للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنْقَضِيَةً وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا وَلَهَا إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ.

فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ لَمْ تَأْثَمْ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْدَادُ عَلَى قَرِيبِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ إنَّمَا شُرِعَ لِلنِّسَاءِ لِنَقْصِ عَقْلِهِنَّ، الْمُقْتَضِي عَدَمَ الصَّبْرِ

(وَ) يَجِبُ (عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) زَوْجُهَا (وَ) عَلَى (الْمَبْتُوتَةِ) أَيْ الْمَقْطُوعَةِ عَنْ النِّكَاحِ بِبَيْنُونَةٍ صُغْرَى أَوْ كُبْرَى إذْ الْبَتُّ الْقَطْعُ (مُلَازَمَةُ الْبَيْتِ) أَيْ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ مُسْتَحَقًّا لِلزَّوْجِ لَائِقًا بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَيْ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَضَافَهَا إلَيْهِنَّ لِلسُّكْنَى. {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ هِيَ أَنْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَكِنْ لَا يَتَمَتَّعُ بِهَا حَتَّى تَعْتَدَّ لِلثَّانِي لِأَنَّ وَطْأَهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِفَقْدِ الْعِلْمِ بِالصِّحَّةِ حَالَ الْعَقْدِ اهـ. شَرْحُ م ر وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ وَلَا عَلَيْهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَاطِنًا فِي الثَّانِي وَكَنُشُوزِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِنِكَاحِ الثَّانِي نَعَمْ إنْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَعَادَتْ لِمَنْزِلِ الْمَفْقُودِ وَعَلِمَ بِهَا وَجَبَتْ مِنْ حِينَئِذٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقِ ل عَلَى الْجَلَالِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَعَاشَ فَوْقَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ، فَتَبَيَّنَ وُقُوعُهُ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ لَمْ يُعَاشِرْهَا وَلَا إرْثَ لَهَا شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) : أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالصَّدِيقِ وَالصِّهْرِ أَيْ ابْنِ زَوْجِهَا أَوْ أَبِي زَوْجِهَا أَوْ أُمِّ زَوْجِهَا أَوْ مَمْلُوكًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ عَالِمًا أَوْ إمَامًا عَادِلًا أَوْ شُجَاعًا أَوْ كَرِيمًا. وَالضَّابِطُ: كُلُّ مَا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِجِنَازَتِهِ جَازَ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَعِبَارَةُ م ر وَلَهَا أَيْ لِلْمَرْأَةِ مُزَوَّجَةً أَوْ غَيْرَهَا إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ مِنْ الْمَوْتَى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ لَمْ تَأْثَمْ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ عَدَمَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ أَيْ الْإِحْدَادُ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا بِحَبْسِهَا أَيْ بِسَبَبِ حَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ فِي الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرُ، وَلِذَلِكَ تُسَنُّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ وَتَنْكَسِرُ بَعْدَهَا أَعْلَامُ الْحُزْنِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ أَيْ الْمُزَوَّجَةَ لَوْ مَنَعَهَا مِمَّا يُنْقِصُ تَمَتُّعَهُ حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ وَهَذَا جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ السَّالِفَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ، دُونَ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى تَحْزَنُ بِغَيْرِ تَغَيُّرِ مَلْبُوسٍ وَنَحْوِهِ ز ي مُلَخَّصًا عَنْ حَجّ قَالَ الْبُرُلُّسِيُّ وَقَدْ مَرَّ فِي التَّعْزِيَةِ اعْتِبَارُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الدَّفْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي هُنَا اعْتِبَارُهَا مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ عَلَى قِيَاسِ الْغَائِبِ فِي الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) أَيْ مُتَعَلِّقَ الْإِحْدَادِ وَهُوَ الزِّينَةُ وَالطِّيبِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمَبْتُوتَةِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَحِلُّ وِفَاقٍ، وَإِلَّا فَالرَّجْعِيَّةُ مِثْلُهَا إلَّا أَنَّ فِيهَا خِلَافًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

قَوْلُهُ: (بِبَيْنُونَةٍ صُغْرَى) كَالْخُلْعِ.

قَوْلُهُ: (مُلَازَمَةُ الْبَيْتِ) أَيْ الَّذِي فُورِقَتْ وَهِيَ فِيهِ أَوْ فِي طَرِيقِهِ بِقَصْدِ النَّقْلَةِ إلَيْهِ، بِأَنْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بَعْدَ خُرُوجِهَا.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ) أَيْ الْبَيْتُ قَوْلُهُ: (مُسْتَحَقًّا) أَيْ بِمِلْكٍ أَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ. قَوْلُهُ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ} [الطلاق: ١] هَذِهِ الْآيَةُ مَسُوقَةٌ فِي الْمُطَلَّقَاتِ، وَلَمْ يَأْتِ الشَّارِحُ بِدَلِيلٍ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَقَدْ اسْتَدَلَّ لَهَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخَبَرِ «فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ: فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. وَقَوْلُهُ: فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ أَيْ إلَى أَهْلِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِخِلَافِهِ أَمَرَهَا بِالْمُكْثِ فِي بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>