للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَاقْتُلُوهُ» كَزَانٍ مُحْصَنٍ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ مَعْصُومٌ كَمَا مَرَّ لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ أَثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ أَمْ بِبَيِّنَةٍ: وَمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ لِقَاتِلِهِ لِاسْتِيفَائِهِ حَقَّهُ، وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ الْكَافِرَ، وَالْقَاتِلُ الْمُسْلِمَ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا، ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ لِذِمِّيٍّ قَتَلَ وَحُكْمُهُ كَمَا سَبَقَ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ أَزَادَتْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ عَلَى حُرِّيَّةِ الْمَقْتُولِ أَمْ لَا، لَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ بِالْبَعْضِ الْحُرِّ الْبَعْضَ الْحُرَّ، وَبِالرَّقِيقِ الرَّقِيقَ، بَلْ قَتْلُهُ جَمِيعَهُ بِجَمِيعِهِ حُرِّيَّةً وَرِقًّا شَائِعًا فَيَلْزَمُ قَتْلُ جُزْءِ حُرِّيَّةٍ بِجُزْءِ رِقٍّ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَالْفَضِيلَةُ فِي شَخْصٍ لَا بِخَبَرِ النَّقْصِ فِيهِ وَلِهَذَا لَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَحُرٍّ ذِمِّيٍّ، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ وَالْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ، وَلَا تَجْبُرُ فَضِيلَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا نَقِيضَتَهُ.

(وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ) وَإِنْ كَثُرُوا (بِالْوَاحِدِ) وَإِنْ تَفَاضَلَتْ جِرَاحَاتُهُمْ فِي الْعَدَدِ وَالْفُحْشِ وَالْأَرْشِ سَوَاءٌ أَقَتَلُوهُ بِمُحَدَّدٍ أَمْ بِغَيْرِهِ كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ، وَفِي بَحْرٍ لِمَا رَوَى مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً، أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ، قَتَلُوهُ غِيلَةً أَيْ حِيلَةً بِأَنْ يُخْدَعَ وَيُقْتَلَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ فِيهِ أَحَدٌ وَقَالَ: لَوْ تَمَالَأَ أَيْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ جَمِيعًا، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَصَارَ ذَلِكَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ تَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ، فَتَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِحَقْنِ الدِّمَاءِ فَلَوْ لَمْ تَجِبْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ لَكَانَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ شَخْصًا اسْتَعَانَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ. اهـ. سم.

قُلْت: لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْقَتْلَ بِكُلِّ حَالٍ لِإِهْدَارِهِ اهـ أج وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: قَوْلُهُ: وَمُرْتَدٌّ فِي حَقِّ مَعْصُومٍ، وَزَانٍ مُحْصَنٌ، أَمَّا لَوْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ تَارِكَ صَلَاةٍ، بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ، أَوْ قَاطِعَ طَرِيقٍ، أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ حَدًّا عَلَى حَدِّ قَتْلِهِ قِصَاصًا.

قَوْلُهُ: (مُسْلِمٌ مَعْصُومٌ) فَإِنْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ قُتِلَ، أَوْ قَتَلَهُ زَانٍ مُحْصَنٌ مِثْلُهُ قُتِلَ بِهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِهِ إذَا قَصَدَ بِقَتْلِهِ اسْتِيفَاءَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ صَرَفَ فِعْلَهُ عَنْ الْوَاجِبِ وَيَحْتَمِلُ الْأَخْذَ بِإِطْلَاقِهِمْ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ دَمَهُ لَمَّا كَانَ مُهْدَرًا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الصَّارِفُ. اهـ. ز ي وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ أَيْ فِي الْوَاقِعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، أَوْ يَقْصِدْهُ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ لِقَاتِلِهِ) أَيْ وَيُهْدَرُ مَنْ عَلَيْهِ إلَخْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْحَرْبِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ الْكَافِرَ) غَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ خَبَرٌ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ) تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ قَتْلُهُ جَمِيعَهُ) يُقْرَأُ مَصْدَرًا مَرْفُوعًا وَلَفْظُ " جَمِيعَهُ " مَنْصُوبٌ مَفْعُولٌ لِلْمَصْدَرِ وَيَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ وَيَصِحُّ جَرُّ جَمِيعٍ بَدَلًا مِنْ الضَّمِيرِ وَيَكُونُ الْمَصْدَرُ عَلَى هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بَلْ قَتْلُ جَمِيعِهِ بِلَا هَاءٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَجْبُرُ فَضِيلَةُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْفَضِيلَةُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَتُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ عَرَفْنَا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوَدَ يَثْبُتُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ وَهَلْ يَثْبُتُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، أَوْ لَا؟

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تُقْتَلُ إلَخْ، وَالْقَتْلُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ قَطْعُ الطَّرَفِ وَالْجَرْحُ الْمُقَدَّرُ وَإِزَالَةُ الْمَعَانِي.

قَوْلُهُ: (وَالْأَرْشِ) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّنَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ أُرُوشًا مِنْ غَيْرِ قَتْلِهِمْ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَقَتَلُوهُ بِمُحَدَّدٍ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إذَا أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ، أَوْ فِي مَاءٍ، أَوْ نَارٍ قُتِلُوا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً تَوَاطَئُوا، أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا قَتَلُوهُ بِجِرَاحَاتٍ، أَوْ ضَرَبَاتٍ فَيُفَصَّلُ فَإِنْ كَانَ فِعْلُ كُلٍّ يَقْتُلُ لَوْ انْفَرَدَ قُتِلُوا مُطْلَقًا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ فِعْلُ كُلٍّ لَا يَقْتُلُ لَوْ انْفَرَدَ لَكِنْ لَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ فَيُفَصَّلُ فَإِنْ تَوَاطَئُوا قُتِلُوا، وَإِلَّا فَلَا يُقْتَلُونَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ وَكُلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِعْلُ كُلٍّ لَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا لَا يُؤَثِّرُ أَصْلًا فَصَاحِبُ ذَلِكَ الْفِعْلِ لَا دَخْلَ لَهُ لَا فِي قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِعْلُ بَعْضٍ يَقْتُلُ لَوْ انْفَرَدَ وَفِعْلُ بَعْضٍ لَا يَقْتُلُ لَوْ انْفَرَدَ لَكِنْ لَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ فِي الْجُمْلَةِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فَصَاحِبُ الْأَوَّلِ يُقْتَلُ مُطْلَقًا وَصَاحِبُ الثَّانِي يُقْتَلُ إنْ تَوَاطَئُوا، وَإِلَّا فَلَا يُقْتَلُ وَتَجِبُ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي.

قَوْلُهُ: (بِرَجُلٍ) وَاسْمُهُ أَصِيلٌ، وَسَبَبُ قَتْلِهِ زَوْجَةُ أَبِيهِ. اهـ. عَنَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (غِيلَةً) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَالِاغْتِيَالُ الْأَخْذُ عَلَى غَفْلَةٍ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُخْدَعَ) الْأَوْلَى أَنْ يَخْدَعُوهُ وَيَقْتُلُوهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُمْ غَيْرُهُمْ. اهـ. ق ل.

وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْقَتْلِ غِيلَةً مِنْ حَيْثُ هُوَ

قَوْلُهُ: (لَوْ تَمَالَأَ) مَهْمُوزٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ تَمَالَئُوا عَلَى الْأَمْرِ اجْتَمَعُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>