للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْآخَرِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ.

قِيلَ: نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ سَبَبَ تَكَرُّرِهِ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ تُرِكَ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ قَبْلَ التَّمْيِيزِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ ذَكَرٌ لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةَ أُمِّهِ، وَلَا يُكَلِّفُهَا الْخُرُوجَ لِزِيَارَتِهِ لِئَلَّا يَكُونَ سَاعِيًا فِي الْعُقُوقِ وَقَطْعِ الرَّحِمِ.

وَهُوَ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهَلْ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، أَوْ الِاسْتِحْبَابِ؟ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ، وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ الْأَوَّلُ.

وَيَمْنَعُ الْأَبُ أُنْثَى إذَا اخْتَارَتْهُ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا لِتَأْلَفَ الصِّيَانَةَ وَعَدَمَ الْبُرُوزِ.

وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِزِيَارَتِهَا وَلَا تُمْنَعُ الْأُمُّ زِيَارَةَ وَلَدَيْهَا عَلَى الْعَادَةِ كَيَوْمٍ فِي أَيَّامٍ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ دُخُولِهَا بَيْتَهُ، وَإِذَا زَارَتْ لَا تُطِيلُ الْمُكْثَ وَهِيَ أَوْلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَعَ أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ. اهـ. ح ل.

وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى سَائِرِ الْحَوَاشِي وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ الْأُخْتُ وَالْخَالَةُ فَالْأَبُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا.

وَمُقْتَضَى مَا هُنَا أَنَّ الْمَحْضُونَ كَانَ قَبْلَ التَّمْيِيزِ عِنْدَ الْأُخْتِ، أَوْ الْخَالَةِ وَتَخَيَّرَهُ بَعْدَهُ بَيْنَ مَنْ كَانَ عِنْدَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ وَهَذَا لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِتَقْدِيمِهِمَا عَلَى الْأَبِ، فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ.

وَيُجَابُ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ التَّمْيِيزِ عِنْدَ الْأَبِ فَيُخَيَّرُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُخْتِ، أَوْ الْخَالَةِ عِنْدَ عَدَمِ أُمَّهَاتِهِ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَخُيِّرَ مُمَيِّزٌ بَيْنَ مُسْتَحِقِّهِ وَأُخْتٍ قَالَ شَارِحُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُخْتِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَالَةِ قَالَ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ تَرْجِيحِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُخْتِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَالَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى الْأَبِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ.

قَوْلُهُ: (وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أَبٍ) أَيْ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأُمٍّ بِخِلَافِ الَّتِي لِلْأَبِ فَلَا يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلِ بِالْأُمِّ، سم مَعَ أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ، ح ل أَيْ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَبٍ وَأُخْتٍ وَيَحْذِفَ قَوْلَهُ: لِغَيْرِ أَبٍ وَمَا عَلَّلَ بِهِ سم لَا يَمْنَعُ حَقَّهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ مُدْلِيَةٌ بِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَكَانَ مَانِعًا لَهَا، وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ تُدْلِي بِجِهَتَيْ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَاعْتُبِرَتْ جِهَةُ الْأُمِّ وَكَذَا الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ قَبْلَ التَّمْيِيزِ قَوْلُهُ: (وَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ فَيُعْمَلُ بِاخْتِيَارِهِ الثَّانِي بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْأَوَّلِ فَيُحَوَّلُ إلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِبَاحَةَ الْمُقَابِلَةَ لِلتَّحْرِيمِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) مُقْتَضَاهُ وَلَوْ أَمْرَدَ جَمِيلًا. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (وَهَلْ هَذَا) أَيْ عَدَمُ مَنْعِهِ زِيَارَةَ أُمِّهِ.

قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْنَعُ الْأَبُ أُنْثَى) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا زَوْجُهَا، أَوْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً فَيَجِبُ عَلَى الْأَبِ تَمْكِينُهَا مِنْ زِيَارَتِهَا سم لَكِنَّ فِي شَرْحِ م ر خِلَافَهُ فِي الْمُخَدَّرَةِ. اهـ. ع ش.

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَيَمْنَعُ الْأَبُ أُنْثَى أَيْ نَدْبًا فَلَوْ أَطْلَقَهَا لِأُمِّهَا لَمْ يَحْرُمْ ع ش عَلَى م ر مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ الْبُرُوزِ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ.

قَوْلُهُ: (وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْمُخَدَّرَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. م ر ع ش.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ فَإِنْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ وَلَوْ بِتَخَدُّرِهَا، أَوْ مَنْعِ زَوْجِهَا أَرْسَلَتْ الْبِنْتُ إلَيْهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ) هَذَا فِيمَنْ مَنْزِلُهَا بَعِيدٌ أَمَّا مَنْ مَنْزِلُهَا قَرِيبٌ فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهَا كُلَّ يَوْمٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ شَرْحَ م ر أج.

وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَرِيبَةِ الْمَنْزِلِ، وَبَعِيدَتِهِ، فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ فِي حَقِّ الْبَعِيدَةِ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْأُمِّ فَإِذَا تَحَمَّلَتْهَا وَأَتَتْ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَمْ يَحْصُلْ لِلْبِنْتِ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ قَالَهُ ع ش: قَالَ الرَّشِيدِيُّ: ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ وُجْهَةَ النَّظَرِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّ الْعُرْفَ أَنَّ قَرِيبَ الْمَنْزِلِ كَالْجَارِ، يَتَرَدَّدُ كَثِيرًا بِخِلَافِ بَعِيدِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ دُخُولِهَا بَيْتَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَدْخُلُهُ قَهْرًا عَلَيْهِ وَلَهَا أَنْ لَا تَكْتَفِيَ بِإِخْرَاجِ الْوَلَدِ إلَيْهَا عَلَى الْبَابِ ح ل.

قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَنْعُ الزَّوْجِ أُمَّ زَوْجَتِهِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي هَذَا مَظِنَّةَ الْإِفْسَادِ عَلَيْهِ اهـ.

، وَفِي ع ش عَلَى م ر وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْ دُخُولِ الْمَنْزِلِ إذَا كَانَتْ مُسْتَحِقَّةً لِمَنْفَعَتِهِ، وَلَا زَوْجَ لَهَا بَلْ إنْ شَاءَتْ أَذِنَتْ لَهُ فِي الدُّخُولِ، حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا خَلْوَةَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخْرَجَتْهَا لَهُ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ وُجُوبِ التَّمْكِينِ عَلَى الْأَبِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مَنْزِلِهِ حَيْثُ اخْتَارَتْهُ الْأُنْثَى وَبَيْنَ هَذَا بِتَيَسُّرِ مُفَارَقَةِ الْأَبِ لِلْمَنْزِلِ عِنْدَ دُخُولِ الْأُمِّ بِلَا مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْأُمِّ، فَإِنَّهُ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهَا مُفَارَقَةُ الْمَنْزِلِ عِنْدَ دُخُولِهِ فَرُبَّمَا جَرَّ ذَلِكَ إلَى نَحْوِ الْخَلْوَةِ اهـ فَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>