للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّبَنِ فِي فَمِهِ وَعَادَ فِي الْحَالِ لَمْ يَتَعَدَّدْ بَلْ الْكُلُّ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ طَالَ لَهْوُهُ، أَوْ نَوْمُهُ، فَإِنْ كَانَ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ فَرَضْعَةٌ وَإِلَّا فَرَضْعَتَانِ وَلَوْ تَحَوَّلَ الرَّضِيعُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِتَحْوِيلِ الْمُرْضِعَةِ فِي الْحَالِ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ ثُمَّ عَادَتْ لَمْ يَتَعَدَّدْ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَتَحَوَّلْ فِي الْحَالِ تَعَدَّدَ الْإِرْضَاعُ.

وَلَوْ حُلِبَ مِنْهَا لَبَنٌ دَفْعَةً وَوَصَلَ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ أَوْ دِمَاغِهِ بِإِيجَارٍ أَوْ إسْعَاطٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ أَوْ حُلِبَ مِنْهَا خَمْسًا وَأَوْجَرَهُ الرَّضِيعُ دَفْعَةً، فَرَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ اعْتِبَارًا فِي الْأُولَى بِحَالَةِ الِانْفِصَالِ مِنْ الثَّدْيِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِحَالَةِ وُصُولِهِ إلَى جَوْفِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً.

وَلَوْ شُكَّ فِي رَضِيعٍ هَلْ رَضَعَ خَمْسًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ هَلْ رَضَعَ فِي حَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُمَا فَلَا تَحْرِيمَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ذُكِرَ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: وُصُولُ اللَّبَنِ فِي الْخَمْسِ إلَى الْمَعِدَةِ فَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَلَا تَحْرِيمَ، وَلَوْ وَصَلَ إلَيْهَا وَتَقَايَأَهُ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ. وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: كَوْنُ الطِّفْلِ حَيًّا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَلَا أَثَرَ لِلْوُصُولِ إلَى مَعِدَةِ الْمَيِّتِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَنْتَشِرُ مِنْ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ إلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا، وَمِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ فَقَطْ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ وَوَجَدْت الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ فَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ بِذَلِكَ أُمَّهُ. (وَيَصِيرُ زَوْجُهَا) الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (أَبًا لَهُ) لِأَنَّ الرَّضَاعَ تَابِعٌ لِلنَّسَبِ أَمَّا مَنْ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ الْوَلَدُ كَالزَّانِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَتَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْتَهَى طَوِيلًا فَإِنْ بَقِيَ الثَّدْيُ بِفَمِهِ لَمْ يَتَعَدَّدْ وَإِلَّا تَعَدَّدَ شَرْحُ م ر. وَيُعْتَبَرُ التَّعَدُّدُ فِي أَكْلِ نَحْوِ الْجُبْنِ بِنَظِيرِ مَا تَقَرَّرَ فِي اللَّبَنِ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَدْيٍ إلَخْ) الْأَوْلَى مِنْ ثَدْيِهَا إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى إلَى ثَدْيِ امْرَأَةٍ أُخْرَى.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ) أَيْ وَطَالَ الزَّمَنُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ لِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِإِيجَارٍ أَوْ إسْعَاطٍ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَالْإِيجَارُ لِلْجَوْفِ وَالْإِسْعَاطُ لِلدِّمَاغِ أَيْ إسْعَاطٌ مِنْ أَنْفِهِ.

قَوْلُهُ: (فَرَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ) فَالشَّرْطُ أَنْ تَكُونَ خَمْسًا انْفِصَالًا وَوُصُولًا كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُكَّ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، فَيَشْمَلُ الظَّنَّ كَالنِّسَاءِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْضَاعِ كُلٍّ أَوْلَادَ غَيْرِهَا، وَعَلِمْت كُلٌّ مِنْهُنَّ الْإِرْضَاعَ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ خَمْسًا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا فَلَوْ شُكَّ هَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَةٍ رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ أَوْ لَا؟ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ وَلَا تَنْقُضُ وُضُوءَهُ لِأَنَّا لَا نُنْقِضُ بِالشَّكِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. نَقْلًا عَنْ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ) أَيْ فَلَا يَتَزَوَّجُ بِهَا لَكِنْ لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا جَازَ وَلَا تَنْقُضُ وُضُوءَهُ.

قَوْلُهُ: (وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ وُصُولُ اللَّبَنِ فِي الْخَمْسِ إلَى الْمَعِدَةِ) أَيْ أَوْ الدِّمَاغِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ لَا إلَى مَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ. فَإِذَا دَخَلَ فِي الْأُذُنِ حَرَّمَ إنْ وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ وَصَلَ إلَى مَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ فَلَا يُحَرِّمُ، نَعَمْ الْحُقْنَةُ لَا تُحَرِّمُ مَا وَصَلَ بِهَا مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَعِدَةَ وَالدِّمَاغَ، هُمَا الْمُرَادُ بِالْجَوْفِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ) إنْ قُلْت: لَا فَائِدَةَ لِهَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا: وُصُولُ اللَّبَنِ إلَى مَعِدَةِ الْمَيِّتِ يُؤَثِّرُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَنْتَشِرُ إلَّا إلَى فُرُوعِهِ وَلَيْسَ لَهُ فُرُوعٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِالتَّأْثِيرِ وَكَانَ لَهُ زَوْجَةٌ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ التَّزَوُّجُ بِهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَبُوهُ زَوَّجَهُ الْمُرْضِعَةَ وَقُلْنَا: إرْضَاعُهُ يُحَرِّمُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا وَتَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُرْمَةَ) شُرُوعٌ فِي حُرْمَةِ الرَّضَاعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُرْضِعَةِ وَالرَّضِيعِ وَالْفَحْلِ. وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

وَيَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ مِنْ مُرْضِعٍ إلَى ... أُصُولِ فُصُولٍ وَالْحَوَاشِي مِنْ الْوَسَطِ

وَمِمَّنْ لَهُ دَرٌّ إلَى هَذِهِ وَمِنْ ... رَضِيعٍ إلَى مَا كَانَ مِنْ فَرْعِهِ فَقَطْ

قَوْلُهُ: (إلَى أُصُولِهِمَا) سَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالزَّوْجِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ الْوَلَدُ فَهُوَ صَاحِبُ اللَّبَنِ وَيُسَمَّى أَبًا سَوَاءٌ كَانَ زَوْجًا أَوْ وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: زَوْجَهَا وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ لَوْ قَالَ: وَيَصِيرُ صَاحِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>