْءِ، وَأَمَّا إزَالَةُ الشَّعْرِ الْمُتَضَمِّنِ زِينَةً كَأَخْذِ مَا حَوْلَ الْحَاجِبَيْنِ وَأَعْلَى الْجَبْهَةِ فَتَمْتَنِعُ مِنْهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا إزَالَةُ شَعْرِ لِحْيَةٍ أَوْ شَارِبٍ نَبَتَ لَهَا فَتُسَنُّ إزَالَتُهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَيَحِلُّ امْتِشَاطٌ بِلَا تَرَجُّلٍ بِدُهْنٍ وَنَحْوِهِ وَيَجُوزُ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَيَحِلُّ لَهَا أَيْضًا دُخُولُ حَمَّامٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجُ مُحَرَّمٍ، وَلَوْ تَرَكَتْ الْمُحِدَّةُ الْمُكَلَّفَةُ الْإِحْدَادَ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا كُلَّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضَهَا عَصَتْ إنْ عَلِمَتْ حُرْمَةَ التَّرْكِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مَعَ الْعِصْيَانِ وَلَوْ بَلَغَتْهَا وَفَاةُ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَتْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ أَحَدٌ بِسُوءٍ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَيَقُولُ:

حَسَدُوا الْفَتَى إذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ ... فَالْكُلُّ أَعْدَاءٌ لَهُ وَخُصُومُ

كَضَرَائِرِ الْحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا ... حَسَدًا وَبُغْضًا إنَّهُ لَدَمِيمُ

قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الدَّالِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِهَا فَهُوَ مُثَلَّثُ الدَّالِ.

قَوْلُهُ: (بِحِنَّاءٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ مُذَكَّرٌ يَقْرَأُ بِالْهَمْزَةِ وَبِالْمَدِّ جَمْعُ وَاحِدِهِ حِنَّاءَةٌ بِالْمَدِّ أَيْضًا ق ل سُمِّيَتْ حِنَّاءٌ لِأَنَّهَا حَنَّتْ لِآدَمَ حِينَ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ، فَكَانَ كُلَّمَا أَخَذَ مِنْ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ وَرَقًا يَسْتَتِرُ بِهِ طَارَ عَنْهُ إلَّا وَرَقَ الْحِنَّاءِ. اهـ. م د وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَالِبُ الْمُفَسِّرِينَ، عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: ٢٢] أَنَّ الْوَرَقَ الْمَذْكُورَ وَرَقُ التِّينِ، وَقِيلَ وَرَقُ الْمَوْزِ. وَقَدْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِي أَسْئِلَتِهِ أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا نَزَلَ مِنْ الْجَنَّةِ نَزَلَ مَعَهُ أَرْبَعُ وَرَقَاتٍ مِنْ وَرَقِ التِّينِ سَتَرَ بِهَا عَوْرَتَهُ فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ جَاءَهُ جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ يُهَنِّئُونَهُ بِتَوْبَتِهِ، فَأَطْعَمَ الْغَزَالَ وَرَقَةً فَصَارَ مِنْهَا الْمِسْكُ، وَأَطْعَمَ وَرَقَةً لِبَقَرَةٍ مِنْ بَقَرِ الْبَحْرِ فَصَارَ مِنْهَا الْعَنْبَرُ، وَأَطْعَمَ وَرَقَةً لِلنَّحْلَةِ فَصَارَ مِنْهَا الْعَسَلُ وَالشَّمْعُ، وَأَطْعَمَ وَرَقَةً لِدُودِ الْقَزِّ فَصَارَ مِنْهَا الْحَرِيرُ وَذَلِكَ زِينَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: إنَّ أَغْصَانَ الْحِنَّاءِ تُبْرِئُ الْقُرُوحَ الَّتِي تَكُونُ فِي الْفَمِ، وَطَبِيخُهَا يُوضَعُ عَلَى حَرْقِ النَّارِ، وَزَهْرُهَا إذَا سُحِقَ بِخَلٍّ وَضُمِّدَ بِهِ الضَّارِبُ بَرِئَ أَيْ وَضَعَ عَلَى مَحِلِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) أَيْ كَزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ وَهُوَ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ فِي الْيَمَنِ.

قَوْلُهُ: (تَطْرِيفُ أَصَابِعِهَا) أَيْ خِضَابُ أَطْرَافِ أَصَابِعِهَا.

قَوْلُهُ: (وَتَصْفِيفُ شَعْرِ طُرَّتِهَا) أَيْ نَاصِيَتِهَا أَيْ تَسْوِيَةِ قُصَّتِهَا. قَوْلُهُ: (وَتَجْعِيدُ شَعْرِ صُدْغَيْهَا) أَيْ لَيُّهُ.

قَوْلُهُ: (وَتَدْقِيقُهُ بِالْحَفِّ) أَيْ التَّحْفِيفِ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتِحْدَادٍ) أَيْ نَتْفِ عَانَةٍ.

قَوْلُهُ: (أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْوَطْءِ) فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (الْمُتَضَمِّنِ) أَيْ الْإِزَالَةِ وَلَمْ يُؤَنَّثْ لِأَنَّ الْإِزَالَةَ اكْتَسَبَتْ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بِلَا تَرْجِيلٍ بِدَهْنٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِدَهْنٍ أَيْ يَحِلُّ بِمُجَرَّدِ تَسْرِيحِهِ بِلَا دَهْنٍ فَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ، أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ. وَلَوْ قَالَ: وَيَحِلُّ امْتِشَاطٌ بِلَا دَهْنٍ لَكَانَ أَخْصَرَ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) أَيْ التَّنْظِيفُ بِسِدْرٍ وَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ أَيْ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالزَّهْرِ قَوْلُهُ: (خُرُوجُ مُحَرَّمٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْحَمَّامُ فِي الْبَيْتِ أَوْ خَرَجَتْ لِاكْتِسَابِ نَفَقَةٍ فَعَدَلَتْ إلَيْهِ أَوْ احْتَاجَتْ لِدُخُولِ الْحَمَّامِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَلَغَتْهَا وَفَاةُ زَوْجِهَا إلَخْ) وَلَوْ نَكَحَتْ مَنْ غَابَ زَوْجُهَا فَبَانَ الزَّوْجُ مَيِّتًا فَبَانَ نِكَاحُهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي الْمُرْتَابَةِ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا شَكًّا فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ لِأَنَّ الشَّكَّ ثَمَّ لَيْسَ ظَاهِرًا فَهُوَ أَقْوَى أَمَّا إذَا بَانَ حَيًّا فَهِيَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>