للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْإِحْيَاءِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ حِرْزًا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ.

بِحَسَبِ صَلَاحِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَفَسَادِهَا وَقُوَّةِ السُّلْطَانِ وَضَعْفِهِ. وَضَبَطَهُ الْغَزَالِيُّ بِمَا لَا يُعَدُّ صَاحِبُهُ مُضَيِّعًا لَهُ؛ فَعَرْصَةُ دَارٍ، وَصُفَّتُهَا حِرْزُ خَسِيسِ آنِيَةٍ وَثِيَابٍ، أَمَّا نَفِيسُهَا فَحِرْزُهُ بُيُوتُ الدُّورِ وَالْخَانَاتِ وَالْأَسْوَاقِ الْمَنِيعَةُ وَمَخْزَنٌ حِرْزُ حُلِيٍّ وَنَقْدٍ وَنَحْوِهِمَا. وَنَوْمٌ بِنَحْوِ صَحْرَاءَ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ عَلَى مَتَاعٍ وَلَوْ تَوَسَّدَهُ حِرْزٌ لَهُ. وَمَحَلُّهُ فِي تَوَسُّدِهِ فِيمَا يُعَدُّ التَّوَسُّدُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ " أَوْ " مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ فَتُجَوِّزُ الْخُلُوَّ اهـ. وَقَوْلُهُ: مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مُلَاحَظَتِهِ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُدَّعَى حَصَانَةُ مَوْضِعِهِ حَقِيقَةً أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْمَوْضِعِ مَا أُخِذَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا حَصِينٌ بِالنَّوْمِ عَلَى الثَّوْبِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَعَرْصَةُ دَارٍ) الْعَرْصَةُ الصَّحْنُ وَالصُّفَّةُ الْمِصْطَبَةُ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ السُّكَّانِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَهَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَالْغَرَضُ مِنْهُ بَيَانُ تَفَاوُتِ أَجْزَاءِ الدَّارِ، فِي الْحِرْزِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْمُحْرَزِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اعْتِبَارِ الْمُلَاحَظَةِ مَعَ الْحَصَانَةِ فِي الْحِرْزِيَّةِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (وَالْخَانَاتِ) أَيْ وَبُيُوتِ الْخَانَاتِ وَهِيَ الْوَكَائِلُ وَبُيُوتُهَا الْحَوَاصِلُ وَالطَّبَقَاتُ الَّتِي فِيهَا، وَقَوْلُهُ: وَالْأَسْوَاقِ أَيْ وَبُيُوتُ الْأَسْوَاقِ وَهِيَ الدَّكَاكِينُ وَلَوْ فَتَحَ دَارِهِ أَوْ حَانُوتَهُ لِبَيْعِ مَتَاعٍ فَدَخَلَ شَخْصٌ وَسَرَقَ مِنْهُ فَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ بِهِ لِيَسْرِقَ قُطِعَ أَوْ لِيَشْتَرِيَ فَلَا وَلَوْ أَذِنَ فِي دُخُولِ نَحْوِ دَارِهِ، لِشِرَاءٍ قُطِعَ مَنْ دَخَلَ سَارِقًا لَا مُشْتَرِيًا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ قُطِعَ كُلُّ دَاخِلٍ شَرْحُ م ر وَمِنْهُ الْحَمَّامُ فَمَنْ دَخَلَهُ لِغُسْلٍ وَسَرَقَ مِنْهُ، لَمْ يُقْطَعْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُلَاحِظٌ وَيَخْتَلِفُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِالْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرِ بِالنَّظَرِ إلَى كَثْرَةِ الزَّحْمَةِ وَقِلَّتِهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَابُ الدَّارِ مَفْتُوحًا وَبَابُ الْغُرْفَةِ أَوْ الْقَاعَةِ مُغْلَقًا وَدَخَلَ السَّارِقُ فَأَخْرَجَ الشَّيْءَ مِنْ دَاخِلِ الْغُرْفَةِ مَثَلًا إلَى صَحْنِ الدَّارِ قُطِعَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ إلَى مَحَلِّ الضَّيَاعِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُحْرَزًا وَأَمَّا إذَا كَانَ بَابُ الْغُرْفَةِ مَثَلًا مَفْتُوحًا كَبَابِ الدَّارِ، وَأَخْرَجَهُ السَّارِقُ مِنْ دَاخِلِ الْغُرْفَةِ إلَى صَحْنِ الْبَيْتِ فَلَا قَطْعَ وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مَعَهُ، لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَابَانِ مَغْلُوقَيْنِ، أَوْ بَابُ الدَّارِ مَغْلُوقًا دُونَ بَابِ الْغُرْفَةِ، فَكَذَا لَا قَطْعَ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ دَاخِلِ الْحِرْزِ إلَى صَحْنِ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ تَمَامِ الْحِرْزِ فَإِنْ أَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ قُطِعَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (الْمَنِيعَةُ) أَيْ الْحَصِينَةُ أَيْ لِلْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ دَفَنَ مَالَهُ بِصَحْرَاءَ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ. اهـ. زي.

قَوْلُهُ: (وَمَخْزَنٌ) بِفَتْحِ الزَّايِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ اسْمُ مَكَان وَجَوَّزَ غَيْرُهُ الْكَسْرَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَكَانُ الَّذِي يُخْزَنُ فِيهِ دَاخِلَ مَحَلٍّ آخَرَ كَخِزَانَةٍ وَصُنْدُوقٍ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَالَ ح ل: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ بُيُوتَ الدُّورِ وَالْخَانَاتِ لَا تَكُونُ حِرْزًا لِلنَّقْدِ وَالْحُلِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَنَوْمٌ بِنَحْوِ صَحْرَاءَ) وَكَذَا يُقْطَعُ بِأَخْذِ عِمَامَةِ النَّائِمِ مِنْ عَلَى رَأْسِهِ وَمَدَاسِهِ مِنْ رِجْلِهِ إنْ عَسُرَ قَلْعُهَا وَكِيسِ دَرَاهِمَ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ انْتَبَهَ. ح ل: وَكَذَا خَاتَمُهُ الَّذِي فِي أُصْبُعِهِ وَكَذَا سِوَارُ الْمَرْأَةِ وَخَلْخَالُهَا إنْ عَسُرَ إخْرَاجُهُ مِنْهَا بِحَيْثُ يُوقِظُ النَّائِمَ غَالِبًا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْخَاتَمِ فِي الْأُصْبُعِ شَرْحَ م ر مُلَخَّصًا، قَالَ ع ش: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَقِيلَ النَّوْمِ بِحَيْثُ لَا يَنْتَبِهُ بِالتَّحْرِيكِ الشَّدِيدِ وَنَحْوِهِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُ مَا مَعَهُ وَمَا عَلَيْهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ) أَيْ وَمَكَانٍ غَيْرِ مَغْصُوبٍ شَرْحَ م ر. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ نَامَ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَا يَكُونُ مَا مَعَهُ مُحْرَزًا بِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مُتَعَدٍّ بِدُخُولِ الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَكُونُ الْمَكَانُ حِرْزًا لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَوَسَّدَهُ) مَا لَمْ يَنْقُلْهُ السَّارِقُ عَمَّا تَوَسَّدَهُ، أَوْ نَامَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ، لِأَنَّهُ أَزَالَ الْحِرْزَ قَبْلَ السَّرِقَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَرَّهُ مِنْ تَحْتِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَالْفَرْقُ: أَنَّهُ فِي الْأُولَى أَزَالَ الْحِرْزَ وَفِي الثَّانِيَةِ هَتَكَ الْحِرْزَ وَعِبَارَةُ زي وَفَارَقَ قَلْبُ السَّارِقِ نَحْوُ نَقْبِ الْجِدَارِ بِأَنْ هَتَكَ الْحِرْزَ بِإِزَالَةٍ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ النَّقْبِ ثَمَّ وَأَمَّا قَوْلُ الْجُوَيْنِيِّ وَلَوْ وَجَدَ جَمَلًا صَاحِبُهُ نَائِمٌ عَلَيْهِ فَأَلْقَاهُ مِنْ عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْجَمَلَ قُطِعَ فَقَدْ خَالَفَهُ الْبَغَوِيّ فَقَالَ: لَا قَطْعَ، لِأَنَّهُ رَفَعَ الْحِرْزَ أَيْ أَزَالَهُ. وَلَمْ يَهْتِكْهُ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ: وَجِيهٌ. لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ رَفْعِ الْحِرْزِ. أَيْ إزَالَتِهِ مِنْ أَصْلِهِ وَهَتْكِهِ اهـ. وَلَوْ أَخَذَ النَّائِمَ مَعَ الْجَمَلِ فَلَا قَطْعَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْ الْحِرْزَ وَلَمْ يَهْتِكْهُ ع ش. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَلَوْ انْقَلَبَ وَلَوْ بِقَلْبِ السَّارِقِ، وَمِثْلُهُ رَمْيُهُ عَنْ دَابَّةٍ وَهَدْمُ حَائِطِ دَارِ، وَإِسْكَارُهُ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>