للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْحُكُومَةِ قِيمَةَ جُمْلَةِ الرَّقِيقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ قِيمَةَ عُضْوِهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْحُرِّ.

وَإِنْ قُدِّرَتْ فِي الْحُرِّ كَمُوضِحَةٍ وَقَطْعِ عُضْوٍ فَيَجِبُ مِثْلُ نِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ قِيمَتِهِ، لِأَنَّا نُشَبِّهُ الْحُرَّ بِالرَّقِيقِ فِي الْحُكُومَةِ، لِيَعْرِفَ قَدْرَ التَّفَاوُتِ لِيَرْجِعَ بِهِ، فَفِي الْمُشَبَّهِ بِهِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُرَّ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ بِدَلِيلِ التَّكْلِيفِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِهِ فِي التَّقْدِيرِ، فَفِي قَطْعِ يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ وَفِي يَدَيْهِ قِيمَتُهُ، وَفِي أُصْبُعِهِ عُشْرُهَا، وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِهَا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَلَوْ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَاهُ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يَجِبُ لِلْحُرِّ فِيهِ دِيَتَانِ: وَجَبَ بِقَطْعِهِمَا قِيمَتَانِ كَمَا يَجِبُ فِيهِمَا لِلْحُرِّ دِيَتَانِ وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَجِبُ فِي طَرَفِهِ نِصْفُ مَا فِي طَرَفِ الْحُرِّ وَنِصْفُ مَا فِي الْعَبْدِ فَفِي يَدِهِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ، وَفِي أُصْبُعِهِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ.

وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِيمَا زَادَ مِنْ الْجِرَاحَةِ، أَوْ نَقَصَ.

(وَ) فِي (دِيَةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ) الْمُسْلِمِ (غُرَّةُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ» عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِتَرْكِ تَنْوِينِ غُرَّةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ وَتَنْوِينُهَا عَلَى أَنَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِقَيْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ تَبِعَ مُقَدَّرًا كَقَطْعِ كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ وَكَانَ وَاجِبُهُ بِالتَّقْوِيمِ أَكْثَرَ مِنْ مَتْبُوعِهِ، أَوْ مِثْلَهُ لَمْ يَجِبْ كُلُّهُ بَلْ يُوجِبُ الْحَاكِمُ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ نَقَلَهَا م ر.

عَنْ الْبُلْقِينِيُّ وَرَدَّهَا بِقَوْلِهِ: وَهَذَا غَيْرُ مُتَّجَهٍ؛ إذْ النَّظَرُ فِي الْقِنِّ أَصَالَةٌ إلَى نَقْصِ الْقِيمَةِ، حَتَّى فِي الْمُقَدَّرِ عَلَى قَوْلٍ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِي غَيْرِهِ لِتَبَعِيَّتِهِ.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إذَا اتَّبَعَ مُقَدَّرًا يَكُونُ الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ سَوَاءً كَانَ زَائِدًا عَلَى وَاجِبِ الْمَتْبُوعِ أَوْ نَاقِصًا عَنْهُ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (بِالْحُكُومَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِمَا نَقَصَ، لِأَنَّ الْحُكُومَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْحُرِّ، لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَتِهِ إلَخْ وَعَلَى فَرْضِ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الرَّقِيقِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتَهُ، لِأَنَّهَا جُزْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الْقِيمَةِ فَكَيْفَ تَبْلُغُ الْقِيمَةَ ق ل.

فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يَبْلُغُ وَاجِبُ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ قِيمَتَهُ إلَخْ قَالَ سم: وَالْجَوَابُ أَنَّ غَرَضَهُمْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نَقْصُهَا عَنْ أَرْشِ الْمُقَدَّرِ كَمَا فِي حُكُومَةِ الْمُقَدَّرِ فَتَأَمَّلْ.

فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْحُكُومَةِ ذِكْرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَقَدَّمَتْ ضِمْنًا فِي قَوْلِهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ مُسَامَحَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: سُمِّيَ ذَلِكَ حُكُومَةً لِمَجَازِ الْمُشَابَهَةِ أَيْ مُشَابَهَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ لِنَقْصِ الدِّيَةِ.

وَقَوْلُهُ: عَلَى مَا سَبَقَ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ حَتَّى يُحِيلَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَوَهَّمَ أَنَّهُ سَبَقَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ ذَكَرَهَا فِي الْمَنْهَجِ فِي الْحُرِّ وَأَحَالَ عَلَيْهَا الرَّقِيقَ وَالشَّارِحُ ذَكَرَهَا فِي الرَّقِيقِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يَبْلُغُ بِالْحُكُومَةِ قِيمَةَ جُمْلَةِ الرَّقِيقِ مُحَالٌ لَا يُتَصَوَّرُ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ فَهُوَ فَرْضٌ مُحَالٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةُ عُضْوِهِ هَذَا مُمْكِنٌ فَنَفْيُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْجِنَايَةَ فِي الْعَبْدِ إذَا كَانَتْ لَا أَرْشَ لَهَا مُقَدَّرٌ وَكَانَتْ عَلَى عُضْوٍ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ يَجِبُ فِيهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْرَ قِيمَةِ الْعُضْوِ الَّذِي وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ نَظِيرِ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ فَيُشْتَرَطُ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا تَبْلُغَ دِيَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ فَإِنْ بَلَغَتْهَا نَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُدِّرَتْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ قُدِّرَ أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ، لِأَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ يُقَدَّرْ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّا نُشَبِّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُرَّ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ قُدِّرَتْ فِي الْحُرِّ إلَخْ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قُطِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَقَوْلُهُ: وَأُنْثَيَاهُ بِالْأَلِفِ صَحِيحٌ عَلَى الْجَادَّةِ فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ.

، وَإِذَا قُطِعَتْ أَطْرَافُ عَبْدٍ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ آخَرُ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ ذَاهِبَ الْأَطْرَافِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فِيمَا زَادَ) أَيْ زَادَ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ قَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ أَوْ نَقَصَ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الْيَدِ وَنَحْوِهَا

قَوْلُهُ: (وَفِي دِيَةِ الْجَنِينِ) لَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ دِيَةٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٍ، وَفِي إدْخَالِ الْجَارِّ عَلَيْهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِهِ الظَّاهِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ كَوْنُ الدِّيَةِ ظَرْفًا لِلْغُرَّةِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ النَّفْسِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الدِّيَةِ عَلَى الْغُرَّةِ مُسَامَحَةً.

قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْجَنِينَ الْكَافِرَ فِيهِ غُرَّةٌ أَيْضًا لَكِنَّهَا كَثُلُثِ غُرَّةِ الْمُسْلِمِ فِي الْكِتَابِيِّ وَثُلُثِ خُمُسِ غُرَّةِ الْمُسْلِمِ فِي الْمَجُوسِيِّ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ فَمُهْدَرَانِ كَمَا يَأْتِي كُلُّهُ فِي كَلَامِهِ فَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مَعْصُومًا، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَ مِنْ الشُّرُوطِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي ثَمَانِيَةٌ وَالتَّعْمِيمَاتُ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُهَا، فَلَوْ أَبْقَى الشَّارِحُ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ أَعَمَّ.

قَوْلُهُ: (عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ) بِخِيرَةِ الْغَارِمِ لَا الْمُسْتَحِقِّ.

وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الْخُنْثَى وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: يُشْتَرَطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>