للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَقِّهَا بِلَا إبَانَةٍ حُكُومَةٌ.

وَلَوْ قَطَعَ شَفَةً مَشْقُوقَةً وَجَبَتْ دِيَتُهَا إلَّا حُكُومَةَ الشَّقِّ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُمَا فَتَقَلَّصَ الْبَعْضَانِ الْبَاقِيَانِ وَبَقِيَا كَمَقْطُوعِ الْجَمِيعِ، وُزِّعَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْأُمِّ وَهَلْ يَسْقُطُ مَعَ قَطْعِهِمَا حُكُومَةُ الشَّارِبِ، أَوْ لَا.؟ وَجْهَانِ: أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْأَهْدَابِ مَعَ الْأَجْفَانِ، وَيَجِبُ فِي كُلِّ لَحْيٍ نِصْفُ دِيَةٍ وَهُوَ بِفَتْحِ لَامِهِ وَكَسْرِهَا وَاحِدُ اللَّحْيَيْنِ بِالْفَتْحِ وَهُمَا الْعَظْمَاتُ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى، وَمُلْتَقَاهُمَا الذَّقَنُ أَمَّا الْعُلْيَا فَمَنْبَتُهَا عَظْمُ الرَّأْسِ، وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَسْنَانِ فِي دِيَةِ فَكِّ اللَّحْيَيْنِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُسْتَقِلٌّ بِرَأْسِهِ.

وَلَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ وَاسْمٌ يَخُصُّهُ فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، كَالْأَسْنَانِ وَاللِّسَانِ.

، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ إزَالَةُ الْمَنَافِعِ فَقَالَ: (وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ (فِي ذَهَابِ الْكَلَامِ) فِي الْجِنَايَةِ عَلَى اللِّسَانِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ: «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ إنْ مُنِعَ الْكَلَامَ» وَقَالَ ابْنُ أَسْلَمَ: مَضَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ.

وَلِأَنَّ اللِّسَانَ عُضْوٌ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ فَكَذَا مَنْفَعَتُهُ الْعُظْمَى كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الدِّيَةُ إذَا قَالَ أَهْلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِصْبَاحٌ ع ش.

قَوْلُهُ: (اللِّثَةَ) أَيْ لَحْمَ الْأَسْنَانِ.

قَوْلُهُ: (صَغُرَتْ، أَوْ كَبِرَتْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ يُقَالُ فِي الْمَحْسُوسِ: كَبِرَ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَأَمَّا فِي الْمَعَانِي فَيُقَالُ: كَبُرَ بِضَمِّهَا.

قَالَ تَعَالَى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} [غافر: ٣٥] . اهـ. مِصْبَاحٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً.

قَوْلُهُ: (مَشْقُوقَةً) مَا لَمْ يَكُنْ الشَّقُّ خِلْقِيًّا، وَإِلَّا فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ كَنَاقِصِ بَعْضِ الْحُرُوفِ خِلْقَةً كَمَا يَأْتِي وَالْمَشْقُوقُ الشَّفَةِ الْعُلْيَا يُقَالُ لَهُ أَعْلَمُ وَالسُّفْلَى يُقَالُ لَهُ أَفْلَحُ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ:

وَأَخَّرَنِي دَهْرِي وَقَدَّمَ مَعْشَرًا ... عَلَيَّ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَأَعْلَمُ

وَمُذْ أَفْلَحَ الْجُهَّالُ أَيْقَنْتُ أَنَّنِي ... أَنَا الْمِيمُ وَالْأَيَّامُ أَفْلَحُ أَعْلَمُ

أَيْ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تُقَدِّمَنِي كَمَا أَنَّ الْأَفْلَحَ الْأَعْلَمَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْطِقَ بِالْمِيمِ الْمَذْكُورَةِ.

قَوْلُهُ: (فَتَقَلَّصَ) أَيْ انْكَمَشَ الْبَعْضَانِ.

قَوْلُهُ: (كَمَقْطُوعِ الْجَمِيعِ) أَيْ فِي عَدَمِ النَّفْعِ فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي) أَيْ الَّذِي تَقَلَّصَ أَيْ فَلَا يَجِبُ فِي الْبَاقِي الْمُتَقَلِّصِ شَيْءٌ بَلْ يَجِبُ فِي الْمَقْطُوعِ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ فَفَائِدَةُ التَّوْزِيعِ مَعْرِفَةُ قِسْطِ الْمَقْطُوعِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (فَكِّ اللَّحْيَيْنِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ اللَّحْيَيْنِ الْمَفْكُوكَيْنِ أَيْ الْمُنْفَصِلَيْنِ مِنْ بَعْضِهِمَا.

قَوْلُهُ: (فِي ذَهَابِ الْكَلَامِ) أَيْ بِأَنْ جَنَى عَلَى اللِّسَانِ مَعَ بَقَائِهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ مُنِعَ الْكَلَامَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي إزَالَةِ اللِّسَانِ إلَّا إذَا مُنِعَ الْكَلَامَ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ اللِّسَانَ وَحْدَهُ فِيهِ الدِّيَةُ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ ذَهَابَ الْكَلَامِ فِيهِ الدِّيَةُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ أَزَالَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَجَبَ دِيَتَانِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ وَلِأَنَّ اللِّسَانَ إلَخْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامٍ، أَوْ عُكِسَ، فَنِصْفُ دِيَةٍ اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ وَلَوْ قَطَعَ النِّصْفَ فَزَالَ النِّصْفُ فَنِصْفُ دِيَةٍ اهـ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إطْلَاقُ ذَهَابِ رُبُعِ الْكَلَامِ وَنِصْفِهِ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ ذَهَابُ رُبُعِ أَحْرُفِ كَلَامِهِ، أَوْ نِصْفِ كَلَامِهِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ فَائِدَةً يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا لَا تَوْزِيعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّوْزِيعُ عَلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الشَّافِعِيَّ وَالْأَصْحَابَ وَقَوْلُهُ: الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ فِيهِ دِيَةٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً، لِأَنَّ النُّطْقَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ عَلَى الْأَصَحِّ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْجِنَايَةُ هَدَرًا، وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ الْكَلَامُ مِنْهُ لَزِمَتْهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ اعْتِبَارًا بِالنُّطْقِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ النِّصْفُ فِيمَا إذَا قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ رُبُعُ الْكَلَامِ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النِّصْفِ الْجَرْمِيِّ قَدْ تَحَقَّقَتْ، وَقَاعِدَةُ الْأَجْرَامِ ذَوَاتِ الْمَنَافِعِ أَنْ يُقَسَّطَ عَلَى نِسْبَتِهَا فَرَجَعْنَا لِهَذَا الْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ سُلْطَانٌ.

وَقَوْلُهُ: فَنِصْفُ دِيَةٍ مُقْتَضَى كَوْنِ اللِّسَانِ وَحْدَهُ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَلَامِ وَحْدَهُ فِيهِ الدِّيَةُ أَنْ تَجِبَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (السُّنَّةُ) أَيْ الطَّرِيقَةُ.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>