للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِزْهَاقِ لِلرُّوحِ مَا إذَا اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ قِصَاصًا فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عُدْوَانًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عُدْوَانًا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُزْهِقًا وَإِنَّمَا هُوَ عُدْوَانٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ

فَائِدَةٌ يُمْكِنُ انْقِسَامُ الْقَتْلِ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَاجِبٍ وَحَرَامٍ وَمَكْرُوهٍ وَمَنْدُوبٍ وَمُبَاحٍ

فَالْأَوَّلُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَتُبْ وَالْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُسْلِمْ أَوْ يُعْطِ الْجِزْيَةَ

وَالثَّانِي قَتْلُ الْمَعْصُومِ بِغَيْرِ حَقٍّ

وَالثَّالِثُ قَتْلُ الْغَازِي قَرِيبَهُ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَسُبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ وَالرَّابِعُ قَتْلُهُ إذَا سَبَّ أَحَدَهُمَا وَالْخَامِسُ قَتْلُ الْإِمَامِ الْأَسِيرَ إذَا اسْتَوَتْ الْخِصَالُ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَأَمَّا قَتْلُ الْخَطَأِ فَلَا يُوصَفُ بِحَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فِيمَا أَخْطَأَ فِيهِ فَهُوَ كَفِعْلِ الْمَجْنُونِ وَالْبَهِيمَةِ فَيَجِبَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ لَا فِي غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي الْقَوَدُ أَيْ الْقِصَاصُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] الْآيَةَ سَوَاءٌ أَمَاتَ فِي الْحَالِ أَمْ بَعْدَهُ بِسِرَايَةِ جِرَاحَةٍ وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِهِ فِي غَيْرِهِ فَسَيَأْتِي وَسُمِّيَ الْقِصَاصُ قَوَدًا لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَى مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقِصَاصُ فِيهِ لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ فَتَعَيَّنَ جِنْسُهُ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ

(فَإِنْ عَفَا) الْمُسْتَحِقُّ (عَنْهُ) أَيْ الْقَوَدِ مَجَّانًا سَقَطَ وَلَا دِيَةَ.

وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ لَا دِيَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يُوجِبْ الدِّيَةَ، وَالْعَفْوَ إسْقَاطُ ثَابِتٍ لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ، أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ (وَجَبَ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِيمَا سَيَأْتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

عِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ الْعَوْمَ أَمْ لَا ع ش عَلَى م ر، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَلَوْ أَخَذَ نَحْوَ جِرَابٍ مِنْ عَائِمٍ عَلَيْهِ فَغَرِقَ، ضَمِنَهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا ز ي قَالَ: لِأَنَّهُ كَمَنْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَقَدْ يُفَرَّقُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ فِي الْمَفَازَةِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى مَحَلٍّ يَجِدُ فِيهِ مَا يَقِيهِ مِنْ الْجُوعِ وَلَيْسَ قَادِرًا فِي الْمَاءِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى مَحَلٍّ يَقِيهِ مِنْ الْغَرَقِ وَلِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَاءِ الْإِغْرَاقَ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمَفَازَةِ الْإِهْلَاكُ فَتَأَمَّلْ وَلَوْ حَبَسَهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ شَيْئًا فَتَرَكَ الْأَكْلَ خَوْفًا أَوْ حُزْنًا وَالطَّعَامُ عِنْدُهُ فَمَاتَ جُوعًا، أَوْ عَطَشًا أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ، وَخَرَجَ بِمَنْعِهِ الطَّعَامَ مَا لَوْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ وَأَخَذَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَمَاتَ جُوعًا، أَوْ عَطَشًا فَلَا ضَمَانَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِيمَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ لِطُولِهَا، أَوْ لِزَمَانَتِهِ وَلَا طَارِقَ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْقَوَدِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْآخِذُ حَالَ الْمَفَازَةِ فَيَجِبَ الْقَوَدُ وَبَيْنَ أَنْ يَجْهَلَ فَيَجِبَ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ لَكَانَ مُتَّجَهًا اهـ.

قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِيهِ) وَفِيهِ الدِّيَةُ إنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ مُؤْلِمٍ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مُؤْلِمٍ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ انْقِسَامُ الْقَتْلِ) أَيْ الْعَمْدِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ، وَأَمَّا الْخَطَأُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (قَتْلُ الْمُرْتَدِّ) وَوُجُوبُهُ عَلَى الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ: (إذَا اسْتَوَتْ الْخِصَالُ) أَيْ الْفِدَاءُ وَضَرْبُ الرِّقِّ وَالْقَتْلُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُخْطِئَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ.

قَوْلُهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] سُمِّيَ الْقَتْلُ قِصَاصًا، لِأَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ يَقُصُّونَ أَيْ يَتَتَبَّعُونَ أَثَرَ الْقَاتِلِ.

قَوْلُهُ: (بَدَلَ مُتْلَفٍ) أَيْ بَدَلَ إتْلَافِ مُتْلَفٍ وَقَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ جِنْسُهُ أَيْ جِنْسُ إتْلَافِ الْمُتْلَفِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ) كَلَامُ الْمَتْنِ شَامِلٌ لِمَا لَوْ عَفَا مَجَّانًا، أَوْ أَطْلَقَ مَعَ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ لَا شَيْءَ فَلِذَلِكَ أَصْلَحَ الشَّارِحُ الْمَتْنَ بِمَا فَعَلَهُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ الْمُرَادُ بِهِ الدِّيَةُ بِأَنْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ الْقَوَدِ عَلَى الدِّيَةِ أَمَّا لَوْ قَالَ: عَفَوْت عَنْ الدِّيَةِ فَلَغْوٌ فَإِنْ عَفَا عَلَيْهَا بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْهَا وَلَوْ مُتَرَاخِيًا وَجَبَتْ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَافِي مَحْجُورَ سَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ، أَوْ مَرِيضًا أَوْ وَارِثَ مَدْيُونٍ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا وَلَيْسَ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ تَضْيِيعُ مَالٍ سم.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ) نَعَمْ إنْ اخْتَارَ الدِّيَةَ عَقِبَ عَفْوِهِ مُطْلَقًا وَجَبَتْ سم.

قَوْلُهُ: (وَالْعَفْوُ إسْقَاطُ ثَابِتٍ) وَهُوَ الْقِصَاصُ لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ وَهُوَ الدِّيَةُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ) وَهُوَ الدِّيَةُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَوْلَى، وَفِي الْمَنْهَجِ وَلَوْ عَفَا عَلَى غَيْرِ جِنْسِهَا أَيْ الدِّيَةِ أَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا ثَبَتَ إنْ قَبِلَ جَازَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ.

قَوْلُهُ: (مُغَلَّظَةٌ) ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>