للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَإِثْبَاتُ التَّاءِ مَعَهُمَا لُغَةً اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ وَشَرْعًا اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي مَعِدَةِ طِفْلٍ أَوْ دِمَاغِهِ. وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَةُ وَالْخَبَرُ الْآتِيَانِ

وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: مُرْضِعٌ وَرَضِيعٌ وَلَبَنٌ، وَقَدْ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ) أَيْ الْآدَمِيَّةُ خَلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُزَوَّجَةً الْحَيَّةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْعِتْقِ لِلْمِلْكِ وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَعِبَارَةُ ز ي وَلِقُصُورِ الرَّضَاعِ عَنْ النَّسَبِ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ سِوَى الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ الْإِرْثِ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْعِدَّةِ لِلتَّحْرِيمِ فِي كُلٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْحُرْمَةُ فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ مُؤَبَّدَةٌ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ فِيهَا تَنْتَهِي بِانْتِهَائِهَا اهـ.

وَيَجُوزُ إبْدَالُ الضَّادِ تَاءً كَمَا قَالَهُ ع ش قَوْلُهُ: (وَإِثْبَاتُ التَّاءِ مَعَهُمَا) أَيْ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ بِأَنْ يُقَالَ: رَضَاعَةٌ قَالَ تَعَالَى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ) إذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرَهُ رَأَيْت الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَخَصَّ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَهُوَ خِلَافُ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَشُرْبِ لَبَنِهِ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لَبَنِ امْرَأَةٍ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا وَلَوْ مَخِيضًا وَشَمِلَ الزُّبْدَ وَالْجُبْنَ وَالْأَقِطَ وَالْقِشْطَةَ بِخِلَافِ السَّمْنِ الْخَالِصِ عَنْ اللَّبَنِ وَالْمَصْلِ وَدَخَلَ فِيهِ الْمُخْتَلِطُ بِنَحْوِ مَائِعٍ حَيْثُ بَقِيَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ، فَإِنْ شُرِبَ الْكُلَّ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْإِنْسِ أَوْ مِنْ الْجِنِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ التَّحْرِيمُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ أَوْ كَانَ ثَدْيُهَا أَوْ فَرْجُهَا فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ الْمَعْهُودِ.

قَوْلُهُ: (فِي مَعِدَةِ طِفْلٍ) أَيْ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ وَلَوْ كَانَ مِنْ جِرَاحَةٍ كَجَائِفَةٍ فِي بَطْنِهِ وَصَلَ مِنْهَا اللَّبَنُ إلَيْهَا، أَوْ دَامِغَةٍ فِي رَأْسِهِ وَصَلَ مِنْهَا اللَّبَنُ إلَى الدِّمَاغِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ دِمَاغِهِ) أَيْ كَأَنْ خُرِقَتْ رَأْسُهُ فَوَصَلَ مِنْ دِمَاغِهِ لِمِعْدَتِهِ فَيَضُرُّ التَّقْطِيرُ فِي الْأُذُنِ إنْ وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِلْ وَإِنْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ اهـ. شَيْخُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَا بِحُقْنَةٍ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّهَا لِإِسْهَالِ مَا انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغَذٍّ. وَمِثْلُهَا صَبُّهُ فِي أُذُنٍ أَوْ قُبُلٍ وَالثَّانِي يُحَرِّمُ كَمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِدَةً وَلَا دِمَاغًا بِخِلَافِهِ هُنَا. وَلِهَذَا لَمْ يَحْرُمْ تَقْطِيرٌ فِي أُذُنٍ أَوْ جِرَاحَةٍ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَةٍ اهـ. قَوْلُهُ: (الْآيَةَ وَالْخَبَرُ الْآتِيَيْنِ) كَذَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ وَصَوَابُهُ الْآتِيَانِ بِالْأَلِفِ لِأَنَّهُ مُثَنَّى مَرْفُوعٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُ النَّعْتِ عَنْ التَّبَعِيَّةِ إلَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بِدُونِ ذِكْرِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ:

وَاقْطَعْ أَوْ اتْبَعْ إنْ يَكُنْ مُعَيَّنًا ... بِدُونِهَا أَوْ بَعْضِهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا

قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ) لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ قَالَ: وَإِذَا ارْتَضَعَ وَلَدٌ لَكَانَ أَوْلَى وَأَنْسَبَ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ ارْتَضَعَ عَلَى امْرَأَةٍ نَائِمَةٍ وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا لَوْ قَالَ: وَإِذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ أُوجِرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى وُصُولِ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِ الطِّفْلِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ سَوَاءٌ أَكَانَ بِفِعْلٍ أَوْ لَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، وَانْظُرْ انْفِصَالَهُ مِنْ الْمُرْضِعَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ أَوْ لَا اهـ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى التُّحْفَةِ: فَرْعٌ لَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ، بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْقِيَاسَ الثَّانِي وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ ثَدْيٍ زَائِدٍ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ يُفَصَّلُ فِيهِ سم عَلَى حَجّ؟

أَقُولُ: الْقِيَاسُ الثَّانِي أَيْضًا إنْ قُلْنَا: الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ لَا يُحَرِّمُ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: بِالتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْقِيَاسُ حَيْثُ خَرَجَ مُسْتَحْكَمًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِيهِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَقَوْلُ سم أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ أَيْ وَهُوَ إنْ خَرَجَ مُسْتَحْكَمًا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ خُرُوجُهُ عَلَى مَرَضٍ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا. وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ انْخَرَقَ ثَدْيُهَا وَخَرَجَ مِنْهُ اللَّبَنُ فَلَا يُقَالُ: فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ بَلْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مَنِيُّهُ، حَيَّتْ قَالُوا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِيهِ اهـ. ع ش وَإِنْ خُلِقَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَدْيَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>