للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَمْرِيضِهَا عِنْدَهُ، لِأَنَّهَا أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَيْهِ هَذَا إنْ رَضِيَ بِهِ، وَإِلَّا فَعِنْدَهَا.

وَيَعُودُهُمَا وَيَحْتَرِزُ فِي الْحَالَيْنِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَإِذَا اخْتَارَهَا ذَكَرٌ فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَهُ نَهَارًا لِيُعَلِّمَهُ الْأُمُورَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ.

فَمَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ صَغِيرًا سُرَّ بِهِ كَبِيرًا، يُقَالُ: الْأَدَبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالصَّلَاحُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ اخْتَارَتْهَا أُنْثَى وَخُنْثَى كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا لِاسْتِوَاءِ الزَّمَنَيْنِ فِي حَقِّهَا، وَيَزُورُهَا الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يَطْلُبُ إحْضَارَهَا عِنْدَهُ، وَإِنْ اخْتَارَهُمَا مُمَيِّزٌ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مِنْهُمَا، أَوْ لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَالْأُمُّ أَوْلَى، لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا وَلَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهَا.

(وَشَرَائِطُ) اسْتِحْقَاقِ (الْحَضَانَةِ سَبْعَةٌ) وَتَرَكَ سِتَّةً كَمَا سَتَعْرِفُهُ: أَحَدُهُمَا (الْعَقْلُ) فَلَا حَضَانَةَ لِمَجْنُونٍ، وَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا.

لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحِفْظُ وَالتَّعَهُّدُ بَلْ هُوَ فِي نَفْسِهِ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَحْضُنُهُ.

نَعَمْ إنْ كَانَ يَسِيرًا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَمْ تَسْقُطْ الْحَضَانَةُ كَمَرَضٍ يَطْرَأُ وَيَزُولُ.

(وَ) ثَانِيهَا الْحُرِّيَّةُ فَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ وَلَوْ مُبَعَّضًا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ إذْنُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ فَيُشَوِّشُ أَمْرَ الْوَلَدِ.

وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ، فَإِنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَحَضَانَتَهُ لَهَا، مَا لَمْ تُنْكَحْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَلَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْأُمِّ مِنْ حُضُورِ التَّجْهِيزِ فِي بَيْتِهِ وَلَهُ مَنْعُهَا زِيَارَةَ قَبْرٍ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي مَحَلِّ دَفْنِهِ أُجِيبَ الْأَبُ، لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْ تَتِمَّتِهَا وَتَوَابِعِهَا.

بِرْمَاوِيٌّ وَق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ مَاتَ فَقَالَتْ أُمُّهُ: ادْفِنْهُ فِي تُرْبَتِي وَقَالَ الْأَبُ: بَلْ فِي تُرْبَتِي كَانَ الْمُجَابُ الْأُمَّ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ وَبَحَثَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ الْمُجَابَ الْأَبُ وَمِثْلُهُ م ر وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ نَقْلٌ مُحَرَّمٌ كَأَنْ مَاتَ عِنْدَ أُمِّهِ وَالْأَبُ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا اهـ.

وَالْمُرَادُ بِتُرْبَةِ أَحَدِهِمَا التُّرْبَةُ الَّتِي اعْتَادَ أَحَدُهُمَا الدَّفْنَ فِيهَا وَلَوْ مُسَبَّلَةً كَمَا فِي ع ش اهـ.

قَوْلُهُ: (فِي الْحَالَيْنِ) وَهُمَا كَوْنُهُ عِنْدَهُ وَكَوْنُهُ عِنْدَهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا اخْتَارَهَا) أَيْ الْأُمَّ ذَكَرٌ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَعِنْدَهَا لَيْلًا إلَخْ) هَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَتْ حِرْفَةُ الْأَبِ لَيْلًا فَالْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّيْلَ فِي حَقِّهِ كَالنَّهَارِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْأَبِ لَيْلًا، لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ وَعِنْدَ الْأُمِّ نَهَارًا كَمَا قَالُوهُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ شَرْحَ الرَّوْضِ فَالْمُرَادُ بِاللَّيْلِ عَدَمُ وَقْتِ الْحِرْفَةِ وَلَوْ نَهَارًا، وَعَكْسُهُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَعِنْدَهُ) أَيْ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) أَيْ الْوَلَدِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَنْعَةُ أَبِيهِ بَلْ الْوَاجِبُ اللَّائِقِ بِهِ هُوَ كَابْنِ حِمَارٍ لَكِنَّهُ عَاقِلٌ حَاذِقٌ جِدًّا فَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَكُونَ حِمَارًا وَكَابْنِ عَالِمٍ فِي غَايَةٍ مِنْ الْبَلَادَةِ وَعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، وَهَكَذَا فَلِذَلِكَ اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ اللَّائِقَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ) وَأُجْرَةُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ م ر وَلَوْ كَانَ أَبُوهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ أُمِّهِ وَلَزِمَ عَلَى إقَامَتِهِ مَعَهَا ضَيَاعُهُ فَالْحَضَانَةُ لِأَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ الْأَدَبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالصَّلَاحُ عَلَى اللَّهِ) وَ " عَلَى " فِي الْأَوَّلِ لِلْوُجُوبِ وَالتَّأْكِيدِ، وَفِي الثَّانِي لِلْفَضْلِ وَالْكَرَمِ ق ل.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) وَيُعْتَبَرُ فِي دُخُولِهِ عَلَى الْأُمِّ وُجُودُ مَحْرَمٍ، أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ وَيُحْتَرَزُ فِي زِيَارَتِهِ عَنْ الْخَلْوَةِ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً وَمَنَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ دُخُولِهِ بَيْتَهُ خَرَجَتْ إلَيْهِ إلَى الْبَابِ لِيَرَاهَا وَيَتَفَقَّدَهَا بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا) أَيْ أَصَالَةً

قَوْلُهُ: (فَلَا حَضَانَةَ لِمَجْنُونٍ) وَكَذَا أَبْرَصُ وَأَجْذَمُ وَذُو مَرَضٍ دَائِمٍ يَشْغَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الْمَحْضُونِ وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى لَكِنْ يُنِيبُ الْقَاضِي عَنْهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ زَمَنَ إغْمَائِهِ.

بِرْمَاوِيٌّ فَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ انْتَقَلَتْ لِلْأَبْعَدِ.

قَوْلُهُ: (كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ) وَيُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْحَضَانَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِوَلِيِّهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ) أَيْ عَلَى حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ ابْتِدَاءً، أَوْ دَوَامًا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ.

قَوْلُهُ: (وَحَضَانَتُهُ لَهَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهَا كَأَنْ كَانَتْ أُمُّهَا مُسْلِمَةً حُرَّةً خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (مَا لَمْ تَنْكِحْ) فَلَوْ نَكَحَتْ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: صَارَ الْأَبُ أَحَقَّ بِالْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُمَيِّزًا فَيُخَافَ أَنْ يَفْتِنَهُ عَنْ دِينِهِ فَلَا يُتْرَكَ عِنْدَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ فَلَا حَضَانَةَ هُنَا لِلْأَبِ ز ي فَيَجْرِي فِي الْوَلَدِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ قَوْلِهِ: فَيَحْضُنُهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ.

كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ أَبَاهُ كَافِرٌ فَلَيْسَ لَهُ أَقَارِبُ مُسْلِمُونَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أُخْتٌ وَخَالَةٌ وَأَخٌ وَعَمٌّ أَسْلَمُوا وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ.

قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَنْكِحْ

<<  <  ج: ص:  >  >>