للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَى بِهَا عَلَى قَصْدِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، أَيْ أَوْ أَطْلَقَ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوْ مَعَ قَطْعِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ عَنْهَا لَمْ يُكْرَهْ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ بِهِ أَوْ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ كَالْمَدَارِسِ وَالرُّبَطِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا اهـ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يُطْلَبُ تَرْكُ التَّثْلِيثِ كَأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهِ لَخَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّثْلِيثُ، أَوْ قَلَّ الْمَاءُ بِحَيْثُ لَا يَكْفِيهِ إلَّا لِلْفَرْضِ فَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا تُحْوِجُهُ إلَى التَّيَمُّمِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي التُّحْفَةِ، أَوْ احْتَاجَ إلَى الْفَاضِلِ عَنْهُ لِعَطَشٍ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِلشُّرْبِ لَوْ تَوَضَّأَ بِهِ مَرَّةً مَرَّةً، وَلَوْ ثَلَّثَ لَمْ يَفْضُلْ لِلشُّرْبِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّثْلِيثُ كَمَا قَالَهُ الْجِيلِيُّ فِي الْإِعْجَازِ، وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَثْلِيثِ الْوُضُوءِ وَسَائِرِ آدَابِهِ، وَلَا يُجْزِئُ تَعَدُّدٌ قَبْلَ تَمَامِ الْعُضْوِ نَعَمْ لَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ ثَلَاثًا حَصَلَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَ قَطْعِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ) عَطَفَهُ عَلَى نِيَّةِ التَّبَرُّدِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إمَّا بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْعَلْقَمِيُّ: يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوُضُوءُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ الْفَسَاقِي فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ عَائِدٌ فِيهَا فَلَيْسَ فِيهِ إتْلَافُ طُوخِيٍّ. وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ رَجَعَتْ لِمَحَلِّهَا خِلَافًا لِلْعَلْقَمِيِّ. اهـ. لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إتْلَافٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ ذَهَابِ جُزْءٍ مِنْهَا فَلَا يَعُودُ الْكُلُّ إلَى مَحَلِّهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ مَا لَوْ أَخَذَ غَرْفَةً كَبِيرَةً بِيَدِهِ بِحَيْثُ تَزِيدُ عَلَى غَسْلِ وَجْهِهِ مَثَلًا، وَيَنْزِلُ بَاقِيهَا عَلَى نَحْوِ مَلْبُوسِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا أَيْضًا، وَإِنَّمَا الْإِذْنُ فِي قَدْرِ مَا يَعُمُّ عُضْوَهُ فَقَطْ، وَيَحْرُمُ أَيْضًا تَزْوِيدُ الدَّوَاةِ مَثَلًا وَبَلُّ الْقَرَاقِيشِ وَالِاسْتِنْجَاءُ فِي الْمِيضَأَةِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْوُضُوءِ كَمِيضَأَةِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ،، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَيَرْجِعُ لِلْأَصْلِ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمِيضَأَةَ لِلْوُضُوءِ وَالْمَغْطِسَ لِلْغُسْلِ وَبُيُوتَ الْأَخْلِيَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ، نَعَمْ إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ لِلِاسْتِنْجَاءِ مِنْهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِبُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ مَاءٌ جَازَ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْوَاقِفَ عَمَّمَ الِانْتِفَاعَ حَتَّى بِغَيْرِ مَا أُعِدَّ لَهُ جَازَ، وَمِنْهُ صِهْرِيجُ قَايِتْبَايَ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِالْقُرْبِ مِنْ حَارَّةِ التُّرْكِ فَقَدْ قَرَّرَ الْمَشَايِخُ أَنَّهُ عَمَّمَ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَتَّى تُغْسَلَ خِرَقُ الْحَيْضِ مِنْهُ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي بَعْضَ السُّنَنِ هَلْ يَفْعَلُ مِنْهَا مَا أَرَادَ أَوْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ؟ أَوْ يَفْعَلُ مَا هُوَ أَحَقُّ بِالتَّنْظِيفِ كَمَا إذَا كَانَ فِي فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَذًى؟ . وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ يُقَدِّمُ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ، ثُمَّ مَا أُجْمِعَ عَلَى طَلَبِهِ ثُمَّ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ فَلْيُحَرَّرْ. وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي تَثْلِيثَ عُضْوٍ وَاحِدٍ وَبَقِيَّةَ الْأَعْضَاءِ مَرَّةً مَرَّةً فَهَلْ يَخُصُّ بِهِ الْوَجْهَ أَوْ يَغْسِلُهُ مَرَّتَيْنِ؟ . وَالْيَدَيْنِ كَذَلِكَ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُ تَكْرِيرِ غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى تَكْرِيرِ الْغَسْلِ فِي أَعْضَاءٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِخِلَافِ التَّكْرِيرِ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (فِي التُّحْفَةِ) مُرَادُهُ بِهِ شَرْحُ التَّنْبِيهِ لِلنَّوَوِيِّ الْمُسَمَّى بِالتُّحْفَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ ثَلَّثَ لَمْ يَفْضُلْ) فَلَوْ ثَلَّثَ تَيَمَّمَ وَلَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ فِي غَرَضِ التَّثْلِيثِ وَكَذَا لَا يُعِيدُ لَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَرَضٍ، وَإِنْ أَثِمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مُطْلَقٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي فِي التَّيَمُّمِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَاءٌ. . . إلَخْ وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَهُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنْظِيفِ ثَوْبٍ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا، وَكَذَا لِغَيْرِ غَرَضٍ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ، لَكِنَّهُ آثِمٌ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ) بِأَنْ لَا يُسَلِّمَ الْإِمَامُ وَخَرَجَ بِهِ إدْرَاكُ بَعْضِ الرَّكَعَاتِ أَوْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ق ل. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَقَدْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ بِأَنْ خَافَ فَوْتَ جَمَاعَةٍ لَمْ يُرْجَ غَيْرُهَا.

قَوْلُهُ: (وَسَائِرِ آدَابِهِ) مَا لَمْ يَقُلْ الْمُخَالِفُ وُجُوبَهَا كَمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى الْجَمَاعَةِ.

قَوْلُهُ: (تَعَدُّدُ) عَبَّرَ بِالتَّعَدُّدِ لِيَشْمَلَ التَّثْنِيَةَ وَالتَّثْلِيثَ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى التَّعَدُّدِ قَبْلَ تَمَامِ الْعُضْوِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ ثَلَاثًا) أَيْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَأَمَّا لَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ ثَلَاثًا فِي مَحَالَّ مُتَعَدِّدَةٍ، فَنُقِلَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>