للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَالِبًا فَهُوَ الْعَمْدُ، وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ كَمَا تُؤْخَذُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ قَوْلِهِ: (فَالْعَمْدُ الْمَحْضُ) أَيْ الْخَالِصُ هُوَ أَنْ يَعْمِدَ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يَقْصِدَ إلَى ضَرْبِهِ أَيْ الشَّخْصِ الْمَقْصُودِ بِالْجِنَايَةِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَجَارِحٍ وَمُثَقَّلٍ وَسِحْرٍ

وَيَقْصِدُ بِفِعْلِهِ قَتْلَهُ بِذَلِكَ عُدْوَانًا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُزْهِقًا لِلرُّوحِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ

فَخَرَجَ بِقَيْدِ قَصْدِ الْفِعْلِ مَا لَوْ زَلِقَتْ رِجْلُهُ فَوَقَعَ عَلَى غَيْرِهِ فَمَاتَ فَهُوَ خَطَأٌ وَبِقَيْدِ الشَّخْصِ الْمَقْصُودِ مَا لَوْ رَمَى زَيْدًا فَأَصَابَ عَمْرًا فَهُوَ خَطَأٌ

وَبِقَيْدِ الْغَالِبِ النَّادِرِ كَمَا لَوْ غَرَزَ إبْرَةً فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ وَلَمْ يَعْقُبْهَا وَرَمٌ وَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ

وَإِنْ كَانَ عُدْوَانًا وَبِقَيْدِ الْعُدْوَانِ الْقَتْلُ الْجَائِزُ وَبِقَيْدِ حَيْثِيَّةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

رَمَى مُهْدَرًا فَعُصِمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَنْزِيلًا لِطُرُوِّ الْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إصَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْخَطَأِ حُكْمَ الْآلَةِ مِنْ كَوْنِهَا تَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ لَا ح ل.

قَوْلُهُ: (وَجْهُ الْحَصْرِ) أَيْ عَقْلًا.

قَوْلُهُ: (عَيْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ ذَاتُهُ.

قَوْلُهُ: (كَمَا تُؤْخَذُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ) أَيْ ضَابِطُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ.

قَوْلُهُ: (هُوَ أَنْ يَعْمِدَ) أَيْ أَنْ يَعْمِدَ بِكَسْرِ الْمِيمِ، لِأَنَّ الْقَتْلَ نَفْسُ الْعَمْدِ فَهُوَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَفِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ اللُّغَوِيِّ عَمِدَ مِنْ بَابِ عَلِمَ اهـ.

إلَّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَكْثَرُ.

قَوْلُهُ: (الْمَقْصُودِ بِالْجِنَايَةِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ النَّوْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ رَمْيُهُ لِجَمْعٍ قَصَدَ إصَابَةَ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ لِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ إذْ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةٌ فَكُلٌّ مِنْهُمْ مَقْصُودٌ جُمْلَةً، أَوْ تَفْصِيلًا، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمَاهِيَّةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ " الْمَقْصُودِ بِالْجِنَايَةِ " بَعْدَ قَوْلِهِ: " أَنْ يَعْمِدَ " أَيْ يَعْمِدَ أَيْ يَقْصِدَ، لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَالَ الَأُجْهُورِيُّ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ عَيْنَهُ بِالْجِنَايَةِ فَلَوْ أَشَارَ لِإِنْسَانٍ بِسِكِّينٍ تَخْوِيفًا فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ اُتُّجِهَ كَوْنُهُ غَيْرَ عَمْدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ بِالْآلَةِ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: إنَّهُ عَمْدٌ يُوجِبُ الْقَوَدَ.

قَوْلُهُ: (كَجَارِحٍ وَمُثَقَّلٍ وَسِحْرٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.

قَوْلُهُ: (وَيَقْصِدُ بِفِعْلِهِ قَتْلَهُ بِذَلِكَ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، أَوْ هُوَ مُضِرٌّ، لِأَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَقَتَلَهُ عَمْدًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا لَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ دُونَ الصَّحِيحِ، أَوْ قَصَدَ تَعْزِيرَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَانَ عَمْدًا مُوجِبًا لِلْقَوَدِ مَعَ ظُهُورِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ بِمَا ذَكَرَ سم.

فَرْعٌ: أَوْقَدَتْ امْرَأَةٌ نَارًا وَتَرَكَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ عِنْدَهَا وَذَهَبَتْ فَقَرُبَ مِنْ النَّارِ وَاحْتَرَقَ بِهَا فَإِنْ تَرَكَتْهُ بِمَوْضِعٍ تُعَدُّ بِهِ مُقَصِّرَةً بِتَرْكِهِ فِيهِ ضَمِنَتْهُ، وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ وَهُوَ حَسَنٌ سم.

قَوْلُهُ: (عُدْوَانًا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُزْهِقًا لِلرُّوحِ) هَذَانِ الْقَيْدَانِ لَيْسَا مِنْ حَقِيقَةِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِقَرِينَةِ كَلَامِ الشَّارِحِ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّارِحِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (زَلِقَتْ) بِكَسْرِ اللَّامِ.

قَوْلُهُ: (النَّادِرُ) أَيْ وَمَا يَسْتَوِي فِيهِ الْأَمْرَانِ أَيْ كَوْنُهُ يَقْتُلُ وَكَوْنُهُ لَا يَقْتُلُ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ غَرَزَ إبْرَةً) أَيْ إبْرَةَ الْخَيَّاطِ لَا نَحْوَ مِسَلَّةٍ فَإِنَّهَا تَقْتُلُ غَالِبًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِمَقْتَلٍ كَحَلْقٍ أَيْ أَوْ فِي بَدَنِ نَحْوِ هَرِمٍ، أَوْ نَحِيفٍ، أَوْ صَغِيرٍ، أَوْ كَبِيرٍ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ، شَرْحَ م ر.

قَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْمُومَةٌ قَيْدٌ فِي الْكَبِيرِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ ع ش وَالرَّشِيدِيُّ.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ) أَيْ كَوَرِكٍ وَأَلْيَةٍ أَمَّا بِمَقْتَلٍ كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ وَحَلْقٍ وَخَاصِرَةٍ، وَإِحْلِيلٍ وَمَثَانَةٍ وَعِجَانٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ فَعَمْدٌ، وَإِنْ انْتَفَى أَلَمٌ وَوَرَمٌ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِخَطَرِ الْمَحَلِّ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْقُبْهَا وَرَمٌ) أَيْ وَلَا تَأَلُّمٌ فَإِنْ عَقَبَهَا ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فَعَمْدٌ فِي صُورَتَيْنِ: غَرْزِهَا بِمَقْتَلٍ مُطْلَقًا، وَغَرْزِهَا بِغَيْرِهِ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ حَالًا فَشِبْهُ عَمْدٍ وَلَا أَثَرَ لِغَرْزِهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدْرٍ فَهُوَ كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ فَمَاتَ.

شَرْحَ الْمَنْهَجِ، وَقَوْلُهُ: وَرَمٌ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى التَّأَلُّمِ وَقَوْلُهُ: كَجِلْدَةِ عَقِبٍ مَا لَمْ يُبَالِغْ فِي الْغَرْزِ بِهَا فَإِنْ بَالَغَ حَتَّى أَدْخَلَهَا إلَى اللَّحْمِ الْحَيِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَقَوْلُهُ كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا، أَوْ غَيْرَ غَالِبٍ مَا لَوْ ضَرَبَهُ بِقَلَمٍ إلَخْ وَلَوْ مَنَعَهُ الْبَوْلَ فَمَاتَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ رَبَطَ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْبَوْلُ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، وَإِنْ لَمْ يَرْبِطْهُ، بَلْ مَنَعَهُ بِتَهْدِيدٍ مَثَلًا كَإِنْ بُلْت قَتَلْتُكَ فَلَا ضَمَانَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِعْلًا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ فَمَاتَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعَمْدِ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ الْعَوَّامِ جِرَابَهُ مَثَلًا مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الْعَوْمِ وَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>