للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِامْتِنَاعِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا لِلْوَلَدِ الْمَحْضُونِ، فَإِنْ وَجَبَتْ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا مَالٌ أُجْبِرَتْ.

كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النَّفَقَةِ فَهِيَ حِينَئِذٍ كَالْأَبِ.

خَاتِمَةٌ: مَا مَرَّ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمَحْضُونُ، فَإِنْ بَلَغَ بِأَنْ كَانَ غُلَامًا وَبَلَغَ رَشِيدًا وَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَمَّنْ يَكْفُلُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِقَامَةِ عِنْدَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُمَا لِيَبَرَّهُمَا.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَعِنْدَ الْأَبِ أَوْلَى لِلْمُجَانَسَةِ.

نَعَمْ إنْ كَانَ أَمْرَدَ وَخِيفَ مِنْ انْفِرَادِهِ فَفِي الْعِدَّةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ مُفَارَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَوْ بَلَغَ عَاقِلًا غَيْرَ رَشِيدٍ فَأَطْلَقَ مُطْلِقُونَ أَنَّهُ كَالصَّبِيِّ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ إنْ كَانَ لِعَدَمِ إصْلَاحِ مَالِهِ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِدِينِهِ.

فَقِيلَ: تُدَامُ حَضَانَتُهُ إلَى ارْتِفَاعِ الْحَجْرِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ حَسَنٌ انْتَهَى، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنْ بَلَغَتْ رَشِيدَةً فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا، حَتَّى تَتَزَوَّجَ إنْ كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا إنْ كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ وَلَهَا أَنْ تَسْكُنَ حَيْثُ شَاءَتْ وَلَوْ بِكْرًا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فَلِلْأُمِّ إسْكَانُهَا مَعَهَا.

وَكَذَا لِلْوَلِيِّ مِنْ الْعَصَبَةِ إسْكَانُهَا مَعَهُ إذَا كَانَ مَحْرَمًا لَهَا.

وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعٍ لَائِقٍ بِهَا يُسْكِنُهَا وَيُلَاحِظُهَا دَفْعًا لِعَارِ النَّسَبِ كَمَا يَمْنَعُهَا نِكَاحَ غَيْرِ الْكُفْءِ وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَمْرَدُ مِثْلُهَا فِيمَا ذُكِرَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرِّيبَةِ وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً، لِأَنَّ إسْكَانَهَا فِي مَوْضِعِ الْبَرَاءَةِ أَهْوَنُ مِنْ الْفَضِيحَةِ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً، وَإِنْ بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ فَفِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَارُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ حَضَانَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَكَفَالَتُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْبِنْتِ الْبِكْرِ، حَتَّى يَجِيءَ فِي جَوَازِ اسْتِقْلَالِهِ، وَانْفِرَادِهِ عَنْ الْأَبَوَيْنِ إذَا شَاءَ وَجْهَانِ انْتَهَى.

وَيُعْلَمُ التَّفْصِيلُ فِيهِ مِمَّا مَرَّ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَلِكَ أَيْ الِانْتِقَالِ وَقَوْلُهُ أَنَّ الْقَرِيبَ إذَا امْتَنَعَ أَيْ أَوْ غَابَ

قَوْلُهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْأُمِّ بَلْ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَامْتَنَعَ مِنْ الْحَضَانَةِ أُجْبِرَ عَلَيْهَا كَذَا فِي م ر

قَوْلُهُ: (مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْحَضَانَةِ أَوْ التَّخْيِيرِ.

قَوْلُهُ: (كَالصَّبِيِّ) مُعْتَمَدٌ أَيْ بِمَعْنَى دَوَامِ وِلَايَةِ الْأَبِ، وَإِنْ عَلَا عَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ وَالرَّافِعِيُّ لَا يُلَائِمُ ذَلِكَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: كَالصَّبِيِّ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ كَالصَّبِيِّ أَيْ تَدُومُ حَضَانَتُهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا تَنْتَهِي بِالْبُلُوغِ، وَإِنْ أَرَادَ كَالصَّبِيِّ مِنْ جِهَةِ ثُبُوتِ وِلَايَةِ مَالِهِ فَصَحِيحٌ لَكِنْ لَا يُلَائِمُهُ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ وَعَدَمِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَوِلَايَةُ مَالِهِ لِلْأَبِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْعِبَارَةِ بِالْمَرَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَلِلْأُمِّ) أَيْ يَجِبُ ذَلِكَ،. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى الرِّيبَةِ) كَأَنْ يَقُولَ رَأَيْت فُلَانًا خَارِجًا مِنْ عِنْدِك فَتُنْكِرَ فَلَا يُكَلَّفَ بَيِّنَةً، لِأَنَّ فِيهِ فَضِيحَةً وَهَتِيكَةً.

قَوْلُهُ: (لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً) أَيْ عَلَى الرِّيبَةِ.

قَوْلُهُ: (الْخُنْثَى) أَيْ كَوْنُهُ مَحْضُونًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ حَاضِنًا وَمَحْضُونًا ق ل.

قَوْلُهُ: (لَمْ أَرَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) وَهُمَا جَوَازُ الِانْفِرَادِ وَعَدَمُهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُعْلَمُ التَّفْصِيلُ) وَهُوَ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُفَارِقَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا إنْ لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ، وَإِلَّا وَجَبَ عَدَمُ الْمُفَارَقَةِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>