للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُشْتَرَطُ مُوَالَاتُهَا فَلَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي خَمْسِينَ يَمِينًا فِي خَمْسِينَ يَوْمًا صَحَّ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مِنْ جِنْسِ الْحُجَجِ وَالْحُجَجُ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا كَمَا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ مُتَفَرِّقِينَ، وَلَوْ تَخَلَّلَ الْأَيْمَانَ جُنُونٌ، أَوْ إغْمَاءٌ بَنَى إذَا أَفَاقَ عَلَى مَا مَضَى.

وَلَوْ مَاتَ الْوَلِيُّ الْمُقْسِمُ فِي أَثْنَاءِ الْأَيْمَانِ لَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ بَلْ يَسْتَأْنِفُ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ كَالْحُجَّةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَحَدٌ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ أَقَامَ شَطْرَ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ مَاتَ حَيْثُ يَضُمُّ وَارِثُهُ إلَيْهِ الشَّطْرَ الثَّانِيَ وَلَا يَسْتَأْنِفُ، لِأَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ شَاهِدٍ مُسْتَقِلَّةٌ. أَمَّا إذَا تَمَّتْ أَيْمَانُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يَسْتَأْنِفُ وَارِثُهُ بَلْ يُحْكَمُ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً، ثُمَّ مَاتَ. وَأَمَّا وَارِثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَبْنِي عَلَى أَيْمَانِهِ إذَا تَخَلَّلَ مَوْتُهُ الْأَيْمَانَ، وَكَذَا يَبْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ عُزِلَ الْقَاضِي، أَوْ مَاتَ فِي خِلَالِهَا وَوُلِّيَ غَيْرُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلنَّفْيِ فَتَنْفُذُ بِنَفْسِهَا وَيَمِينَ الْمُدَّعِي لِلْإِثْبَاتِ فَتَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي، وَالْقَاضِي الثَّانِي لَا يَحْكُمُ بِحُجَّةٍ أُقِيمَتْ عِنْدَ الْأَوَّلِ.

وَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ وَرَثَةٌ خَاصَّةٌ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ وُزِّعَتْ الْأَيْمَانُ الْخَمْسُونَ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ الْإِرْثِ، لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِأَيْمَانِهِمْ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْأَيْمَانُ كَذَلِكَ. وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا، خَاصَّةٌ مَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ غَيْرُ حَائِزٍ وَشَرِيكُهُ بَيْتُ الْمَالِ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ لَمْ تُوَزَّعْ بَلْ يُحَلَّفُ الْخَاصُّ خَمْسِينَ يَمِينًا كَمَا لَوْ نَكَلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَوْ غَابَ يُحَلَّفُ الْحَاضِرُ خَمْسِينَ يَمِينًا. وَهَلْ تُقْسَمُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَصْلِ الْفَرِيضَةِ، أَوْ عَلَى الْفَرِيضَةِ وَعَوْلِهَا.؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا كَمَا فِي الْحَاوِي الثَّانِي، فَفِي زَوْجٍ وَأَمٍّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُبَيِّنْهَا النَّبِيُّ لَهُمْ اتِّكَالًا عَلَى وُضُوحِ الْأَمْرِ فِيهَا:. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ

: (وَلَا يُشْتَرَطُ مُوَالَاتُهَا) بِخِلَافِ اللِّعَانِ، لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ الْبَدَنِيَّةِ وَاخْتِلَالِ النَّسَبِ وَشُيُوعِ الْفَاحِشَةِ، وَهَتْكِ الْعِرْضِ. اهـ. حَجّ س ل قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُسْتَحَبُّ تَغْلِيظُهَا كَاللِّعَانِ.

قَوْلُهُ: (جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ بَنَى) وَكَذَا لَوْ عُزِلَ الْقَاضِي، ثُمَّ وُلِّيَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وُلِّيَ غَيْرُهُ، أَوْ مَاتَ أَيْ الْقَاضِي وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا فَيَسْتَأْنِفُ الْحَالِفُ، سم. لِأَنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي وُلِّيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ لَا يَحْكُمُ بِأَيْمَانِ الْحَالِفِينَ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَيْمَانَ كَالْحُجَّةِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِعَدَمِ ظُهُورِهِ وَعِبَارَةُ التَّحْرِيرِ: فَيَسْتَأْنِفُ الْوَارِثُ؛ إذْ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ بِيَمِينِ غَيْرِهِ أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ السَّيِّدَ يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِ الْمُكَاتَبِ، إذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ، وَبَيْتُ الْمَالِ يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِ الْوَارِثِ الْخَاصِّ. قَوْلُهُ: (شَطْرَ) : أَيْ نِصْفَ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يُحْكَمُ لَهُ) أَيْ بِالدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ وَكَأَنَّهُ تَلَقَّاهَا مِنْ مُوَرِّثِهِ حَتَّى لَا يَخْدِشَهُ التَّعْلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْوَارِثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) كَأَنْ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي. وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ وَارِثَ الْمُدَّعِي لَا يَبْنِي بِخِلَافِ وَارِثِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الثَّانِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَبْنِي إذَا عُزِلَ الْقَاضِي وَوُلِّيَ قَاضٍ آخَرُ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْنِي. الثَّالِثُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ تُوَزَّعُ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِ لَوْ تَعَدَّدَ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (يَبْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فِي خِلَالِهَا) : أَيْ فِي أَثْنَائِهَا.

قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ خَاصٌّ بِصُورَةِ الْعَزْلِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَرْقَ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ وَقَدْ يُقَالُ: كَلَامُهُ شَامِلٌ لِلْمَوْتِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا يُحْكَمُ بِحُجَّةٍ أُقِيمَتْ عِنْدَ الْأَوَّلِ يَصْدُقُ بِعَزْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ مَوْتِهِ.

قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْإِرْثِ) وَيُفْرَضُ الْخُنْثَى ذَكَرًا وَيُفْرَضُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ أُنْثَى بِاعْتِبَارِ أَيْمَانِ الْغَيْرِ وَيُفْرَضُ فِي أَخْذِهِ مِنْ الدِّيَةِ أُنْثَى لِأَنَّهُ أَسْوَأُ فِي الْجَمِيعِ فَإِذَا كَانَ مَعَهُ أَيْ الْخُنْثَى ابْنٌ حُلِّفَ النِّصْفَ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ وَأَخَذَ الثُّلُثَ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَحُلِّفَ الِابْنُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، لِأَنَّهَا ثُلُثَا الْخَمْسِينَ مَعَ جَبْرِ الْكَسْرِ وَأَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ النِّصْفَ وَوُقِفَ لِلْخُنْثَى مَا بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ السُّدُسُ إلَى الصُّلْحِ، أَوْ الْبَيَانِ. اهـ. زي. قَوْلُهُ: (بَلْ يُحَلَّفُ الْخَاصُّ خَمْسِينَ يَمِينًا) أَيْ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) وَانْظُرْ مَا تَفْصِيلُ الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ هَلْ يُحَلَّفُ بِنِسْبَةِ نَصِيبِهِ مِنْ السِّتَّةِ فَتَزِيدَ الْأَيْمَانُ عَلَى الْخَمْسِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ عَلَى أَصْلِ قَدْرِ الْفَرِيضَةِ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ مِنْ شِقَّيْ التَّرْدِيدِ وَحِينَئِذٍ فَتَبْلُغُ الْأَيْمَانُ خَمْسًا وَثَمَانِينَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ شَيْخُنَا. فَيُحَلَّفُ الزَّوْجُ نِصْفَ الْأَيْمَانِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ الْأَصْلِيِّ وَتُحَلَّفُ الْأُخْتَانِ لِلْأَبِ ثُلُثَيْهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ بِجَبْرِ الْمُنْكَسِرِ وَتُحَلَّفُ الْأُخْتَانِ لِلْأُمِّ ثُلُثَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>