للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَذْفِ الْكَافِرِ بِأَنْ يَقْذِفَ مُرْتَدًّا بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ. وَبِقَذْفِ الْمَجْنُونِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ إفَاقَتِهِ. وَبِقَذْفِ الْعَبْدِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ حُرِّيَّتِهِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الرِّقُّ. وَصُورَتُهُ: فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْأَسِيرُ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ فِيهِ الرِّقَّ، وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ بِوَطْءِ شَخْصٍ وَطْئًا حَرَامًا وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ كَوَطْءِ مُحَرَّمَةٍ بِرَضَاعٍ، أَوْ نَسَبٍ كَأُخْتٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالزِّنَا بَلْ غِشْيَانُ الْمَحَارِمِ أَشَدُّ مِنْ غِشْيَانِ الْأَجْنَبِيَّاتِ. وَلَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءٍ حَرَامٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ كَوَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ عَارِضٌ يَزُولُ وَلَا بِوَطْءِ أَمَةِ وَلَدِهِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ حَيْثُ حَصَلَ عُلُوقٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ. مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ وَلَا بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَوَطْءِ مَنْكُوحَتِهِ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ بِلَا شُهُودٍ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ. وَلَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمٍ، أَوْ اعْتِكَافٍ. وَلَا بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ وَلَا بِوَطْءِ مَمْلُوكَةٍ لَهُ مُرْتَدَّةٍ، أَوْ مُزَوَّجَةٍ، أَوْ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، أَوْ مُكَاتَبَةٍ، وَلَا بِزِنَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَا بِوَطْءِ جَاهِلٍ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ. أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَلَا بِوَطْءِ مُكْرَهٍ وَلَا بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ مَحْرَمًا لَهُ كَأُمِّهِ، بِنِكَاحٍ، أَوْ مِلْكٍ، لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ وَلَا بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ.

فُرُوعٌ: لَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا يُتَيَقَّنُ بَلْ يُظَنُّ وَظُهُورُ الزِّنَا يَخْدِشُهُ كَالشَّاهِدِ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةِ شَهِدَ بِشَيْءٍ ثُمَّ ظَهَرَ فِسْقُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ.

وَلَوْ ارْتَدَّ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّدَّةِ وَالزِّنَا أَنَّهُ يُكْتَمُ مَا أَمْكَنَ فَإِذَا ظَهَرَ أَشْعَرَ بِسَبْقِ مِثْلِهِ. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا يَهْتِكُ السِّتْرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ. كَمَا قَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ، وَالْعَقَائِدُ لَا تَخْفَى غَالِبًا فَإِظْهَارُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْإِخْفَاءِ وَكَالرَّدَّةِ السَّرِقَةُ وَالْقَتْلُ، لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا قُذِفَ بِهِ. وَمَنْ زَنَى مَرَّةً، ثُمَّ صَلُحَ بِأَنْ تَابَ وَصَلُحَ حَالُهُ لَمْ يُعَدَّ مُحْصَنًا أَبَدًا وَلَوْ لَزِمَ الْعَدَالَةَ وَصَارَ مِنْ أَوْرَعِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَزْهَدِهِمْ، لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْخَرَمَ بِالزِّنَا لَمْ يَزُلْ خَلَلُهُ بِمَا يَطْرَأُ مِنْ الْعِفَّةِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّارِحِ الْعَفِيفَ عَلَى الْوَطْءِ الَّذِي يُحَدُّ بِهِ فَلَوْ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْمَنْهَجِ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ التَّنْبِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى تَقْيِيدِ الْعَفِيفِ بِعِفَّتِهِ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ وَطْءُ مَحْرَمِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ بِكُلِّ ذَلِكَ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ عَفِيفٌ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: كَمَا قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ وَعَنْ وَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا وَعَنْ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمَحْرَمِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَيُتَصَوَّرُ الْحَدُّ بِقَذْفِ إلَخْ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ أَضْدَادَ مَا ذَكَرَ نَقْصٌ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا حُدَّ لِإِضَافَتِهِ الْقَذْفَ لِحَالَةِ الْكَمَالِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ فِيهِ الرِّقَّ) وَإِسْلَامُهُ إنَّمَا عَصَمَ دَمَهُ مِنْ الْقَتْلِ فَقَطْ وَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَالِ الْبَاقِيَةِ أَيْ فَقَذَفَهُ بِالزِّنَا بَعْدَ ضَرْبِ الرِّقِّ وَأُضِيفَ الزِّنَا إلَى مَا قَبْلَ الرِّقِّ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ وَهُوَ قَبْلَ الرِّقِّ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَلِذَلِكَ حُدَّ الْقَاذِفُ، لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ قَوْلُهُ: (غِشْيَانُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ بِهِ الْجِمَاعُ، اهـ.

مِصْبَاحٌ قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ} [الأعراف: ١٨٩] قَوْلُهُ: (وَلَا بِوَطْءِ أَمَةِ وَلَدِهِ) مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ عُلُوقٌ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْأَوَّلِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: لِثُبُوتِ النَّسَبِ.

قَوْلُهُ: (لِثُبُوتِ النَّسَبِ) لَيْسَ عِلَّةً لِعَدَمِ سُقُوطِ الْعِفَّةِ بَلْ الْعِلَّةُ انْتِفَاءُ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ إلَخْ) أَيْ وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَذَفَ فَلَا تَبْطُلُ عِفَّتُهُ بِمَا وَقَعَ فِي الْكُفْرِ

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: لَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ إلَخْ، الثَّانِي قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ إلَخْ، الثَّالِثُ قَوْلُهُ: وَمَنْ زَنَى مَرَّةً ثُمَّ صَلُحَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَظُهُورُ الزِّنَا يَخْدِشُهُ) بَابُهُ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالْعِبَارَةُ نَاقِصَةٌ وَتَمَامُهَا فَظُهُورُ الزِّنَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ أَيْ فَكَأَنَّهُ وَقْتَ الْقَذْفِ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ فَلِذَلِكَ سَقَطَ الْحَدُّ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا ظَهَرَ أَشْعَرَ) أَيْ فَكَأَنَّهُ وَقْتَ الْقَذْفِ غَيْرُ مُحْصَنٍ قَوْلُهُ: (وَكَالرَّدَّةِ السَّرِقَةُ وَالْقَتْلُ) أَيْ فَإِذَا رَمَاهُ بِالزِّنَا فَثَبَتَتْ سَرِقَتُهُ، أَوْ قَتْلُهُ لِشَخْصٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>