فِي لِسَانِهِ لُكْنَةٌ أَيْ عُجْمَةٌ وَلَوْ لِسَانَ أَرَتَّ بِمُثَنَّاةٍ، أَوْ أَلْثَغَ بِمُثَلَّثَةٍ وَسَبَقَ تَفْسِيرُهُمَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ لِسَانَ طِفْلٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ، كُلُّ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا وَمَنْفَعَةً يَتَمَيَّزُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ الْبَهَائِمِ فِي الْبَيَانِ وَالْعِبَارَةِ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ وَفِيهِ ثَلَاثُ مَنَافِعَ: الْكَلَامُ وَالذَّوْقُ وَالِاعْتِمَادُ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ، وَإِدَارَتِهِ فِي اللَّهَوَاتِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ طَحْنَهُ بِالْأَضْرَاسِ نَعَمْ لَوْ بَلَغَ الطِّفْلُ أَوَانَ النُّطْقِ وَالتَّحْرِيكِ وَلَمْ يُوجَدَا مِنْهُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ لَا دِيَةٌ لِإِشْعَارِ الْحَالِ بِعَجْزِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ النُّطْقِ فَدِيَةٌ أَخْذًا بِظَاهِرِ السَّلَامَةِ.
كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي يَدِهِ وَرِجْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ بَطَشَ وَلَا مَشْيٌ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ النَّاطِقِ الْأَخْرَسُ فَالْوَاجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ وَلَوْ كَانَ خَرَسُهُ عَارِضًا كَمَا فِي قَطْعِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَبِسَلِيمِ الذَّوْقِ عَدِيمُهُ فَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ فِيهِ حُكُومَةً كَالْأَخْرَسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الذَّوْقَ فِي اللِّسَانِ وَقَدْ يُنَازِعُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ: إذَا قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ: إذَا قَطَعَ لِسَانَ أَخْرَسَ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِلذَّوْقِ.
وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ فِي الذَّوْقِ الدِّيَةَ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ اللِّسَانَ.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ (الشَّفَتَيْنِ) لِوُرُودِهِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ» ، وَفِي كُلِّ شَفَةٍ وَهِيَ فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ وَفِي طُولِهِ مَا يَسْتُرُ اللِّثَةَ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ: نِصْفُ الدِّيَةِ عُلْيَا، أَوْ سُفْلَى رَقَّتْ، أَوْ غَلُظَتْ صَغُرَتْ، أَوْ كَبِرَتْ، وَالْإِشْلَالُ كَالْقَطْعِ، وَفِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ.
وَإِنْ كَانَ زَوَالُ الْبَعْضِ بِجِنَايَةٍ وَفِي قَطْعِ بَعْضِهِ قِسْطُهُ إنْ زَالَ بِقَطْعِهِ بَعْضُ نُطْقِهِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ تَجِبُ لَا قِسْطٌ إذْ لَوْ وَجَبَ لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (سَلِيمِ الذَّوْقِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي وَقَيَّدَ بِهِ لِذِكْرِ الْخِلَافِ الْآتِي.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَزَالَ اللِّسَانَ فَفِيهِ دِيَةٌ لَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ دِيَةُ الْكَلَامِ وَمَنْفَعَةُ الِاعْتِمَادِ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ فِيهَا، وَأَمَّا الذَّوْقُ فَإِذَا زَالَ بِذَلِكَ وَجَبَ لَهُ دِيَةٌ وَحْدَهُ زِيَادَةً عَلَى دِيَةِ اللِّسَانِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاللِّسَانِ أَيْ كُلِّهِ أَمَّا إبَانَةُ بَعْضِهِ فَيَجِبُ الْأَكْثَرُ، مِنْ قَدْرِ النَّقْصِ مِنْ اللِّسَانِ، أَوْ الْكَلَامِ فَإِنْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَزَالَ رُبُعُ كَلَامِهِ وَجَبَ النِّصْفُ مِنْ الدِّيَةِ، أَوْ أَزَالَ الرُّبُعَ مِنْ اللِّسَانِ فَزَالَ نِصْفُ الْكَلَامِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ وَهَذَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْبِرْمَاوِيِّ السَّابِقَ وَلَوْ عَادَ اللِّسَانُ بَعْدَ قَطْعِهِ لَمْ تَسْقُطْ الدِّيَةُ وَكَذَا سَائِرُ الْأَجْرَامِ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ سِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ وَسَلْخِ الْجِلْدِ وَالْإِفْضَاءِ.
، وَأَمَّا الْمَعَانِي فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ بِعَوْدِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ ذَهَابَهَا مَظْنُونٌ. اهـ. ق ل. عَلَى الْجَلَالِ مَعَ زِيَادَةٍ، وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: فِي غَيْرِ مَعْنًى وَإِفْضَاءٍ وَمُثْغِرَةٍ وَالْجِلْدِ لَيْسَ يُرَدُّ الْأَرْشُ لِلْجَانِي.
قَوْلُهُ: (لِأَلْكَنَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ اللَّكَنُ الْعِيُّ وَهُوَ ثِقَلُ اللِّسَانِ، وَلَكِنَ لَكَنًا مِنْ بَابِ تَعِبَ صَارَ كَذَلِكَ، فَالذَّكَرُ أَلْكَنُ وَالْأُنْثَى لَكْنَاءُ مِثْلُ: أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ، وَفِي الْمُغْرِبِ الْأَلْكَنُ الَّذِي لَا يُفْصِحُ بِالْعَرَبِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (عُجْمَةٌ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْعُجْمَةُ فِي اللِّسَانِ بِضَمِّ الْعَيْنِ عَدَمُ فَصَاحَتِهِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ ذَلِكَ إلَخْ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ.
قَوْلُهُ: (يَتَمَيَّزُ بِهِ) أَيْ بِاللِّسَانِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْكَلَامُ، الْإِنْسَانُ فَاعِلُ يَتَمَيَّزُ.
قَوْلُهُ: (وَالْعِبَارَةِ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى التَّعْبِيرِ فَعَدَّاهُ بِعَنْ.
قَوْلُهُ: (فِي اللَّهَوَاتِ) جَمْعُ لَهَاةٍ وَهِيَ اللُّحْمَةُ الَّتِي بِأَعْلَى الْحَنْجَرَةِ مِنْ أَقْصَى الْفَمِ اهـ مَوَاهِبَ قَالَ شَارِحُهَا: وَالْحَنْجَرَةُ الْحَلْقُ.
قَوْلُهُ: (لَوْ بَلَغَ الطِّفْلُ أَوَانَ النُّطْقِ) أَيْ ثُمَّ قَطَعَ لِسَانَهُ وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ بَلَغَ أَوَانَ النُّطْقِ وَالتَّحْرِيكِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ تَعَيَّنَتْ الْحُكُومَةُ، فَلَوْ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ فَهَلْ يَجِبُ فِي لِسَانِهِ دِيَةٌ، أَوْ حُكُومَةٌ وَجْهَانِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَوَّلِهِمَا وَصَحَّحَ الزَّرْكَشِيّ ثَانِيَهُمَا، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي اللِّسَانِ النُّطْقُ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُنَازِعُهُ) أَيْ يُنَازِعُ كَوْنَ الذَّوْقِ فِي اللِّسَانِ، وَوَجْهُ الْمُنَازَعَةِ أَنَّ وُجُوبَ الدِّيَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذَّوْقَ لَيْسَ فِي اللِّسَانِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ لَوَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَوْلُهُ: (الشِّدْقَيْنِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ اهـ