للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخِبْرَةِ لَا يَعُودُ كَلَامُهُ.

فَإِنْ أُخِذَتْ، ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَ نُطْقِهِ اُمْتُحِنَ بِأَنْ يُرَوَّعَ فِي أَوْقَاتِ الْخَلَوَاتِ وَيُنْظَرَ هَلْ يَصْدُرُ مِنْهُ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَذِبُهُ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَمَا يَحْلِفُ الْأَخْرَسُ هَذَا فِي إبْطَالِ نُطْقِهِ بِكُلِّ الْحُرُوفِ.

وَأَمَّا فِي إبْطَالِ بَعْضِ الْحُرُوفِ فَيُعْتَبَرُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ هَذَا إذَا بَقِيَ لَهُ كَلَامٌ مَفْهُومٌ.

وَإِلَّا فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَالْحُرُوفُ الَّتِي تُوَزِّعُ الدِّيَةَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِحَذْفِ كَلِمَةِ " لَا "، لِأَنَّهَا لَامُ أَلِفٍ، وَهُمَا مَعْدُودَتَانِ.

فَفِي إبْطَالِ نِصْفِ الْحُرُوفِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي إبْطَالِ حَرْفٍ مِنْهَا رُبُعُ سُبُعِهَا.

وَخَرَجَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ غَيْرُهَا فَتُوَزَّعُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ حُرُوفًا وَقَدْ انْفَرَدَتْ لُغَةُ الْعَرَبِ بِحَرْفِ الضَّادِ فَلَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا.

وَفِي اللُّغَاتِ حُرُوفٌ لَيْسَتْ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَالْحَرْفِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْجِيمِ وَالشِّينِ، وَحُرُوفُ اللُّغَاتِ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا أَحَدَ عَشَرَ وَبَعْضُهَا أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ، وَلَا فَرْقَ فِي تَوْزِيعِ الدِّيَةِ عَلَى الْحُرُوفِ بَيْنَ اللِّسَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا كَالْحُرُوفِ الْحَلْقِيَّةِ.

وَلَوْ عَجَزَ الْمَجْنِيُّ عَلَى لِسَانِهِ عَنْ بَعْضِ الْحُرُوفِ خِلْقَةً كَأَرَتَّ وَأَلْثَغَ، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.

فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي إبْطَالِ كَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ نَاطِقٌ وَلَهُ كَلَامٌ مَفْهُومٌ إلَّا أَنَّ فِي نُطْقِهِ ضَعْفًا وَضَعْفُ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ لَا يَقْدَحُ فِي كَمَالِ الدِّيَةِ، كَضَعْفِ الْبَطْشِ وَالْبَصَرِ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ أَبْطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْحُرُوفِ فَالتَّوْزِيعُ عَلَى مَا يُحْسِنُهُ لَا عَلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَوْ ادَّعَى) أَيْ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى زَوَالُ النُّطْقِ فَكَيْفَ تَحْصُلُ الدَّعْوَى كَذَا قِيلَ، وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ هُوَ بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ، أَوْ يَدَّعِيَ وَلِيُّهُ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُرَوَّعَ) أَيْ يُخَوَّفَ فِي غَفْلَةٍ لِيُنْظَرَ أَيَنْطِقُ أَوْ لَا

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ رَاعَنِي الشَّيْءُ رَوْعًا مِنْ بَابِ قَالَ أَفْزَعَنِي وَرَوَّعَنِي مِثْلُهُ. اهـ.

قَوْلُهُ كَمَا يُحَلَّفُ الْأَخْرَسُ أَيْ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ أَذْهَبَ حَرْفًا فَعَادَ لَهُ حُرُوفٌ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُهَا وَجَبَ لِلذَّاهِبِ قِسْطُهُ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي يُحْسِنُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي فَلَمْ يَذْهَبْ إلَّا رُبُعُ كَلَامِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ فَإِذَا اُقْتُصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ اهـ س ل

قَوْلُهُ مَعْدُودَتَانِ فِيهِ أَنَّ الْمَعْدُودَ أَوَّلًا أَلِفٌ يَابِسَةٌ الَّتِي هِيَ أَوَّلُ الْحُرُوفِ وَهَذِهِ أَلِفٌ لَيِّنَةٌ

قَوْلُهُ رُبُعُ سُبُعِهَا أَيْ الدِّيَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ لِأَنَّ سُبُعَ الْمِائَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَسُبُعَانِ رُبُعُهَا ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ بَعِيرٍ هَذَا فِي الذَّكَرِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ وَفِي الْأُنْثَى الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ وَسُبُعَانِ وَفِي الذِّمِّيِّ بَعِيرٌ وَسُبُعُ بَعِيرٍ وَثُلُثَا سُبُعِ بَعِيرٍ وَفِي الْأُنْثَى الذِّمِّيَّةِ نِصْفُ بَعِيرٍ وَثُلُثَا سُبُعِ بَعِيرٍ وَفِي الْمَجُوسِيِّ سُبُعُ بَعِيرٍ وَثُلُثَا سُبُعِ بَعِيرٍ وَفِي الْأُنْثَى ثُلُثَا سُبُعٍ وَنِصْفُ ثُلُثِ سُبُعٍ. اهـ. مَيْدَانِيٌّ

قَوْلُهُ فَتُوَزَّعُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ غَيْرِ التَّأْنِيثِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ

وَلَوْ نَقَصَ بَعْضُ الْحُرُوفِ بِجِنَايَةٍ مَثَلًا فَالتَّوْزِيعُ عَلَى بَاقِيهَا وَأَمَّا لَوْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى أَكْثَرِهِمَا وَإِنْ قُطِعَتْ شَفَتَاهُ فَذَهَبَتْ الْمِيمُ وَجَبَ أَرْشُهَا مَعَ دِيَتِهَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَأَمَّا لَوْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ أَيْضًا أَوْ تُعْتَبَرُ الْعَرَبِيَّةُ قُلْت أَوْ كَثُرَتْ عَنْ الْأُخْرَى

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ إنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْهُمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ

وَقَالَ شَيْخُنَا ع ش الْمُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ حُرُوفًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَهِيَ الِانْتِفَاعُ بِالْحُرُوفِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ كَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الْعَاجِزِ خِلْقَةً وَالْعَاجِزِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا أَيْ قَوْلُهُ خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَقَوْلُهُ لَوْ أَبْطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْحُرُوفِ أَيْ الَّتِي يُحْسِنُهَا غَيْرُ الْمَعْجُوزِ عَنْهَا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ فَإِذَا كَانَ عَاجِزًا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ عَنْ ثَمَانِ حُرُوفٍ وَأَبْطَلَ شَخْصٌ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْعِشْرِينَ الَّتِي يُحْسِنُهَا كَحَرْفٍ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي يُحْسِنُهَا وَيُنْظَرُ مَاذَا يَخُصُّ هَذَا الْحَرْفَ الَّذِي أَبْطَلَهُ الْجَانِي هَكَذَا يَتَعَيَّنُ فَهْمُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ

قَوْلُهُ لَوْ أَبْطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْحُرُوفِ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي إبْطَالِ كَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ لَا إنْ كَانَ عَدَمُ إحْسَانِهِ لِذَلِكَ بِجِنَايَةٍ فَلَا دِيَةَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَزَالَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ. اهـ.

قَالَ م ر وَإِنْ كَانَ الْجَانِي الْأَوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>