قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا أَوْ بَهِيمَةً. (بِأَذًى) بِتَنْوِينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بِمَا يُؤْذِيهِ (فِي نَفْسِهِ) كَقَتْلٍ وَقَطْعِ طَرَفٍ وَإِبْطَالِ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ (أَوْ) فِي (مَالِهِ) وَلَوْ قَلِيلًا كَدِرْهَمٍ (أَوْ) فِي (حَرِيمِهِ فَقَاتَلَ عَنْ ذَلِكَ) لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ فَقَتَلَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ الصَّائِلَ. (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) مِنْ قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ وَلَا قِيمَةِ بَهِيمَةٍ وَغَيْرِهَا لِخَبَرِ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ هِرَّةٍ تُدْفَعُ وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الْقَتْلِ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا جُنَّتْ الْحَامِلُ يُؤَخَّرُ قَتْلُهَا إلَى أَنْ تَضَعَ فَهَلَّا كَانَ هُنَا يَمْتَنِعُ دَفْعُهَا الْمُؤَدِّي إلَى قَتْلِهَا. أُجِيبَ: بِأَنَّ الْجِنَايَةَ فِي الْحَامِلِ قَدْ انْقَطَعَتْ وَهُنَا صِيَالُهَا مَوْجُودٌ مُشَاهَدٌ حَالَ دَفْعِهَا اهـ قَوْلُهُ: (مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ) بَيَانٌ لِلصَّائِلِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لَا لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: أَوْ فِي مَالِهِ فَإِنَّ الْبَهِيمَةَ مَالٌ فَمِنْ لِلْبَيَانِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (أَوْ بَهِيمَةٍ) : بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى آدَمِيٍّ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ سَقَطَتْ جَرَّةٌ مِنْ عُلُوٍّ عَلَى إنْسَانٍ وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا فَكَسَرَهَا ضَمِنَهَا حَيْثُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِحَقٍّ عَلَى هَيْئَةٍ لَا يُخْشَى سُقُوطُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَهِيمَةَ لَهَا اخْتِيَارٌ بِخِلَافِ الْجَرَّةِ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيُهْدَرُ أَيْ الصَّائِلُ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً حَامِلًا فَمَاتَ حَمْلُهَا بِالدَّفْعِ فَكَمَا لَوْ تَتَرَّسَ كَافِرٌ بِمُسْلِمٍ فِي الْحَرْبِ أَوْ بَهِيمَةً مَأْكُولَةً، وَأَصَابَ مَذْبَحَهَا حَلَّتْ م د. وَعِبَارَتُهُ عَلَى التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ: أَيْ يَجُوزُ لَهُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ أَيْ حَتَّى لَوْ صَالَتْ حَامِلٌ عَلَى إنْسَانٍ وَلَمْ تُدْفَعْ إلَّا بِقَتْلِهَا مَعَ حَمْلِهَا جَازَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا ضَمَانَ. وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ دَفْعَ الْحَامِلِ كَدَفْعِ غَيْرِهَا. وَيُشْبِهُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى تَتَرُّسِ الْمُشْرِكِينَ بِالصِّبْيَانِ وَيَأْتِي هَذَا أَيْضًا فِي دَفْعِ الْهِرَّةِ الْحَامِلِ إذَا صَالَتْ عَلَى طَعَامٍ أَوْ نَحْوِهِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي وَلَوْ صَارَتْ الْهِرَّةُ صَائِلَةً مُفْسِدَةً فَهَلْ يَجُوزُ قَتْلُهَا فِي حَالِ سُكُونِهَا؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ضَرُورَتَهَا عَارِضَةٌ وَالتَّحَرُّزَ عَنْهَا سَهْلٌ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: تُلْتَحَقُ بِالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ. فَيَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا تَخْتَصُّ بِحَالِ ظُهُورِ الشَّرِّ وَإِذَا أَخَذَتْ الْهِرَّةُ حَمَامَةً وَهِيَ حَيَّةٌ جَازَ فَتْلُ أُذُنَيْهَا، أَيْ مَرْتُهُمَا وَضَرْبُ فَمِهَا لِتُرْسِلَهَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَقَدْ انْتَظَمَ لِي مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْفَوَاسِقَ مَقْتُولَاتٌ لَا يَعْصِمُهَا الِاقْتِنَاءُ وَلَا يَجْرِي الْمِلْكُ عَلَيْهَا وَلَا أَثَرَ لِلْيَدِ لِلِاخْتِصَاصِ فِيهَا اهـ.
قَوْلُهُ: (بِأَذًى) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْفِعْلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: كَقَتْلٍ فَمَا فِي قَوْلِهِ: بِمَا يُؤْذِيهِ وَاقِعَةٌ عَلَى فِعْلٍ فَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْأَذَى الْآلَةَ كَمَا تَوَهَّمَهُ ق ل؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى الْآلَةِ وَقَالَ م د قَوْلُهُ: بِمَا يُؤْذِيهِ فَالْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْآلَةِ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا الصَّائِلُ إلَى فِعْلِهِ كَالسَّيْفِ وَالسَّهْمِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: كَقَتْلٍ وَقَطْعِ طَرَفٍ فَإِنَّهُ بَيَّنَ مَا يُؤْذِي بِهَذِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ اسْمَ آلَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ نَفْسِهِ مِنْ قَتْلٍ وَقَطْعٍ وَغَيْرِهِمَا.
قَوْلُهُ: (فِي نَفْسِهِ) لَوْ حَذَفَ الضَّمِيرَ مِنْهُ وَمِمَّا بَعْدَهُ لَكَانَ أَعَمَّ.
قَوْلُهُ: (وَقَطْعِ طَرَفٍ) أَيْ أَوْ جُرْحٍ.
قَوْلُهُ: (وَإِبْطَالِ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ) لَوْ سَكَتَ عَنْ عُضْوٍ لَكَانَ أَعَمَّ وَمِنْهُ تَقْبِيلُ أُنْثَى وَأَمْرَدَ وَإِرَادَةُ فَاحِشَةٍ ق ل.
قَوْلُهُ: (أَوْ فِي مَالِهِ) أَوْ اخْتِصَاصِهِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ وَوَظِيفَةٍ بِيَدِهِ بِوَجْهٍ بِأَنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا فَلَهُ دَفْعُ مَنْ يَسْعَى عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ صَحِيحٍ. وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْبَابِ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَفْتَى بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَلِيلًا) اُسْتُشْكِلَ بِاعْتِبَارِهِمْ فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ النِّصَابُ مَعَ خِفَّةِ الْقَطْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ هُنَا مُصِرٌّ عَلَى ظُلْمِهِ حَيْثُ لَمْ يَتْرُكْ الْأَخْذَ مَعَ اطِّلَاعِ الْمَالِكِ وَدَفْعِهِ. قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ: وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ السَّرِقَةَ لَمَّا قُدِّرَ حَدُّهَا قُدِّرَ مُقَابِلُهُ وَهُنَا لَمْ يُقَدَّرْ حَدُّهُ فَلَمْ يُقَدَّرْ مُقَابِلُهُ وَكَأَنَّ حِكْمَةَ عَدَمِ التَّقْدِيرِ هُنَا. أَنَّهُ لَا ضَابِطَ لِلصِّيَالِ اهـ. س ل وَأَجَابَ م د عَلَى التَّحْرِيرِ بِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ مُحَقَّقٌ فَاشْتُرِطَ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ رُبُعَ دِينَارٍ. وَهُنَا الْقَتْلُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (أَوْ فِي حَرِيمِهِ) شَامِلٌ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَالْوَلَدِ اهـ.
قَوْلُهُ: (عَنْ ذَلِكَ) ضَمَّنَ قَاتَلَ مَعْنَى دَافَعَ فَعَدَّاهُ بِعَنْ وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَتَكُونُ عَلَى تَعْلِيلِيَّةً عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٨٥] .
قَوْلُهُ: (فَقَتَلَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ) أَوْ قَطَعَ أَوْ جَرَحَ بِالْأَوْلَى وَأَشَارَ