للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فَرَاغُهَا لِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا وَوُفُورِ شَفَقَتِهَا.

(وَ) ثَالِثُهَا (الدِّينُ) أَيْ الْإِسْلَامُ.

فَلَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا فَتَنَهُ فِي دِينِهِ فَيَحْضُنَهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَارِّ.

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَضَنَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَمُؤْنَتُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُنْزَعُ نَدْبًا مِنْ الْأَقَارِبِ الذِّمِّيِّينَ وَلَدٌ ذِمِّيٌّ وَصَفَ الْإِسْلَامَ وَتَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ وَلِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ.

(وَ) رَابِعُهَا وَخَامِسُهَا (الْعِفَّةُ وَالْأَمَانَةُ) جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِتَلَازُمِهِمَا؛ إذْ الْعِفَّةُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ الْكَفُّ عَمَّا لَا يَحِلُّ وَلَا يُحْمَدُ قَالَهُ فِي الْمُحْكَمِ: وَالْأَمَانَةُ ضِدُّ الْخِيَانَةِ فَكُلُّ عَفِيفٍ أَمِينٌ وَعَكْسُهُ.

فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الثَّالِثِ إلَى هُنَا بِالْعَدَالَةِ لَكَانَ أَخْصَرَ فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ، لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي وَلَا يُؤْتَمَنُ.

وَلِأَنَّ الْمَحْضُونَ لَا حَظَّ لَهُ فِي حَضَانَتِهِ، لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ كَشُهُودِ النِّكَاحِ نَعَمْ إنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْأَهْلِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي.

(وَ) سَادِسُهَا: (الْإِقَامَةُ) فِي بَلَدِ الطِّفْلِ بِأَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ مُقِيمَيْنِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرًا لَا لِنُقْلَةٍ كَحَجٍّ وَتِجَارَةٍ، فَالْمُقِيمُ أَوْلَى بِالْوَلَدِ مُمَيِّزًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَإِنْ نَكَحَتْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِأَهْلِهَا الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا لَا لِلْأَبِ لِكُفْرِهِ اهـ.

وَقَالَ ع ش: فَإِنْ نَكَحَتْ فَوَلِيُّهُ الْحَاكِمُ.

قَوْلُهُ: (وَالدِّينُ) أَيْ التَّوَافُقُ فِي الدِّينِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) أَيْ وَلَوْ بِاللَّفْظِ فَمَنْ وَصَفَ الْإِسْلَامَ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ نُزِعَ مِنْهُمْ وُجُوبًا احْتِرَامًا لِلْكَلِمَةِ وَيَحْضُنُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَقَارِبِهِ، وَمُؤْنَتُهُ فِي مَالِهِ، ثُمَّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ ثُبُوتَهَا لِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ، كَافِرٌ عَلَى كَافِرٍ، مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ، وَالرَّابِعَةُ حَضَانَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَغَيْرُ صَحِيحَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مِنْ مُحْتَاجِي الْمُسْلِمِينَ فَتَكُونُ مُؤْنَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ (لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ أَيْ فِي حَضَانَتِهِ مَصْلَحَةً لَهُ أَيْ الْوَلَدِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَمَانَةُ) ذَكَرَ ع ش فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَانَةِ أَمْنُهَا عَلَى حِفْظِ الطِّفْلِ بِأَنْ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ مَعَهَا مَحْظُورٌ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِلْعِفَّةِ،. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (جَمَعَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْطُوفَاتِ فِيهَا جَمْعٌ بَيْنَ كُلِّ مَعْطُوفَيْنِ لَكِنْ إذَا ظَهَرَتْ حِكْمَةٌ بَيْنَ مَعْطُوفَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ مِنْهَا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا كَمَا هُنَا ق ل.

قَوْلُهُ: (لِتَلَازُمِهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا ذَكَرَهُ فِيهِمَا فَلَوْ قَالَ: لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعُمُومِ الْمُطْلَقِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا ق ل.

وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عَمَّا لَا يَحِلُّ) أَيْ عَمَّا يَحْرُمُ فَيَخْرُجُ الْمَكْرُوهُ أَوْ عَمَّا لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ أَصْلًا وَهُوَ الْحَرَامُ، أَوْ يَحِلَّ حِلًّا غَيْرَ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَيَدْخُلُ الْمَكْرُوهُ وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُحْمَدُ أَيْ فَاعِلُهُ عَلَى فِعْلِهِ؛ إذْ الْمَكْرُوهُ لَا يُحْمَدُ فَاعِلُهُ عَلَى فِعْلِهِ، عَلَى أَنَّ الْعِفَّةَ تَكُونُ عَلَى تَرْكِ الْحَلَالِ فَضْلًا عَمَّا فِيهِ شُبْهَةٌ، وَلَا يُقَالُ لِهَذَا: خَائِنٌ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: " فَكُلُّ عَفِيفٍ أَمِينٌ وَعَكْسُهُ " غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ غَيْرُ صَحِيحٍ هُنَا؛ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا يُبْطِلُ الْحَضَانَةَ وَهُوَ مَا فِيهِ فِسْقٌ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ق ل.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَدَالَةِ) إنْ أَرَادَ بِالْعَدَالَةِ عَدَالَةَ الشَّهَادَةِ، شَمِلَ الشُّرُوطَ الْخَمْسَةَ السَّابِقَةَ، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا عَدَالَةَ الرِّوَايَةِ، خَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ وَدَخَلَ غَيْرُهَا مِمَّا شَمِلَتْهُ عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ، وَكُلٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ ق ل نَعَمْ لَوْ عَبَّرَ الْمَتْنُ، بِعَدَمِ الْفِسْقِ لَكَانَ أَوْلَى، كَمَا إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ غَيْرُ فَاسِقٍ، لَا عَدْلٌ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَلَكَةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا الْعَدَالَةُ عِنْدَهُ وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ، وَلَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَيُصَدَّقُ فِي بَقَائِهَا بَعْدَهُ فَإِنْ نُوزِعَ فِيهَا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ كَالشَّهَادَةِ بِالْجُرْحِ،. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (إنْ وَقَعَ نِزَاعٌ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْحَاضِنُ الْمَحْضُونَ، وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُ الْحَاضِنِ فِي الْأَهْلِيَّةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ مُقِيمَيْنِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِأَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ مُقِيمًا، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي شَرَائِطِ اسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ، وَصَنِيعُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ لَا يُنَاسِبُ إلَّا كَوْنَ الْإِقَامَةِ شَرْطًا لِتَخْيِيرِ الْوَلَدِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ إنْ أَرَادَ سَفَرَ غَيْرِ نُقْلَةٍ، كَانَ الْوَلَدُ مَعَ الْمُقِيمِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُسَافِرُ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>