للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً حَالَ انْفِصَالِ لَبَنِهَا بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ قَمَرِيَّةً تَقْرِيبًا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا بِذَلِكَ. (بِلَبَنِهَا) وَلَوْ مُتَغَيِّرًا عَنْ هَيْئَةِ انْفِصَالِهِ عَنْ الثَّدْيِ بِحُمُوضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ أَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَلَدًا صَارَ الرَّضِيعُ وَلَدُهَا) مِنْ الرَّضَاعِ فَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: أَحَدُهَا الرَّجُلُ فَلَا تَثْبُتُ حُرْمَةٌ بِلَبَنِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّا لِلتَّغْذِيَةِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ التَّحْرِيمُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ وَلِفَرْعِهِ نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيُّ. ثَانِيهَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ، وَالْمَذْهَبُ تَوَقُّفُهُ إلَى الْبَيَانِ فَإِنْ بَانَتْ أُنُوثَتُهُ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ فَلِلرَّضِيعِ نِكَاحُ أُمِّ الْخُنْثَى وَنَحْوِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي.

ثَالِثُهَا: الْبَهِيمَةُ فَلَوْ ارْتَضَعَ صَغِيرَانِ مِنْ شَاةٍ مَثَلًا لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ فَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمَا لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ. وَخَرَجَ بِآدَمِيَّةٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا بَدَلَ الْمَرْأَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ لَكَانَ أَوْلَى الْجِنِّيَّةُ إنْ تُصُوِّرَ إرْضَاعُهَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ مُنَاكَحَتِهِمْ، وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الرَّضَاعَ تِلْوَ النَّسَبِ بِدَلِيلِ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَاَللَّهُ تَعَالَى قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَبِالْحَيَّةِ لَبَنَ الْمَيِّتَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ مِنْ لَبَنِ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةُ كَالْبَهِيمَةِ، خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. وَبِاسْتِكْمَالِ تِسْعِ سِنِينَ تَقْرِيبًا مَا لَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَاشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ حَرَّمَ الشُّرْبُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (خَلِيَّةً كَانَتْ إلَخْ) وَلَوْ بِكْرًا نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ قَوْلُهُ: (حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَصِلْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيْهَا بِمَرَضٍ حَرَّمَ لَبَنُهَا أَوْ بِجِرَاحَةٍ فَلَا ق ل. قَوْلُهُ: (بَلَغَتْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: الَّتِي بَلَغَتْ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالًا بِتَقْدِيرِ قَدْ.

قَوْلُهُ: (تَقْرِيبًا) لَوْ قَالَ: تَقْرِيبِيَّةً لَكَانَ أَنْسَبَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فِي الْحَيْضِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ اللَّبَنُ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا وَهُوَ دُونَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ق ل.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا بِذَلِكَ) لِأَنَّ بُلُوغَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْحَيْضِ أَوْ الِاحْتِلَامِ أَوْ بُلُوغِ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (بِلَبَنِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: بِلَبَنِهَا كَمَا فَعَلَ فِي سَابِقِهِ وَلَاحِقِهِ وَاسْتَوْجَهَ سم دُخُولَ السَّمْنِ لِأَنَّ فِيهِ دُسُومَةَ اللَّبَنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُتَغَيِّرًا عَنْ هَيْئَةِ انْفِصَالِهِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ بِلَبَنِهَا وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ عِبَارَةَ مَنْ قَالَ: وَإِذَا وَصَلَ لِلْإِيضَاحِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُسَمَّى رَضِيعًا كَمَا يُسَمَّى مُرْضَعًا بِفَتْحِ الضَّادِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَأُخْتِهِ قَوْلُهُ: (الْجِنِّيَّةُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَبَنَ الْجِنِّيَّةِ يُحَرِّمُ فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْأَوْلَى وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ: لِلْجِنِّيَّةِ امْرَأَةٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ النَّقِيبِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهَا امْرَأَةٌ حَيْثُ قَالَ: عَدَلَ الْمِنْهَاجُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ أُنْثَى إلَى امْرَأَةٍ لِيُخْرِجَ الْجِنِّيَّةَ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَاسْمٌ لِلْإِنَاثِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ وَكَذَا الرِّجَالُ وَإِنَّمَا أُطْلِقَ عَلَى الْجِنِّ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ} [الجن: ٦] إلَخْ لِلْمُقَابَلَةِ ح ل وَقَوْلُهُ: الْجِنِّيَّةُ فَاعِلُ خَرَجَ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ عِنْدَ الشَّارِحِ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر وَأَتْبَاعُهُ، صِحَّةُ مُنَاكَحَتِهِمْ أَيْ الْجِنِّ، فَلَبَنُ الْجِنِّيَّةِ يُحَرِّمُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ أَوْ كَانَ ثَدْيُهَا أَوْ فَرْجُهَا فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ الْمَعْهُودِ ق ل قَوْلُهُ: (تِلْوَ) أَيْ تَابِعٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: (قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أَيْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: ٧٢] قَوْلُهُ: (وَبِالْحَيَّةِ) أَيْ وَبِلَبَنِ الْحَيَّةِ إلَخْ قَوْلُهُ: (مُنْفَكَّةٍ إلَخْ) : أَيْ غَيْرِ مُكَلَّفَةٍ وَلَا تَرِدُ الصَّغِيرَةُ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَتُؤْمَرُ بِالْعِبَادَاتِ كَالْبَالِغَةِ اهـ. وَكَتَبَ ح ل أَيْ صَارَتْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ وَلَا يُمْكِنُ عَوْدُ التَّكْلِيفِ إلَيْهَا عَادَةً فَلَا تَرِدُ الْمَجْنُونَةُ، وَقَالَ س ل: كَانَ الْمُرَادُ عَنْ الْحِلِّ لَهَا وَالْحُرْمَةِ عَلَيْهَا أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حِلُّ شَيْءٍ، وَلَا حُرْمَتُهُ لِخُرُوجِهَا عَنْ صَلَاحِيَّةِ الْخِطَابِ كَالْبَهِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ فِي لَبَنِ الْمَيِّتَةِ، حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ يُحَرِّمُ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَمُوتُ كَلَبَنٍ مَوْضُوعٍ فِي ظَرْفٍ نَجِسٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ عِنْدَهُمْ يُنَجَّسُ بِالْمَوْتِ. وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَبِأَنَّ اللَّبَنَ ضَعُفَتْ حُرْمَتُهُ بِمَوْتِ أَصْلِهِ أَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>