للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، أَوْ شُبْهَةُ الْفَاعِلِ: كَمَنْ أَخَذَ مَالًا عَلَى صُورَةِ السَّرِقَةِ يَظُنُّ أَنَّهُ مِلْكُهُ، أَوْ مِلْكُ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ، أَوْ شُبْهَةُ الْمَحَلِّ: كَسَرِقَةِ الِابْنِ مَالَ أَحَدِ أُصُولِهِ، أَوْ أَحَدِ الْأُصُولِ مَالَ فَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّحَادِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا. كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلِأَنَّ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُرْصَدٌ لِحَاجَةِ الْآخَرِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا تُقْطَعَ يَدُهُ بِسَرِقَةِ ذَلِكَ الْمَالِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَقَارِبِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّارِقُ مِنْهُمَا حُرًّا أَمْ رَقِيقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ تَفَقُّهًا مُؤَيِّدًا لَهُ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الرَّقِيقُ أَمَةَ فَرْعِهِ لَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَلَا قَطْعَ أَيْضًا بِسَرِقَةِ رَقِيقٍ مَالَ سَيِّدِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلِشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ، وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ وَالْمُبَعَّضُ كَالْقِنِّ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ فَيَصِيرُ كَمَا كَانَ.

قَاعِدَةٌ: مَنْ لَا يُقْطَعُ بِمَالٍ لَا يُقْطَعُ بِهِ رَقِيقُهُ فَكَمَا لَا يُقْطَعُ الْأَصْلُ بِسَرِقَةِ مَالِ الْفَرْعِ. وَبِالْعَكْسِ لَا يُقْطَعُ رَقِيقُ أَحَدِهِمَا بِسَرِقَةِ مَالِ الْآخَرِ، وَلَا يُقْطَعُ السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ مَالِ مُكَاتَبِهِ لِمَا مَرَّ وَلَا بِمَالٍ مَلَكَهُ الْمُبَعَّضُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ بِالْحُرِّيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَصَارَ شُبْهَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

صُورَةِ السَّرِقَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آخِذٌ لِلشَّيْءِ خِفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ مِلْكُ أَصْلِهِ، أَوْ فَرْعِهِ) وَفِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» . اهـ. دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِمَا بَيْنَهُمَا) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا يُقْطَعُ لِمَا بَيْنَهُمَا إلَخْ قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ حَاجَةِ الْآخَرِ إلَخْ فِي كَوْنِ هَذَا مِنْ الْحَاجَةِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ " مِنْ " تَعْلِيلِيَّةً أَيْ وَمِنْ أَجْلِهَا عَدَمُ قَطْعِ يَدِهِ بِسَرِقَةٍ إلَخْ. وَعِبَارَةُ م د وَمِنْهَا أَيْ وَمِنْ حَاجَةِ الْآخَرِ أَنْ لَا تُقْطَعَ يَدُهُ بِسَرِقَةِ ذَلِكَ الْمَالِ أَيْ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى لَوْ سَرَقَ الْأَخُ مَالَ أَخِيهِ مَثَلًا فَادَّعَى أَنَّهُ مَالُ أَبِيهِ فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْأَبُ كَأَنْ قَالَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا مَالِي بَلْ مَالَ أَخِيك اهـ.

قَوْلُهُ: (مِنْهُمَا) أَيْ الْأَصْلِ، أَوْ الْفَرْعِ.

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) هِيَ أَرْبَعَةٌ: أَوَّلُهَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الشَّرْطِ السَّادِسِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلسَّارِقِ شُبْهَةٌ فِي الْمَسْرُوقِ كَمَالِ أَبِيهِ، أَوْ ابْنِهِ فَذَكَرَ مِنْ الشُّبْهَةِ مَا لَوْ سَرَقَ طَعَامًا زَمَنَ قَحْطٍ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ثَمَنِهِ فَلَا يُقْطَعُ لِشُبْهَةِ وُجُوبِ حِفْظِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ. وَثَانِيهَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ فَذَكَرَ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فَلَا قَطْعَ لِكَوْنِهِ صَارَ غَيْرَ مُحْرَزٍ عَنْهُ. وَثَالِثُهَا يَتَفَرَّعُ عَلَى عُمُومِ أَخْذِ مَا يُسَاوِي نِصَابًا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْخَسِيسَ مِنْ حَطَبٍ وَحَشِيشٍ، وَإِنْ تَيَسَّرَ أَخْذُ مِثْلِهِمَا بِسُهُولَةٍ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ كَصَحْرَاءَ. وَرَابِعُهَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ: أَنْ يَسْرِقَ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ فَذَكَرَ أَنَّ عُمُومَ الْأَدِلَّةِ تَدُلُّ عَلَى شُمُولِ ذَلِكَ لِمَا هُوَ مُعَرَّضٌ لِلتَّلَفِ كَالْأَطْعِمَةِ، وَالْفَوَاكِهِ، وَنَحْوِهِمَا م د.

فَرْعٌ: إذَا نُبِشَ قَبْرٌ فَإِنْ كَانَ الْقَبْرُ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ قُطِعَ بِسَرِقَةِ الْكَفَنِ مِنْهُ، وَكَذَا يُقْطَعُ إذَا كَانَ الْقَبْرُ بِمَقْبَرَةٍ بِطَرَفِ الْعِمَارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِنْهُ تُرْبَةُ الْأَزْبَكِيَّةِ، وَتُرْبَةُ الرُّمَيْلَةِ، فَيُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهُمَا، وَإِنْ اتَّسَعَتْ أَطْرَافُهَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقَعْ السَّرِقَةُ فِي وَقْتٍ يَبْعُدُ شُعُورُ النَّاسِ فِيهِ بِالسَّارِقِ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ حِينَئِذٍ اهـ ع ش عَلَى م ر. وَإِنْ كَانَتْ بِمَضْيَعَةٍ فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَعَزَاهُ الْإِمَامُ إلَى جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَلَوْ وُضِعَ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ سِوَى الْكَفَنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِمَامُ: إنْ كَانَ الْقَبْرُ فِي بَيْتٍ تَعَلَّقَ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَقَابِرِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ لَا قَطْعَ بِهِ لِلْعَادَةِ بِخِلَافِ الْكَفَنِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ فِيهِ النَّبَّاشَ وَجَعَلَهُ مُحْرَزًا لِضَرُورَةِ التَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ اهـ. قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَلَا أَثَرَ لِإِخْرَاجِ الْكَفَنِ الشَّرْعِيِّ مِنْ اللَّحْدِ إلَى فَضَاءِ الْقَبْرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ اشْتِرَاطَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْقَبْرِ وَالْمَيِّتِ مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ قَبْرٌ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، وَمَيِّتٌ حَرْبِيٌّ، وَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا مِنْ حَمَّامٍ وَهُنَاكَ حَارِسٌ قُطِعَ بِشُرُوطٍ:

الْأَوَّلُ اسْتِحْفَاظُهُ الْحَارِسَ.

الثَّانِي دُخُولُ السَّارِقِ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ فَإِنْ دَخَلَ عَلَى الْعَادَةِ وَسَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ، الثَّالِثُ أَنْ يُخْرِجَ السَّارِقُ الثِّيَابَ مِنْ الْحَمَّامِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ اهـ سم. وَهُوَ أَيْ الْكَفَنُ كَالْعَارِيَّةِ لِلْمَيِّتِ، لِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ إلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَهُوَ مِلْكٌ لِمَنْ كَفَّنَهُ مِنْ وَارِثٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ. فَيُخَاصِمُ مُكَفِّنُهُ سَارِقَهُ فَإِنْ كُفِّنَ مِنْ التَّرِكَةِ خَاصَمَهُ الْوَرَثَةُ وَاقْتَسَمُوهُ أَوْ مِنْ مَالٍ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ سَيِّدٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ خَاصَمَهُ الْمَالِكُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ وَمَتَى ضَاعَ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَجَبَ إبْدَالُهُ مِنْهَا فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>