للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِآخَرَ عَلَى قَتْلِهِ وَاِتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِسَفْكِ الدِّمَاءِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ آمِنًا مِنْ الْقِصَاصِ وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى الدِّيَةِ وَعَنْ جَمِيعِهِمْ عَلَيْهَا.

ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَتْلُ بِجِرَاحَاتٍ وُزِّعَتْ الدِّيَةُ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الرُّءُوسِ، لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْجِرَاحَاتِ لَا يَنْضَبِطُ وَقَدْ تَزِيدُ نِكَايَةُ الْجُرْحِ الْوَاحِدِ عَلَى جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِالضَّرْبِ فَعَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ، لِأَنَّهَا تُلَاقِي الظَّاهِرَ، وَلَا يَعْظُمُ فِيهَا التَّفَاوُتُ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ.

وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ، أَوْ دَفْعَةً فَبِالْقُرْعَةِ وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الْأُولَى، أَوْ غَيْرِ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ عَصَى، وَوَقَعَ قَتْلُهُ قِصَاصًا وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ.

وَلَوْ قَتَلُوهُ كُلُّهُمْ أَسَاءُوا، وَوَقَعَ الْقَتْلُ مُوَزَّعًا عَلَيْهِمْ، وَرَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالْبَاقِي لَهُ مِنْ الدِّيَةِ.

(وَكُلُّ شَخْصَيْنِ جَرَى الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا فِي النَّفْسِ) بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ (يَجْرِي بَيْنَهُمَا) الْقِصَاصُ أَيْضًا (فِي) قَطْعِ (الْأَطْرَافِ) ، وَفِي الْجُرْحِ الْمُقَدَّرِ كَالْمُوضِحَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَفِي إزَالَةِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ الْمَضْبُوطَةِ كَضَوْءِ الْعَيْنِ وَالسَّمْعِ وَالشَّمِّ وَالْبَطْشِ وَالذَّوْقِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لِأَنَّ لَهَا مَحَالَّ مَضْبُوطَةً، وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طَرَفٌ فِي إبْطَالِهَا.

وَشَرَائِطُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ بَعْدَ الشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ (الْمَذْكُورَةِ) فِي قِصَاصِ النَّفْسِ (اثْنَانِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (صَنْعَاءَ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ، لِأَنَّ الْقَاتِلِينَ كَانُوا مِنْهَا ع ش.

قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: صَنْعَاءُ بَلَدٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْيَمَنِ وَالْأَكْثَرُ فِيهَا الْمَدُّ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى الدِّيَةِ) أَيْ بَاقِيهَا أَيْ وَقَتْلُ الْبَعْضِ الْآخَرِ، لِأَنَّهُ إذَا قَتَلَ الْبَعْضَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ إلَّا بِالْقِسْطِ.

وَعِبَارَةُ سم وَلِلْوَلِيِّ قَتْلُ بَعْضِهِمْ وَأَخْذُ بَاقِي الدِّيَةِ مِنْ الْبَاقِينَ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ مِنْ الْجَمِيعِ، وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ فِي الْحَالَيْنِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لَا عَلَى عَدَدِ الْجِرَاحَاتِ فِي صُورَتِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الدِّيَةِ) الْأَوْلَى بِحِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِحِصَّتِهِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَتْلُ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ.

وَقَوْلُهُ: وُزِّعَتْ الدِّيَةُ أَيْ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا فَفِي الثَّانِيَةِ تُوَزَّعُ كُلُّ الدِّيَةِ، وَفِي الْأُولَى تُوَزَّعُ حِصَّةُ مَنْ عُفِيَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ فَقَتَلُوهُ، وَضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ لَا يَقْتُلُ قُتِلُوا إنْ تَوَاطَئُوا، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ تَجِبُ عَلَيْهِمْ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الضَّرَبَاتِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ لَا يَقْتُلُ أَيْ لَوْ انْفَرَدَ أَيْ وَمَجْمُوعُهَا يَقْتُلُ غَالِبًا.

وَقَوْلُهُ: فَالدِّيَةُ أَيْ دِيَةُ عَمْدٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ) أَيْ حَيْثُ اتَّفَقُوا عَلَى عَدَدِهَا فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَصْلِ الضَّرْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهَا أُخِذَ مِنْ كُلِّ الْمُتَيَقَّنِ وَوُقِفَ الْأَمْرُ فِيمَا بَقِيَ إلَى الصُّلْحِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا) هَذَا عَكْسُ مَا فِي الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (فَبِالْقُرْعَةِ) ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْقُرْعَةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَإِنْ رَضُوا بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَازَ وَلَهُمْ الرُّجُوعُ إلَى الْقُرْعَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِسَبْقِ بَعْضِهِمْ اقْتَصَّ مِنْهُ وَلِيُّهُ وَلِغَيْرِهِ تَحْلِيفُهُ إنْ كَذَّبَهُ. .

اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَتَلَهُ إلَخْ) جَوَابُ لُغْزٍ هُوَ: لَنَا قَاتِلٌ، وَهُوَ لِي الْمَقْتُولُ، لَا يَسْتَحِقُّ دَمَ الْمَقْتُولِ، لَا يُقْتَلُ بِهِ مَعَ الْمُكَافَأَةِ وَلَمْ يَأْثَمْ الْقَاتِلُ بِذَلِكَ إثْمَ الْقَتْلِ وَلَمْ يَتَحَتَّمْ قَتْلُ ذَلِكَ الْمَقْتُولِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَتَلُوهُ كُلُّهُمْ) أَيْ قَتَلَهُ أَوْلِيَاؤُهُمْ.

قَوْلُهُ: (بِالْبَاقِي لَهُ مِنْ الدِّيَةِ) ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ حَقِّهِ وَلَهُ ثُلُثَا الدِّيَةِ شَرْحَ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ شَخْصَيْنِ جَرَى الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا فِي النَّفْسِ) بِأَنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: وَالشَّرَائِطُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي النَّفْسِ مُعْتَبَرَةٌ، فِي قِصَاصِ الْأَطْرَافِ مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْجَرْحِ الْمُقَدَّرِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْأَطْرَافَ لَيْسَتْ قَيْدًا وَالْمُرَادُ بِالْقَدْرِ الْمُنْضَبِطُ الَّذِي يُؤْمَنُ مَعَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ لَا مَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ دَخَلَتْ الْهَاشِمَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ وَالْمَأْمُومَةُ وَالْجَائِفَةُ وَالدَّامِغَةُ، فَإِنَّ لَهَا أَرْشًا مُقَدَّرًا إذَا كَانَتْ فِي الرَّأْسِ، أَوْ الْوَجْهِ، وَتَخْرُجُ الْمُوضِحَةُ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ لَهَا مُقَدَّرٌ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَدَّرِ الْمُنْضَبِطُ وَذَلِكَ الْمُوضِحَةُ لَا غَيْرُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْوَجْهِ، أَوْ الرَّأْسِ، أَوْ غَيْرِهِمَا.

فَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوضِحَةَ فِيهَا الْقِصَاصُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ، وَأَمَّا كَوْنُهَا فِيهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا فَخَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَتْ فِي الرَّأْسِ، أَوْ الْوَجْهِ فَفِيهَا الْأَرْشُ الْمُقَدَّرُ فِيهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَهَذَا فِي الْجُرُوحِ بَعْدَ الْمُوضِحَةِ، وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الدَّامِيَةِ وَالدَّامِغَةِ وَالْبَاضِعَةِ.

فَإِنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهَا إلَى الْمُوضِحَةِ فَفِيهَا الْأَكْثَرُ مِنْ حُكُومَةٍ وَنِسْبَةِ الْأَرْشِ لِلْمُوضِحَةِ، وَإِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>