الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ أَوْ الْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَأُعْطِيَ حُكْمَ الْعَمْدِ مِنْ وَجْهِ تَغْلِيظِهَا وَحُكْمَ الْخَطَأِ مِنْ وَجْهِ كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ
لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ مُؤَجَّلَةً عَلَيْهِمْ كَمَا فِي دِيَةِ الْخَطَأِ
تَنْبِيهٌ: جِهَاتُ تَحَمُّلِ الدِّيَةِ ثَلَاثَةٌ: قَرَابَةٌ، وَوَلَاءٌ، وَبَيْتُ مَالٍ لَا غَيْرُهَا.
كَزَوْجِيَّةٍ وَقَرَابَةٍ لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ وَلَا الْفَرِيدِ الَّذِي لَا عَشِيرَةَ لَهُ فَيُدْخِلُ نَفْسَهُ فِي قَبِيلَةٍ لِيُعَدَّ مِنْهَا.
الْجِهَةُ الْأُولَى عَصَبَةُ الْجَانِي الَّذِينَ يَرِثُونَهُ بِالنَّسَبِ، أَوْ الْوَلَاءِ إذَا كَانُوا ذُكُورًا مُكَلَّفِينَ.
قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَلَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا أَنَّ الْعَاقِلَةَ الْعَصَبَةُ وَهُمْ الْقَرَابَةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالصَّبِيَّ إنْ أَيْسَرَا لَا يَحْمِلَانِ شَيْئًا، وَكَذَا الْمَعْتُوهُ عِنْدِي انْتَهَى.
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْعَصَبَةِ أَصْلُ الْجَانِي، وَإِنْ عَلَا وَفَرْعُهُ، وَإِنْ سَفَلَ، لِأَنَّهُمْ أَبْعَاضُهُ فَكَمَا لَا يَتَحَمَّلُ الْجَانِي لَا يَتَحَمَّلُ أَبْعَاضُهُ.
وَيُقَدَّمُ فِي تَحَمُّلِ الدِّيَةِ مِنْ الْعَصَبَةِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ.
فَإِنْ لَمْ يَفِ الْأَقْرَبُ بِالْوَاجِبِ بِأَنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ وُزِّعَ الْبَاقِي عَلَى مَنْ يَلِيهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَيُقَدَّمُ مِمَّنْ ذُكِرَ مُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ فَإِنْ لَمْ يَفِ مَا عَلَيْهِمْ بِالْوَاجِبِ فَمُعْتَقٌ ذَكَرٌ لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» ، ثُمَّ إنْ فُقِدَ الْمُعْتَقُ، أَوْ لَمْ يَفِ مَا عَلَيْهِ بِالْوَاجِبِ فَعَصَبَتُهُ مِنْ نَسَبِ غَيْرِ أَصْلِهِ وَإِنْ عَلَا، وَفَرْعِهِ وَإِنْ سَفَلَ، كَمَا مَرَّ فِي أَصْلِ الْجَانِي وَفَرْعِهِ، ثُمَّ مُعْتَقُ الْمُعْتَقِ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا مَا عَدَا الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ ثُمَّ مُعْتَقُ أَبِي الْجَانِي، ثُمَّ عَصَبَتُهُ، ثُمَّ مُعْتَقُ مُعْتَقِ الْأَبِ وَعَصَبَتُهُ غَيْرُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الْإِبْرَةِ أج وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ، أَوْ عَصًا خَفِيفَتَيْنِ بِلَا تَوَالٍ وَلَمْ يَكُنْ بِمَقْتَلٍ وَلَمْ يَكُنْ بَدَنُ الْمَضْرُوبِ نَحِيفًا وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِنَحْوِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ صِغَرٍ، وَإِلَّا فَعَمْدٌ، كَمَا لَوْ خَنَقَهُ فَضَعُفَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ اهـ.
قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلَوْ ضَرَبَهُ الْيَوْمَ ضَرْبَةً وَغَدًا ضَرْبَةً وَهَكَذَا حَتَّى مَاتَ فَوَجْهَانِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ عِنْدَ التَّفْرِيقِ.
وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ وَلَوْ ضَرَبَهُ وَقَصَدَ أَنْ لَا يَزِيدَ فَشَتَمَهُ فَضَرَبَهُ ثَانِيَةً، ثُمَّ شَتَمَهُ فَضَرَبَهُ ثَالِثَةً حَتَّى قَتَلَهُ فَلَا قِصَاصَ، وَلَوْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ بِالسَّوْطِ عَشَرًا وِلَاءً فَمَاتَتْ فَإِنْ قَصَدَ فِي الِابْتِدَاءِ الْعَدَدَ الْمُهْلِكَ وَجَبَ الْقِصَاصُ وَإِنْ قَصَدَ تَأْدِيبَهَا بِسَوْطَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَجَاوَزَ فَلَا، لِأَنَّهُ اخْتَلَطَ الْعَمْدُ بِشِبْهِهِ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (فَمَوْتُهُ بِغَيْرِهَا إلَخْ) الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ، لِأَنَّ مُوَافَقَةَ الْقَدْرِ هَدَرٌ ق ل.
قَوْلُهُ: (فِي قَتِيلٍ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ: " قَتِيلِ السَّوْطِ " بَدَلٌ مِنْ " عَمْدِ الْخَطَأِ " وَقَوْلُهُ " مِائَةً " اسْمُ " إنَّ " مُؤَخَّرٌ وَقَوْلُهُ " فِي بُطُونِهَا " خَبَرٌ مُقَدَّمٌ " وَأَوْلَادُهَا " مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِيهِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ: عَلَى الْعَاقِلَةِ، لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ يَكُونُ بَعْدَ الْمَدْلُولِ.
قَوْلُهُ: (مُتَرَدِّدٌ) أَيْ يُشْبِهُ الْعَمْدَ مِنْ حَيْثُ قَصْدُ الْفِعْلِ، وَالْخَطَأَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْآلَةَ لَا تَقْتُلُ.
قَوْلُهُ: (مُؤَجَّلَةً) هُوَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَنْصُوبٌ خَبَرٌ لِكَوْنِ فِي قَوْلِهِ مِنْ وَجْهِ كَوْنِهَا.
فَفِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (جِهَاتُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَنَوْنَ بِذِكْرِ الْجِهَةِ الْأُولَى، وَلَمْ يُعَنْوِنْ عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ بَلْ أَدْخَلَهَا فِي الْأُولَى وَهَذَا غَيْرُ لَائِقٍ، تَأَمَّلْ ق ل، وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: تَجِبُ دِيَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيُقَدَّمُ أَوَّلًا الْأَقَارِبُ، ثُمَّ الْوَلَاءُ، ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ، إنْ انْتَظَمَ.
قَوْلُهُ: (قَرَابَةٌ) أَيْ عَصَبَةٌ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا الْفَرِيدِ) فِي نُسْخَةٍ وَلَا الْعَدِيدِ.
قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَالْأُولَى هِيَ الظَّاهِرَةُ اهـ.
قُلْت: بَلْ الظَّاهِرُ هِيَ الثَّانِيَةُ فَقَدْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَدِيدُ الرَّجُلُ يُدْخِلُ نَفْسَهُ فِي قَبِيلَةٍ لِيُعَدَّ مِنْهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا عَشِيرَةٌ وَهُوَ عَدِيدُ بَنِي فُلَانٍ وَمِنْ عِدَادِهِمْ بِالْكَسْرِ أَيْ يُعَدُّ فِيهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْفَرِيدِ مَعْنًى مِثْلَ هَذَا أَصْلًا.
قَوْلُهُ: (الْجِهَةُ الْأُولَى) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ الْجِهَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ إلَّا فِي خِلَالِ كَلَامِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْوَلَاءُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ، لِأَنَّ مَرْتَبَتَهُ مُتَأَخِّرَةٌ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ الْعَاقِلَةَ) أَيْ فِي أَنَّ الْعَاقِلَةَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (الْمَعْتُوهُ) أَيْ الْعَبِيطُ وَهُوَ نَاقِصُ الْعَقْلِ.
قَوْلُهُ: (الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ) بَدَلٌ مِنْ مَنْ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وُزِّعَ الْبَاقِي عَلَى مَنْ يَلِيهِ اهـ.
وَهُمْ الْإِخْوَةُ، ثُمَّ بَنُوهُمْ، ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ كَالْإِرْثِ اهـ.
وَمَدَابِغِيٌّ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ أَخٍ مُوسِرٍ نِصْفُ دِينَارٍ وَمُتَوَسِّطٍ رُبُعُ دِينَارٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَقِيرِ فَإِذَا لَمْ يُوفِ ثُلُثَ الدِّيَةِ أُخِذَ مِنْ بَنِيهِمْ وَهَكَذَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ، أَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ