للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِيهِ عَلَى إرْضَاعِهِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] وَإِذَا امْتَنَعَتْ حَصَلَ التَّعَاسُرُ فَإِنْ رَغِبَتْ فِي إرْضَاعِهِ وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِي الرَّضِيعِ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا، كَمَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْوَلَدِ لِأَنَّهَا عَلَيْهِ أَشْفَقُ وَلَبَنَهَا لَهُ أَصْلَحُ، وَلَا تُزَادُ نَفَقَتُهَا لِلْإِرْضَاعِ وَإِنْ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ الْغِذَاءِ لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ وَحَاجَتِهَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ. وَهُمَا نَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ بِقَوْلِهِ: (وَنَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ وَاجِبَةٌ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ) أَمَّا الرَّقِيقُ فَلِخَبَرِ: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» فَيَكْفِيهِ طَعَامًا وَأُدْمًا وَتُعْتَبَرُ كِفَايَتُهُ فِي نَفْسِهِ زَهَادَةً وَرَغْبَةً وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ غَالِبًا وَعَلَيْهِ كِفَايَتُهُ كِسْوَةً وَكَذَا سَائِرُ مُؤَنِهِ وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ شِرَاءُ مَاءِ طَهَارَتِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ. وَكَذَا شِرَاءُ تُرَابِ تَيَمُّمِهِ إنْ احْتَاجَهُ وَنَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى وُجُوبِ إشْبَاعِهِ. وَإِنْ كَانَ رَقِيقُهُ كَسُوبًا أَوْ مُسْتَحِقًّا مَنَافِعَهُ بِوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَعْمَى زَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً وَمُسْتَأْجَرًا وَمُعَارًا وَآبِقًا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِرْضَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَشْغَالِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ) غَايَةٌ فِي عَدَمِ إجْبَارِ الْأُمِّ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِي الرَّضِيعِ) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُفَارَقَةً مِنْهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنُوفِيِّ الْكَبِيرِ فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ غَيْرِ أَبِيهِ فَلَهُ أَيْ لِغَيْرِ أَبِيهِ مَنْعُهَا، أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَأْجَرَةً لِإِرْضَاعِهِ قَبْلَ نِكَاحِهِ، كَمَا قَالَهُ ق ل وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا) أَيْ إذَا اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ الْأُجْرَةِ أَوْ فِي طَلَبِهَا فَإِنْ تَبَرَّعَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ دُونَ الْأُمِّ أَوْ كَانَ مَا طَلَبَتْهُ الْأَجْنَبِيَّةُ دُونَ مَا طَلَبَتْهُ الْأُمُّ فَلِلْأَبِ مَنْعُ الْأُمِّ ق ل. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ، فَإِنْ رَغِبَتْ فِي إرْضَاعِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ أَبِيهِ فَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُهَا، وَخَرَجَ بِأَبِيهِ غَيْرُهُ كَأَنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ غَيْرِ أَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا، لَا إنْ طَلَبَتْ لِإِرْضَاعِهِ فَوْقَ أُجْرَةِ مِثْلٍ أَوْ تَبَرَّعَتْ بِإِرْضَاعِهِ أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ دُونِهَا أَيْ دُونَ الْأُمِّ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٢٣٣] اهـ. وَقَوْلُهُ بِأَبِيهِ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: فَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُهَا وَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الزَّوْجُ الْآخَرُ وَالسَّيِّدُ فَقَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَتْ إلَخْ أَيْ وَكَأَنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةَ غَيْرِ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ أَيْ لِغَيْرِ الْأَبِ مَنْعُهَا أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَأْجَرَةً لِإِرْضَاعِهِ قَبْلَ نِكَاحِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَبَرَّعَتْ بِإِرْضَاعِهِ أَجْنَبِيَّةٌ فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهَا فَلِلْأَبِ انْتِزَاعُهُ مِنْ أُمِّهِ وَدَفْعُهُ لِلْمُتَبَرِّعَةِ وَمِثْلُهَا الرَّاضِيَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِهَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الْمُتَبَرِّعَةِ أَوْ الرَّاضِيَةِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَقَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ أَيْ حَيْثُ كَانَ لَبَنُ الْأَجْنَبِيَّةِ يَمْرِي عَلَيْهِ وَإِلَّا أُجِيبَتْ الْأُمُّ بِلَا خِلَافٍ وَالْمُجَابُ السَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ مُطْلَقًا اهـ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا عَلَيْهِ أَشْفَقُ) فَإِنْ قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْأُمَّ أَشْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْأَبِ وَهُوَ خُلِقَ مِنْ مَائِهِمَا. فَالْجَوَابُ أَنَّ مَاءَ الْأُمِّ مِنْ قُدَّامِهَا مِنْ بَيْنِ تَرَائِبِهَا قَرِيبًا مِنْ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الشَّفَقَةِ وَمَحِلُّ الْمَحَبَّةِ وَالْأَبُ يَخْرُجُ مَاؤُهُ مِنْ وَرَاءِ ظُهْرِهِ مِنْ الصُّلْبِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إلَى الْأَبِ دُونَ الْأُمِّ. قِيلَ: لِأَنَّ مَاءَ الْأُمِّ يُخْلَقُ مِنْهُ الْحُسْنُ فِي الْوَلَدِ وَالسِّمَنُ وَالْهُزَالُ وَالشَّعْرُ وَاللَّحْمُ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تَدُومُ فِي الْوَلَدِ بَلْ تَزُولُ أَوْ تَتَغَيَّرُ وَتَذْهَبُ وَمَاءُ الرَّجُلِ يُخْلَقُ مِنْهُ الْعَظْمُ وَالْعَصَبُ وَالْعُرُوقُ وَالْمَفَاصِلُ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَمْ تُفَارِقْهُ إلَى أَنْ يَفْنَى.

قَوْلُهُ: (وَلَا تُزَادُ نَفَقَتُهَا لِلْإِرْضَاعِ) أَيْ لَا تُزَادُ نَفَقَتُهَا الَّتِي تَسْتَحِقُّهَا بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ لِأَجْلِ الْإِرْضَاعِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَحِقُّ فِي مُقَابَلَتِهِ أُجْرَةً، لَا مُؤْنَةً.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا شِرَاءُ مَاءِ طَهَارَتِهِ أَيْ رَقِيقِهِ وَإِنْ تَعَدَّى بِنَقْضِهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إبْدَالُ النَّفَقَةِ وَإِنْ أَتْلَفَهَا عَمْدًا وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ لَهُ تَأْدِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ رَقِيقُهُ كَسُوبًا) غَايُهُ قَوْلِهِ: (أَوْ مُسْتَحِقًّا مَنَافِعَهُ بِوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ أَوْ كَانَ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ بِرِدَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ عِصْمَتُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَرِيبِ الْمُرْتَدِّ لِاشْتِرَاطِ عِصْمَةِ الْقَرِيبِ بِتَمَكُّنِهِ مِنْ إخْرَاجِ الرَّقِيقِ عَنْ مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْقَرِيبِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) كَهِبَةٍ بِأَنْ وَهَبَ مَنَافِعَهُ لِشَخْصٍ.

قَوْلُهُ: (وَمُعَارًا) أَوْ مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ بِرِدَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِي الْجَمِيعِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>