للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَبْقَى فَقِيرًا رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، لِأَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْفَقِيرِ الَّذِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْغَنِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ، وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْجِنَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ بَدَلُ آدَمِيٍّ فَفِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ يُؤْخَذُ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ وَلَوْ قَتَلَ شَخْصٌ رَجُلَيْنِ مَثَلًا فَفِي ثَلَاثِ سِنِينَ.

وَالْأَطْرَافُ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ، وَالْحُكُومَاتُ، وَأُرُوشُ الْجِنَايَاتِ تُؤَجَّلُ، فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ، وَأَجَلُ دِيَةِ النَّفْسِ مِنْ الزُّهُوقِ، وَأَجَلُ دِيَةِ غَيْرِ النَّفْسِ كَقَطْعِ يَدٍ مِنْ ابْتِدَاءِ الْجِنَايَةِ.

وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي أَثْنَاءِ سَنَةٍ سَقَطَ مِنْ وَاجِبِ تِلْكَ السَّنَةِ.

(وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ) فِي الْعَمْدِ.

(أَرْبَعَةٌ) بَلْ خَمْسَةٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ الْأَوَّلُ: (أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ ذَلِكَ إذَا دَفَعَ رُبُعًا عَادَ فَقِيرًا، لِأَنَّهُ بَعْدَ دَفْعِهِ صَارَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَلَكَ زَائِدًا عَنْ حَاجَتِهِ فَوْقَ رُبُعِ دِينَارٍ فَيَكُونَ فَقِيرًا، لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ كَوْنُهُ مُتَوَسِّطًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ غَنِيًّا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا إذْ الْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ وَغَيْرِهِ مَا هُوَ الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (الْجِنَايَةَ) أَيْ بَدَلَ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ، لِأَنَّهُ أَيْ الْبَدَلَ الْمُقَدَّرَ.

قَوْلُهُ: (قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ) لَعَلَّ هَذَا إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى دِيَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قَدْرَ دِيَتَيْنِ أُخِذَ قَدْرُ ثُلُثِ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَالتَّأْجِيلُ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا لَوْ قَتَلَ شَخْصٌ رَجُلَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ فَمَا دُونَهَا أُخِذَ فِي سَنَةٍ م ر.

قَوْلُهُ: (وَالْأَطْرَافُ) أَيْ وَدِيَةُ الْأَطْرَافِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: تُؤَجَّلُ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْدِيرِ فِيمَا بَعْدَهَا، لِأَنَّهُ مَالٌ فَيُؤَجَّلُ، وَقَوْلُهُ: " وَالْأَطْرَافُ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ تُؤَجَّلُ يَعْنِي أَنَّهَا تُؤَجَّلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَخْ فَإِنَّ نِصْفَ دِيَتِهِ فِي الْأُولَى ثُلُثٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ سُدُسٌ اهـ شَرْحَ م ر.

قَوْلُهُ: (وَالْحُكُومَاتُ) هِيَ وَاجِبَةٌ فِيمَا لَا مُقَدَّرَ وَلَا تُعْرَفُ نِسْبَتُهُ إلَى مُقَدَّرٍ لَهُ، وَأُرُوشُ الْجِنَايَةِ وَاجِبَةٌ فِيمَا لَهُ مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ، أَوْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهُ مِنْ مُقَدَّرٍ كَجُرْحٍ قَبْلَ الْمُوضِحَةِ كَالسِّمْحَاقِ.

قَوْلُهُ: (فِي كُلٍّ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَ " قَدْرُ " مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ.

قَوْلُهُ: (سَقَطَ مِنْ وَاجِبِ تِلْكَ السَّنَةِ) أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ، بَعْدَهَا كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ) مِنْ الْقَصِّ وَهُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ الْمِقَصُّ، وَقِيلَ: مِنْ قَصَّ الْأَثَرَ إذَا تَبِعَهُ، لِأَنَّ الْمُقْتَصَّ يَتْبَعُ الْجَانِيَ وَالتَّعْبِيرُ هُنَا بِالْقِصَاصِ بَعْدَ التَّعْبِيرِ عَنْهُ فِيمَا سَبَقَ بِالْقَوَدِ، لِإِفَادَةِ اتِّحَادِهِمَا اهـ، شَرْحَ سم وَهَذِهِ شُرُوطٌ فِي الْقَاتِلِ إلَّا الرَّابِعَ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمَقْتُولِ وَمِنْ شُرُوطِهِ أَيْ الْقَاتِلِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَالْخَامِسُ عِصْمَةُ الْقَتِيلِ فَهَذِهِ شُرُوطٌ فِي الْقَتِيلِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ أَرْكَانُ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ ثَلَاثَةٌ قَتِيلٌ وَقَاتِلٌ وَقَتْلٌ، وَشَرَطَ فِيهِ مَا مَرَّ أَيْ مِنْ كَوْنِهِ عَمْدًا ظُلْمًا، وَفِي الْقَتِيلِ عِصْمَةً أَيْ عَلَى قَاتِلِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَشُرِطَ فِي الْقَاتِلِ أَمْرَانِ: الْتِزَامٌ لِلْأَحْكَامِ وَمُكَافَأَةٌ حَالَ جِنَايَةٍ بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ قَتِيلَهُ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ، أَوْ حُرِّيَّةٍ كَامِلَةٍ، أَوْ أَصْلِيَّةٍ أَوْ سِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ: عِصْمَةٌ دَخَلَ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ صَائِلًا وَلَا قَاطِعَ طَرِيقٍ لَا يَنْدَفِعُ شَرُّهُ إلَّا بِالْقَتْلِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعْصُومٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَمَانٍ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ شَخْصٌ: أَنْتَ تَحْتَ أَمَانِي وَزَادَ بَعْضُهُمْ ضَرْبَ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ الْوَثَنِيِّ وَنَحْوِهِ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ ضَرْبَ الرِّقِّ عَلَيْهِ صَيَّرَهُ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَالُهُمْ فِي أَمَانٍ فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ أَمَانٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فِي الْعَمْدِ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بَالِغًا عَاقِلًا) لَوْ قَالَ: مُكَلَّفًا لَأَغْنَى عَنْ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ.

وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ تَطَوَّرَ وَلِيٌّ فِي غَيْرِ صُورَةِ آدَمِيٍّ وَقَتَلَهُ شَخْصٌ وَعَمَّا لَوْ قَتَلَ آدَمِيٌّ جِنِّيًّا هَلْ يُقْتَلُ بِهِ أَوْ لَا؟ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: إنْ عَلِمَ الْقَاتِلُ حِينَ الْقَتْلِ أَنَّ الْمَقْتُولَ وَلِيٌّ تَطَوَّرَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ وَلَكِنْ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا يَظُنُّهُ صَيْدًا هَذَا فِي الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي الثَّانِي لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يُقْتَلُ بِالْجِنِّيِّ مُطْلَقًا.

أَقُولُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِنَا أَحْكَامَ الْجِنِّ وَعَدَمِ خِطَابِنَا بِتَفَاصِيلِ أَحْكَامِهِمْ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ خَرَجَ الْجِنِّيُّ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ إذَا قَتَلَهُ، وَإِنْ كَانُوا مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ تَفَاصِيلَ تَكَالِيفِهِمْ وَلَمْ يُنْقَلْ لَنَا عَنْ الشَّارِعِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَتَلَ جِنِّيًّا قُتِلَ بِهِ وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِهِ مِنْ لُزُومِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ اهـ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ إسْلَامُهُ وَتَحَقَّقَتْ الْمُكَافَأَةُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>