للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدَلًا (عَلَى ضَرْبَيْنِ) الْأَوَّلُ: (مُغَلَّظَةٌ) مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَوْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ.

(وَ) الثَّانِي: (مُخَفَّفَةٌ) مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَوْ مِنْ وَجْهَيْنِ.

تَنْبِيهٌ: الدِّيَةُ قَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يُغَلِّظُهَا، وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابٍ خَمْسَةٍ: كَوْنُ الْقَتْلِ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَوْ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ.

وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يَنْقُصُهَا وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابٍ أَرْبَعَةٍ: الْأُنُوثَةُ، وَالرِّقُّ، وَقَتْلُ الْجَنِينِ، وَالْكُفْرُ.

فَالْأَوَّلُ يَرُدُّهَا إلَى الشَّطْرِ، وَالثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ، وَالثَّالِثُ إلَى الْغُرَّةِ، وَالرَّابِعُ إلَى الثُّلُثِ، أَوْ أَقَلَّ، وَكَوْنُ الثَّانِي أَنْقَصَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ الْقِيمَةُ عَلَى الدِّيَةِ.

ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهِيَ الْمُغَلَّظَةُ فَقَالَ: (فَالْمُغَلَّظَةُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ أَوَجَبَ فِيهِ قِصَاصٌ وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ أَمْ لَا كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ.

(ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا فِي الزَّكَاةِ (وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) وَهِيَ الَّتِي (فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَرْبَعِينَ حَوَامِلُ، وَيَثْبُتُ حَمْلُهَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْإِبِلِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَأَمَّا الْعَمْدُ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ.

قَوْلُهُ: (ابْتِدَاءً) كَمَا فِي قَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) كَوْنُهَا عَلَى الْجَانِي وَحَالَّةً، وَمِنْ جِهَتِهِ السِّنُّ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ وَجْهٍ) أَيْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَهُوَ كَوْنُهَا مُثَلَّثَةً لَا مُخَمَّسَةً كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَمُخَفَّفَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) كَوْنُهَا مُخَمَّسَةً وَعَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وَجْهَيْنِ أَيْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فَأَدْخَلَ الشَّارِحُ شِبْهَ الْعَمْدِ فِي الْقِسْمَيْنِ، لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ شَبَهًا بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهَيْنِ هُمَا وُجُوبُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَوُجُوبُهَا مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (كَوْنُ الْقَتْلِ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) كَوْنُ هَذَا عَارِضًا لِتَغْلِيظِ الدِّيَةِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ الْأَصْلُ فِيهَا التَّخْفِيفَ حَتَّى يَكُونَ هَذَا عَارِضًا لِلتَّغْلِيظِ بَلْ هِيَ مُغَلَّظَةٌ ابْتِدَاءً فِيهِمَا نَعَمْ كَلَامُهُ مُسَلَّمٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ فِي الْحَرَمِ إلَخْ، لِأَنَّهُ أَيْ الْقَتْلَ فِي الْحَرَمِ تَعَرَّضَ لِلتَّغْلِيظِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ: وَأَسْبَابُ التَّغْلِيظِ خَمْسَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّهُ لَمَّا عَدَلَ عَنْ الْقَتْلِ خَطَأً إلَى الْعَمْدِ، أَوْ شِبْهِهِ كَانَ كَعُرُوضِ التَّغْلِيظِ أَيْ كَأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ذِي رَحِمٍ) أَيْ، أَوْ لِذِي رَحِمٍ.

وَلَوْ قَالَ: مَحْرَمِ رَحِمٍ بِالْإِضَافَةِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا لِتَخْرُجَ نَحْوُ بِنْتِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَةٍ. اهـ. ق ل.

لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَيْسَتْ نَاشِئَةً مِنْ الرَّحِمِ أَيْ الْقَرَابَةِ بَلْ نَاشِئَةٌ مِنْ كَوْنِهَا أُمَّ زَوْجَتِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يَنْقُصُهَا) فِي كَوْنِ الْأُنُوثَةِ عَارِضَةً لِلتَّنْقِيصِ نَظَرٌ، لِأَنَّهَا مُنْقِصَةٌ لَهَا ابْتِدَاءً وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَتْلُ عَامًّا فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَعَدَلَ عَنْ الْكَامِلِ إلَى دُونِهِ كَأَنْ تَسَبَّبَ فِي تَنْقِيصِ الدِّيَةِ، تَأَمَّلْ.

وَفِي إطْلَاقِ الدِّيَةِ عَلَى قِيمَةِ الرَّقِيقِ وَعَلَى الْغُرَّةِ مُسَامَحَةٌ لَكِنَّهُمَا لَمَّا كَانَا بَدَلًا عَنْ النَّفْسِ أُطْلِقَ عَلَيْهِمَا دِيَةً تَجَوُّزًا.

قَوْلُهُ: (فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ تَكُونُ مُثَلَّثَةً فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي مَوَاضِعِهِ.

وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَمْدِ، لِأَنَّهُ الْكَامِلُ فِي التَّغْلِيظِ، لِأَنَّهُ فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمَتْنُ التَّثْلِيثَ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (خَلِفَةً) هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا مُفْرَدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَرُدَّ بِأَنَّ تَمْيِيزَ الْأَرْبَعِينَ مُفْرَدٌ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَمَيِّزْ الْعِشْرِينَ لِلتِّسْعِينَا بِوَاحِدٍ كَأَرْبَعِينَ حِينَا إلَّا أَنْ يُقَالَ اسْمُ الْجَمْعِ كَالْمُفْرَدِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَمْعُهَا خِلَفٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ جَمْعُهَا خَلِفَاتٌ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ بِكَسْرِ الْخَاءِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْخَلِفُ بِوَزْنِ الْكَتِفِ الْمَخَاضُ وَهِيَ الْحَوَامِلُ مِنْ النُّوقِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ فَلَعَلَّ الْقَوْلَ بِكَسْرِ الْخَاءِ سَبْقُ قَلَمٍ.

اهـ. ع ش عَلَى م ر

قَوْلُهُ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمُنْقَطِعٌ

قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَتَى بِذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْبَطْنِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا إلَّا بِتَجَوُّزٍ أَيْ مَجَازِ الْأَوَّلِ

قَوْلُهُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ فَإِنْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِقَوْلِهِمَا أَوْ تَصْدِيقِهِ لِلدَّافِعِ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ وَتَنَازَعَا شُقَّ جَوْفُهَا فَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ غَرِمَهَا وَأَخَذَ بَدَلَهَا خَلِفَةً فَإِنْ ادَّعَى الدَّافِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>