للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الرَّضِيعِ إلَى أَوْلَادِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ النَّسَبِ أَمْ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا تَسْرِي الْحُرْمَةُ إلَى آبَائِهِ وَإِخْوَتِهِ فَلِأَبِيهِ وَأَخِيهِ نِكَاحُ الْمُرْضِعَةِ وَبَنَاتِهَا.

وَلِزَوْجِ الْمُرْضِعَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ الطِّفْلِ وَأُخْتِهِ وَيَصِيرُ آبَاءُ الْمُرْضِعَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَجْدَادًا لِلرَّضِيعِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَنْتَشِرُ إلَى أُصُولِهَا وَتَصِيرُ أُمَّهَاتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ جَدَّاتِهِ لِمَا مَرَّ وَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَنْتَشِرُ إلَى فُرُوعِهَا وَتَصِيرُ إخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْرِي إلَى حَوَاشِيهَا. وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُرْضَعِ) بِفَتْحِ الضَّادِ اسْمُ مَفْعُولٍ. (التَّزْوِيجُ إلَيْهَا) أَيْ الْمُرْضِعَةِ لِأَنَّهَا أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.

(وَ) تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ مِنْهَا. (إلَى كُلِّ مَنْ نَاسَبَهَا) أَيْ مَنْ انْتَسَبَتْ إلَيْهِ مِنْ الْأُصُولِ أَوْ انْتَسَبَ إلَيْهِ مِنْ الْفُرُوعِ. تَنْبِيهٌ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَى كُلِّ مَنْ تَنْتَمِي إلَيْهِ أَوْ يَنْتَمِي إلَيْهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِمَا مَرَّ مِنْ الضَّابِطِ.

(وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمُرْضِعَةِ (التَّزْوِيجُ إلَيْهِ) أَيْ الرَّضِيعِ لِأَنَّهُ وَلَدُهَا وَهَذَا مَعْلُومٌ. لَكِنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَوْضِيحًا لِلْمُبْتَدِي لِيُفِيدَهُ أَنَّ الْحُرْمَةَ الْمُنْتَشِرَةَ مِنْهَا لَيْسَتْ كَالْحُرْمَةِ الْمُنْتَشِرَةِ مِنْهُ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ الَّتِي مِنْهَا مُنْتَشِرَةٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَالْحُرْمَةَ الَّتِي مِنْهُ مُنْتَشِرَةٌ إلَيْهِ. (وَ) إلَى (وَلَدِهِ) الذَّكَرِ وَإِنْ سَفَلَ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِأَنَّهُمْ أَحْفَادُهُمَا، (دُونَ مَنْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِ) أَيْ الرَّضِيعِ كَأَخِيهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَزْوِيجُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَنْتَشِرُ إلَى حَوَاشِيهِ.

وَعَطَفَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمَنْفِيَّةِ قَوْلَهُ: (أَوْ أَعْلَى) أَيْ وَدُونَ مَنْ كَانَ أَعْلَى (طَبَقَةً مِنْهُ) أَيْ الرَّضِيعِ كَآبَائِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَزْوِيجُ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَنْتَشِرُ إلَى آبَائِهِ وَتَقَدَّمَ فِي فَصْلِ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ فَارْجِعْ إلَيْهِ. تَتِمَّةٌ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُ مُسْتَوْلَدَاتٍ، أَوْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ دَخَلَ بِهِنَّ وَأَمُّ وَلَدٍ فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةٍ وَلَوْ مُتَوَالِيًا صَارَ ابْنَهُ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ فَيُحَرَّمْنَ عَلَى الطِّفْلِ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوآت أَبِيهِ، وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بَدَلَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ بَنَاتٌ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اللَّبَنِ فَسَرَى عَلَيْهِ مِنْ عِبَارَةِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ) أَعَادَهُ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ: سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ نَسَبٍ أَمْ رَضَاعٍ.

قَوْلُهُ: (التَّزْوِيجُ إلَيْهَا) أَيْ التَّزَوُّجُ. قَوْلُهُ: (كَانَ الْأَوْلَى) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمِنْ نَاسَبَهَا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا نَسَبٌ فَإِنْ أُرِيدَ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا انْتِسَابٌ شَمِلَ مَا كَانَ مِنْ الرَّضَاعِ فَسَاوَى الِانْتِمَاءَ الْمَذْكُورَ فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (الذَّكَرِ) لَيْسَ قَيْدًا إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ كَلَامِ الْمَتْنِ وَهُوَ تَزْوِيجُ الْمُرْضِعَةِ بِهِ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَكَرًا، وَأَمَّا الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ بُنُوَّةُ الرَّضَاعِ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا.

قَوْلُهُ: (وَعَطَفَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْجُمْلَةِ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْجُمْلَةِ الشَّبِيهُ بِالْجُمْلَةِ وَهُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ وَأَرَادَ بِالْمَنْفِيَّةِ كَوْنَهَا فِي حَيِّزٍ دُونٍ لِأَنَّ أَعْلَى مَعْطُوفٌ عَلَى فِي دَرَجَتِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فَكَانَ إمَّا زَائِدَةٌ أَوْ تَامَّةٌ بِمَعْنَى وَجَدَ ق ل.

قُلْت: لَا دَاعِيَ إلَى زِيَادَةِ كَانَ وَلَا إلَى تَمَامِهَا اهـ. م د وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْعَطْفُ عَلَى قَوْلِهِ: كَانَ فِي دَرَجَتِهِ وَهُوَ جُمْلَةُ قَوْلِهِ: (أَوْ أَعْلَى) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِي دَرَجَتِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَحِلِّهِ، لِأَنَّ مَحِلَّهُ نَصْبُ خَبَرِ كَانَ وَطَبَقَةً مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَالتَّقْدِيرُ أَوْ دُونَ مَنْ كَانَتْ طَبَقَتُهُ أَعْلَى مِنْهُ فَحَذَفَ الْمُضَافَ، وَهُوَ طَبَقَةٌ وَأُقِيمَ الضَّمِيرُ مَقَامَهُ فَانْفَصَلَ، وَصَارَ ضَمِيرَ رَفْعٍ مُنْفَصِلٍ مُسْتَتِرٍ، فَصَارَ أَوْ دُونَ مَنْ كَانَ هُوَ أَعْلَى فَانْبَهَمَتْ النِّسْبَةُ فَأَتَى بِالْمُضَافِ وَجُعِلَ تَمْيِيزًا قَوْلُهُ: (أَحَدِ أَبَوَيْهِ) الْمُنَاسِبُ أَحَدِ آبَائِهِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْأَبَوَيْنِ هُنَا الْأَبُ وَالْأُمُّ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ فِي فَصْلِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَنْ يُحَرِّمُ لِكَوْنِهِ تَقَدَّمَ وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْرِيمُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (صَارَ ابْنَهُ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّضِيعِ كُلُّ مَنْ يَنْتَمِي إلَى الرَّجُلِ مِنْ أُصُولٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>