اعْتِبَارُ الْحِرْزِ وَعَدَمِ الشُّبْهَةِ. (قُتِلُوا) حَتْمًا (وَصُلِبُوا) زِيَادَةً فِي التَّنْكِيلِ وَيَكُونُ صَلْبُهُمْ بَعْدَ غُسْلِهِمْ وَتَكْفِينِهِمْ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ. وَالْغَرَضُ مِنْ صَلْبِهِمْ بَعْدَ قَتْلِهِمْ التَّنْكِيلُ بِهِمْ وَزَجْرُ غَيْرِهِمْ وَيُصْلَبُ عَلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَشْتَهِرَ الْحَالُ. وَيَتِمَّ النَّكَالُ وَلِأَنَّ لَهَا اعْتِبَارًا فِي الشَّرْعِ وَلَيْسَ لِمَا زَادَ عَلَيْهَا غَايَةٌ ثُمَّ يَنْزِلُ هَذَا إذَا لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ، فَإِنْ خِيفَ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ أُنْزِلَ عَلَى الْأَصَحِّ وَحُمِلَ النَّصُّ فِي الثَّلَاثِ عَلَى زَمَنِ الْبَرْدِ وَالِاعْتِدَالِ
ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ أَخَذُوا الْمَالَ) الْمُقَدَّرَ بِنِصَابِ سَرِقَةٍ بِلَا شُبْهَةٍ مِنْ حِرْزٍ مِمَّا مَرَّ بَيَانُهُ فِي السَّرِقَةِ. (وَلَمْ يَقْتُلُوا قُطِعَتْ) بِطَلَبٍ مِنْ الْمَالِكِ (أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ) بِأَنْ تُقْطَعَ الْيَدُ الْيُمْنَى، وَالرِّجْلُ الْيُسْرَى دُفْعَةً أَوْ عَلَى الْوَلَاءِ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَاحِدٌ فَإِنْ عَادُوا بَعْدَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَخُصُّهُ وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ أَنَّ الْقَاطِعِينَ لَوْ اشْتَرَكُوا: اُشْتُرِطَ أَنْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَدْرُ نِصَابٍ مِنْ الْمَأْخُوذِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى عَدَدِهِمْ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ) أَيْ فِي السَّرِقَةِ. قَوْلُهُ: (قُتِلُوا وَصُلِبُوا) قَضِيَّةُ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْقَتْلِ عَلَى الصَّلْبِ وَمَا قِيلَ: إنَّهُ يُصْلَبُ حَيًّا وَيُبْعَجُ بَطْنُهُ بِرُمْحٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ بَاطِلٌ. فَيَحْرُمُ ذَلِكَ كَالْخَازُوقِ وَالسَّلْخِ وَالْخَنْقِ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْحُكَّامُ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» الْحَدِيثَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر قُتِلَ ثُمَّ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ صُلِبَ مُكَفَّنًا مُعْتَرِضًا عَلَى نَحْوِ خَشَبَةٍ، وَلَا يُقَدَّمُ الصَّلْبُ عَلَى الْقَتْلِ لِكَوْنِهِ زِيَادَةَ تَعْذِيبٍ اهـ. وَقَدْ نُهِيَ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ قَالَ الْمَرْحُومِيُّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ مَاتَ مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ أَوْ قُتِلَ بِقِصَاصٍ مِنْ غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ سَقَطَ الصَّلْبُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْقَتْلِ فَيَسْقُطُ بِسُقُوطِ مَتْبُوعِهِ اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ طَلَبُ الْوَلِيِّ لِلْقَتْلِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَطْعِ الْيَدِ وَيَكُونُ الشَّارِحُ تَرَكَ التَّنْبِيهَ عَلَى ذَلِكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا سَبَقَ أَوْ لَا ثُمَّ رَأَيْت ح ل صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْوَلِيِّ لِلْقَتْلِ اهـ. وَبِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: قِيَاسُ اشْتِرَاطِ النِّصَابِ لِصَلْبِهِ مَعَ الْقَتْلِ اشْتِرَاطُ الْحِرْزِ وَعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَطَلَبِ الْمَالِكِ، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ تَدُلُّ عَلَيْهِ فَحَرِّرْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (التَّنْكِيلُ) أَيْ إظْهَارُ النَّكَالِ أَيْ الْحَقَارَةِ فَفِي الْمُخْتَارِ نَكَّلَ تَنْكِيلًا أَيْ جَعَلَهُ نَكَالًا وَعِبْرَةً لِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ بِلَيَالِيِهَا فَقَطْ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: أَيَّامٍ أَصْلُهُ أَيْوَامٍ؛ لِأَنَّ مُفْرَدَهُ يَوْمٌ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ. اهـ. شَبْرَخِيتِيٌّ عَلَى الْأَرْبَعِينَ.
قَوْلُهُ: (هَذَا إذَا لَمْ يَخَفْ التَّغَيُّرَ) أَيْ بِغَيْرِ نَحْوِ رَائِحَةٍ، أَمَّا نَحْوُ الرَّائِحَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهَا قَبْلَ الثَّلَاثِ فَالْمُعْتَبَرُ نَحْوُ الِانْفِجَارِ اهـ م. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَيُّرِ هُنَا الِانْفِجَارُ وَنَحْوُهُ كَسُقُوطِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ إلَّا فَمَتَى حُبِسَتْ جِيفَةُ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا حَصَلَ النَّتْنُ وَالتَّغَيُّرُ غَالِبًا اهـ.
قَوْلُهُ: (أُنْزِلَ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ حِرْزٍ) كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَوْ بِقُرْبِهِ مُلَاحِظٌ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ مِنْ قُوَّتِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ. لَا يُقَالُ: الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ تَمْنَعُ قَطْعَ الطَّرِيقِ لِمَا مَرَّ، إنَّهُ حَيْثُ لَحِقَ غَوْثٌ لَوْ اُسْتُغِيثَ لَمْ يَكُونُوا قُطَّاعًا؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ إذْ الْقُوَّةُ أَوْ الْقُدْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحِرْزِ غَيْرُهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ خُصُوصِ الشَّوْكَةِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْحِرْزِ يَكْفِي فِيهِ مُبَالَاةُ السَّارِقِ بِهِ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يُقَاوِمْ السَّارِقُ، اهـ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (بِطَلَبٍ مِنْ الْمَالِكِ) أَيْ لِلْمَالِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَقَرَّ: بِأَنَّهُ أَبَاحَهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ لَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قِيَاسَ عَدَمِ تَوَقُّفِ الْقَتْلِ الْمُتَحَتِّمِ عَلَى طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ عَدَمَ تَوَقُّفِ الْقَطْعِ هُنَا عَلَى طَلَبِ صَاحِبِ الْمَالِ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ،. اهـ. سم بِزِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تُقْطَعَ الْيَدُ الْيُمْنَى. . . إلَخْ) فَإِنْ خَالَفَ الْإِمَامُ وَقَطَعَ الْيَدَ الْيُسْرَى وَالرِّجْلَ الْيُمْنَى أَسَاءَ وَوَقَعَ الْمُوَقَّعُ وَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ الْيَدَ الْيُمْنَى وَالرِّجْلَ الْيُمْنَى، فَيَضْمَنُ الرِّجْلَ بِالْقَوَدِ إنْ كَانَ عَالِمًا، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ وَلَا يَقَعُ الْمُوَقَّعُ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ قَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى: {مِنْ خِلافٍ} [المائدة: ٣٣] فَتُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ عَكَسَ ذَلِكَ بِأَنْ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَهُ الْيُمْنَى