للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ، أَوْ لَا حَتَّى يَعُودَ الْمُسَافِرُ لِخَطَرِ السَّفَرِ، أَوْ لِنُقْلَةٍ فَالْعَصَبَةُ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْأُمِّ حِفْظًا لِلنَّسَبِ إنْ أَمِنَ خَوْفًا فِي طَرِيقِهِ وَمَقْصِدِهِ، وَإِلَّا فَالْأُمُّ أَوْلَى.

وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا تُسَلَّمُ مُشْتَهَاةٌ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَلْ لِثِقَةٍ تُرَافِقُهُ كَبِنْتِهِ.

(وَ) سَابِعُهَا (الْخُلُوُّ) أَيْ خُلُوُّ الْحَاضِنَةِ (مِنْ زَوْجٍ) لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ تَزَوَّجَتْ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا.

وَإِنْ رَضِيَ أَنْ يَدْخُلَ الْوَلَدُ دَارِهِ لِخَبَرِ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَزَعَمَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ عَنْهُ بِحَقِّ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ كَعَمِّ الطِّفْلِ وَابْنِ عَمِّهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهَا بِنِكَاحِهِ، لِأَنَّ مَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَرَادَ سَفَرَ نُقْلَةٍ، كَانَ الْوَلَدُ مَعَ الْعَصَبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِيمُ، أَوْ الْمُسَافِرُ إذَا أَمِنَ الطَّرِيقَ وَالْمَقْصِدَ، وَإِلَّا فَالْمُقِيمُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ التَّعْمِيمَ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: فَالْعَصَبَةُ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ ق ل.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَيْ أَحَدُ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ.

قَوْلُهُ: (فَالْمُقِيمُ أَوْلَى) مَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِيمُ الْأُمَّ وَكَانَ فِي بَقَائِهِ مَعَهَا ضَيَاعُ مَصْلَحَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَ يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ، أَوْ الْحِرْفَةَ وَهُمَا بِبَلَدٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِذَلِكَ.

كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْعَنَانِيِّ.

قَوْلُهُ: (لِخَطَرِ السَّفَرِ) طَالَتْ مُدَّتُهُ، أَوْ لَا، وَلَوْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَفَرَ حَاجَةٍ فَالْأُمُّ أَوْلَى عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَاجَةَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا النُّزْهَةُ، وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاخْتَلَفَا مَقْصِدًا وَطَرِيقًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ سَفَرُهَا أَطْوَلَ وَمَقْصِدُهَا أَبْعَدَ، اهـ.

أَيْ: لِأَنَّ السَّفَرَ فِيهِ مَشَاقُّ، وَالْأُمُّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ وَالْمُرَادُ بِخَطَرِ السَّفَرِ مَشَقَّتُهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ لِنُقْلَةٍ) وَيُصَدَّقُ فِي قَصْدِهَا فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهَا الْيَمِينَ حُلِّفَتْ وَأَمْسَكَتْهُ، أَيْ الْمَحْضُونَ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَبٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي بَادِيَةٍ وَالْأُمُّ فِي مَدِينَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَوَّلًا فِي الْبَلَدِ الَّتِي فِيهَا الْأُمُّ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَأَرَادَ الْأَخُ الِانْتِقَالَ وَهُنَاكَ عَمٌّ، أَوْ ابْنُ عَمٍّ مُقِيمَانِ فَلَيْسَ لِلْأَخِ أَخْذُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَوْلُهُ: (أَوْلَى بِهِ مِنْ الْأُمِّ) أَوْ غَيْرِهَا وَقَالَ ق ل: قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ كَانَ الْأَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْعَصَبَةِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ الْأُمِّ نَعَمْ إنْ سَافَرَتْ مَعَهُ اسْتَمَرَّ حَقُّهَا، كَمَا يَعُودُ لَهَا إذَا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (إنْ أَمِنَ خَوْفًا فِي طَرِيقِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ وَقْتُ شِدَّةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ وَتَضَرَّرَ بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ لَهُ سُلُوكُ الْبَحْرِ بِهِ وَلَيْسَ خَوْفُ الطَّاعُونِ مَانِعًا، وَإِنْ وُجِدَ فِي أَمْثَالِهِ وَيَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْمَنْ الْخَوْفَ قَوْلُهُ: (وَقَدْ عَلِمَ. . . إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ: فَالْعَصَبَةُ مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ أَوْلَى فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِابْنِ الْعَمِّ وَالْمَحْضُونُ أُنْثَى مُشْتَهَاةٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْخُلُوُّ مِنْ زَوْجٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُصُولِ الْخُلُوِّ مِنْ الزَّوْجِ بَيْنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ حَقُّهَا بِالنِّكَاحِ لِاشْتِغَالِهَا بِالِاسْتِمْتَاعِ، وَبِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ كَمَا يَحْرُمُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ، شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ مَعَ تَصَرُّفٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ تَزَوَّجَتْ) أَيْ لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ فَإِنْ طَلُقَتْ عَادَ اسْتِحْقَاقُهَا، وَعِبَارَةُ م ر: أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ، وَلَوْ رَجْعِيًّا لَحَضَنَتْ حَالًا، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إنْ رَضِيَ الْمُطَلِّقُ ذُو الْمَنْزِلِ بِدُخُولِ الْوَلَدِ وَذَلِكَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْقَطَتْ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا انْتَقَلَتْ لِمَنْ يَلِيهَا فَإِذَا رَجَعَتْ عَادَ حَقُّهَا اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُدْخَلْ بِهَا) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ وَلَا نَاكِحَةُ غَيْرِ أَبِيهِ اهـ.

وَالْمُرَادُ غَيْرُ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا كَمَا فِي زَوْجَةِ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَتَلِدَ مِنْهُ وَيَمُوتَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ فَتَحْضُنَهُ زَوْجَةُ جَدِّهِ، نَعَمْ لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى حَضَانَتِهِ وَلَوْ مَعَ مَالٍ آخَرَ، لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا بِالنِّكَاحِ، لِأَنَّهُ عَقْدُ إجَارَةٍ وَهُوَ لَازِمٌ، كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ

قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَ) أَيْ الْغَيْرُ أَيْ وَلَمْ يَرْضَ الْأَبُ الْمَذْكُورُ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ لَهَا وَلَا حَقَّ لِنَاكِحَةِ أَبِي الْأُمِّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وِعَاءً) بِالنَّصْبِ خَبَرٌ لِ كَانَ، وَقَوْلُهُ حِوَاءً أَيْ حَاوِيًا لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَزَعَمَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: زَعَمَ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَفِي الزَّعْمِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ فَتْحُ الزَّايِ بِالْحِجَازِ وَضَمُّهَا لِأَسَدٍ وَكَسْرُهَا لِبَعْضِ قَيْسٍ وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ وَمِنْهُ زَعَمَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَيْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>