للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَدْبًا) بَيْنَ أَبَوَيْهِ إنْ صَلَحَا لِلْحَضَانَةِ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ، وَلَوْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ دِينًا، أَوْ مَالًا أَوْ مَحَبَّةً.

(فَأَيُّهُمَا اخْتَارَهُ سُلِّمَ إلَيْهِ) " لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» .

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَالْغُلَامَةُ كَالْغُلَامِ فِي الِانْتِسَابِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصِدَ بِالْكَفَالَةِ الْحِفْظُ لِلْوَلَدِ، وَالْمُمَيِّزُ أَعْرَفُ بِحِفْظِهِ فَيُرْجَعُ إلَيْهِ.

وَسِنُّ التَّمْيِيزِ غَالِبًا سَبْعُ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانٍ تَقْرِيبًا وَقَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَى السَّبْعِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ الثَّمَانِ.

فَمَدَارُهُ عَلَيْهِ لَا عَلَى السِّنِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُعْتَبَرُ فِي تَمْيِيزِهِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ.

وَإِلَّا أُخِّرَ إلَى حُصُولِ ذَلِكَ وَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي وَيُخَيَّرُ أَيْضًا بَيْنَ أُمٍّ وَإِنْ عَلَتْ وَجَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاشِي كَأَخٍ، أَوْ عَمٍّ، أَوْ ابْنِهِ كَالْأَبِ بِجَامِعِ الْعُصُوبَةِ كَمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبٍ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أَبٍ، أَوْ خَالَةٍ كَالْأُمِّ وَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا تَحَوُّلٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي مَحَلٍّ لَوْ كَانَ أُنْثَى تَقَدَّمَ عَلَيْهِ شَرْحُ الرَّوْضِ. فَلَوْ كَانَ لِلْمَحْضُونِ أَخَوَانِ ذَكَرٌ وَخُنْثَى جُعِلَ الْخُنْثَى كَالذَّكَرِ فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُجْعَلُ كَالْأُنْثَى حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى الذَّكَرِ بِدُونِ قُرْعَةٍ، وَقَوْلُهُ: " صُدِّقَ بِيَمِينِهِ " أَيْ فَيُقَدَّمُ عَلَى الذَّكَرِ عَلَى غَيْرِ قُرْعَةٍ لِثُبُوتِ أُنُوثَتِهِ بِيَمِينِهِ وَانْظُرْ هَلَّا قَالَ الشَّارِحُ: فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَمَا نُكْتَةُ الْإِظْهَارِ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ.؟

قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُمَيِّزُ) وَهُوَ مَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ، وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَبْعِ سِنِينَ، ق ل.

وَقَبْلَ التَّمْيِيزِ يَبْقَى عِنْدَ مَنْ هُوَ عِنْدَهُ. اهـ. شَيْخُنَا.

زَادَ فِي الْمَنْهَجِ إنْ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ: حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ فِي نِكَاحِ الْأَبِ وَلَا يَأْتِيهَا إلَّا أَحْيَانًا كَانَ كَمَا لَوْ افْتَرَقَا فِي التَّخْيِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش.

وَلِهَذَا أَسْقَطَهُ الشَّارِحُ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (إنْ صَلَحَا) فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ إلَّا أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ فَلَا يُخَيَّرُ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ دِينًا) أَيْ بِأَنْ كَانَا عَدْلَيْنِ لَكِنَّ أَحَدَهُمَا أَرْجَحُ عَدَالَةً لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْفَاسِقَ لَا حَضَانَةَ لَهُ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَعْدَلَ فِي دِينِهِ، وَيُقَدَّمُ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ عَلَى الْآخَرِ، إنْ كَانَ حَرْبِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.

قَوْلُهُ: (فَأَيُّهُمَا) مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ " اخْتَارَ " صِلَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ " اخْتَارَهُ " وَجُمْلَةُ " سُلِّمَ " خَبَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَخْيِيرُ الْوَلَدِ، وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَبْلَ التَّخْيِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ فَلَوْ امْتَنَعَ الْمُخْتَارُ كَذَلِكَ كَفَلَهُ الْآخَرُ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا أُعِيدَ التَّخْيِيرُ، وَإِنْ امْتَنَعَ وَبَعْدَهُمَا مُسْتَحِقَّانِ لَهَا كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَيْهَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَفَالَةِ، شَرْحَ م ر.

قَوْلُهُ: (خَيَّرَ غُلَامًا) ، وَإِنَّمَا يُدْعَى عُرْفًا بِالْغُلَامِ الْمُمَيِّزِ فَصَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ وَمِثْلُهُ الْغُلَامَةُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْغُلَامُ الِابْنُ الصَّغِيرُ ثُمَّ قَالَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَسَمِعْت الْعَرَبَ تَقُولُ لِلْمَوْلُودِ حِينَ يُولَدُ ذَكَرًا غُلَامٌ فَلَمْ يُخَصِّصُوا الْغُلَامَ بِالْمُمَيِّزِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فِي الِانْتِسَابِ) صَوَابُهُ فِي التَّخْيِيرِ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: فِي الِانْتِسَابِ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ فِيمَا إذَا وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ. وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ.

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَائِفٌ، أَوْ تَحَيَّرَ، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا انْتَسَبَ بَعْدَ كَمَالِهِ لِمَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَتَقَدَّمُ) أَيْ التَّمْيِيزُ عَلَى السَّبْعِ إلَخْ، وَظَاهِرُ إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِالتَّمْيِيزِ، أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بُلُوغِهِ سَبْعَ سِنِينَ وَأَنَّهُ إذَا جَاوَزَهَا بِلَا تَمْيِيزٍ بَقِيَ عِنْدَ أُمِّهِ وَالثَّانِي ظَاهِرٌ.

، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي كَوْنِهِ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ السَّبْعِ، وَإِنْ مَيَّزَ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ فَخُفِّفَ عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ السَّبْعَ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا فِيهِ صَلَاحُ نَفْسِهِ وَعَدَمُهُ فَيُقَيَّدُ بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ السَّبْعَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَمَدَارُهُ) أَيْ التَّخْيِيرِ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ التَّمْيِيزِ قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ فِي تَمْيِيزِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي حَدِّ التَّمْيِيزِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِي تَخْيِيرِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ " فِي " بِمَعْنَى " مَعَ " قَوْلُهُ: (بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ) وَهِيَ الدِّينُ وَالْمَحَبَّةُ وَكَثْرَةُ الْمَالِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الْمَيْلَ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (إلَى حُصُولِ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَيْ حُصُولُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَيُخَيَّرُ) أَيْ الْمُمَيِّزُ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ أَيْضًا بَيْنَ أُمٍّ، وَإِنْ عَلَتْ وَجَدٍّ، وَإِنْ عَلَا م د وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ: يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ لَيْسَ قَيْدًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بَعْدَ فَقْدِ الْجَدِّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْحَوَاشِي) أَيْ الذُّكُورِ مِنْ الْعَصَبَاتِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: بِجَامِعِ الْعُصُوبَةِ ع ش.

قَوْلُهُ: (كَمَا يُخَيَّرُ) حَيْثُ لَا أُمَّ بَيْنَ أَبٍ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أَبٍ وَلَوْ لِأُمٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>