للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا

وَأَصْلُ الْغُرَّةِ الْبَيَاضُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وَلِهَذَا شَرَطَ عَمْرُو بْنُ الْعَلَاءِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ أَبْيَضَ وَالْأَمَةُ بَيْضَاءَ وَحَكَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا

وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْأَكْثَرُونَ ذَلِكَ

وَقَالُوا النَّسَمَةُ مِنْ الرَّقِيقِ غُرَّةٌ لِأَنَّهَا غُرَّةُ مَا يُمْلَكُ أَيْ أَفْضَلُهُ وَغُرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ خِيَارُهُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْغُرَّةُ فِي الْجَنِينِ إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ الْحَيَّةِ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِالْقَوْلِ كَالتَّهْدِيدِ وَالتَّخْوِيفِ الْمُفْضِي إلَى سُقُوطِ الْجَنِينِ أَمْ بِالْفِعْلِ كَأَنْ يَضْرِبَهَا أَوْ يُوجِرَهَا دَوَاءً أَوْ غَيْرَهُ فَتُلْقِيَ جَنِينًا أَمْ بِالتَّرْكِ كَأَنْ يَمْنَعَهَا الطَّعَامَ أَوْ الشَّرَابَ حَتَّى تُلْقِيَ الْجَنِينَ وَكَانَتْ الْأَجِنَّةُ تَسْقُطُ بِذَلِكَ وَلَوْ دَعَتْهَا ضَرُورَةٌ إلَى شُرْبِ دَوَاءٍ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهَا لَا تَضْمَنُ بِسَبَبِهِ

وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ الصَّوْمُ وَلَوْ فِي رَمَضَانَ إذَا خَشِيَتْ مِنْهُ الْإِجْهَاضَ فَإِذَا فَعَلَتْهُ وَأَجْهَضَتْ ضَمِنَتْهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَمْ غَيْرَهُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ لِأَنَّ دِيَتَهُمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ لَكَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ غَيْرَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَوْنُهُ سَالِمًا مِنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَالْخُنُوثَةُ عَيْبٌ م ر.

قَوْلُهُ: (بِتَرْكِ تَنْوِينِ إلَخْ) هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا لَوْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَلَامُ الشَّارِحِ بِالنَّظَرِ لِلْمَتْنِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَحَكَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ) أَيْ الْمَالِكِيُّ. قَوْلُهُ: (النَّسَمَةُ) أَيْ الذَّاتُ بَيْضَاءَ، أَوْ سَوْدَاءَ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا غُرَّةٌ) لِأَنَّهَا مِنْ بَنِي آدَمَ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: ٧٠] .

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تَجِبُ الْغُرَّةُ) إشَارَةٌ إلَى شُرُوطِ وُجُوبِهَا.

وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ثَمَانِيَةٌ فَذَكَرَ هُنَا أَرْبَعَةً وَسَيَأْتِي بِذِكْرِ اثْنَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا مَضْمُونًا وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ اثْنَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ.

وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ، لِأَنَّ الْكَافِرَ كَذَلِكَ مَضْمُونٌ بِالْغُرَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَفِيهِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي، أَوْ يُقَالُ: الْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ مَعْصُومًا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِنَايَةُ) إشَارَةٌ إلَى تَعْمِيمَاتٍ سَبْعَةٍ: بَعْضُهَا فِي نَفْسِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ مَا هُنَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَبَعْضُهَا فِي الْجَنِينِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى، وَبَعْضُهَا وَهُوَ وَاحِدٌ فِي أُمِّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: سَوَاءٌ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهَا، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ يُوجِرَهَا) هُوَ إدْخَالُ شَيْءٍ فِي الْفَمِ قَهْرًا.

قَوْلُهُ: (الْإِجْهَاضُ) أَيْ الرَّمْيُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ أَجْهَضَتْ النَّاقَةُ وَلَدَهَا إجْهَاضًا أَلْقَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَبِينَ خَلْقُهُ

قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُقَالُ أَجْهَضَتْ إلَّا النَّاقَةُ خَاصَّةً فَهِيَ مُجْهِضَةٌ وَيُقَالُ فِي الْمَرْأَةِ أَسْقَطَتْ وَالْجِهَاضُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْهُ اهـ

فَإِطْلَاقُ الْإِجْهَاضِ عَلَى إسْقَاطِ الْمَرْأَةِ مَجَازٌ قَوْلُهُ فَإِذَا فَعَلَتْهُ أَيْ صَامَتْ فَأَجْهَضَتْ أَيْ وَضَعَتْ ضَمِنَتْهُ بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ إذَا صَامَتْ فَقَلَّ اللَّبَنُ أَوْ انْقَطَعَ وَمَاتَ الرَّضِيعُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَ شَخْصٍ وَشَرَابَهُ فَمَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَلَا ضَمَانَ

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرْعٌ مَنْ حَبَسَ آدَمِيًّا وَمَنَعَهُ الزَّادَ وَالْمَاءَ أَوْ عَرَّاهُ فَمَاتَ فَإِنْ كَانَ زَمَنًا يَمُوتُ فِيهِ غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ بَرْدًا فَعَمْدٌ أَوْ لَا يَمُوتُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ سَابِقٌ فَشِبْهُ عَمْدٍ وَإِلَّا فَإِنْ حَبَسَهُ زَمَنًا إذَا ضُمَّ إلَى الْأَوَّلِ وَمَاتَ وَعَلِمَ سَابِقَ جُوعِهِ وَعَطَشِهِ فَعَمْدٌ مَحْضٌ وَإِنْ جَهِلَ وَجَبَ نِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ

وَفِي الرَّحْمَانِيِّ مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى إرْضَاعِ اللِّبَأِ وَلَهَا الْأُجْرَةُ فَإِنْ امْتَنَعَتْ وَمَاتَ لَمْ تَضْمَنْ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَيَأْتِي أَنَّهَا تَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا يَدْفَعُ الْإِجْهَاضَ بِالْغُرَّةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَفِي الْفَرْقِ عُسْرٌ وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَمَنْ عَلِمَ عَيْنًا إنْ انْفَرَدَ وَإِلَّا فَكِفَايَةٌ كَقَطْعِ سُرَّةِ الْمَوْلُودِ عَقِبَ وِلَادَتِهِ لِتَوَقُّفِ إمْسَاكِ الطَّعَامِ عَلَيْهِ كَإِرْضَاعِهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ فَإِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ وَيَجِبُ خِتَانُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لَا الْخُنْثَى بَلْ لَا يَجُوزُ. اهـ. حَجّ

وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ سُئِلَ فِي امْرَأَةٍ سَافَرَ عَنْهَا زَوْجُهَا فِرَارًا مِنْ نَفَقَتِهَا فَخَافَتْ الْهَلَاكَ فَانْتَقَلَتْ عِنْدَ أَهْلِهَا وَتَرَكَتْ بِنْتًا صَغِيرَةً فَطِيمَةً لَهَا مِنْهُ عِنْدَ أَهْلِهِ وَمَاتَتْ فَادَّعَى عَلَى أَنَّكُمْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ زَوْجَتِي وَبِنْتِهَا وَمَاتَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَعَلَيْكُمْ دِيَتُهَا هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا

أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَالْحَالُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْجَنِينُ تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَدِيَةُ الْجَنِينِ الْحُرِّ غُرَّةٌ يَعْنِي أَنَّ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>