. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية البجيرمي]
هَذَا كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِي حَالِ صِغَرِهِ ثُمَّ يَمُوتُ فِي صِغَرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَيَكُونُ فِي الْجَنَّةِ قَطْعًا، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ إسْلَامَ الصَّغِيرِ غَيْرُ نَافِعٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَمْرِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ نَافِعٌ قَطْعًا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي أَوْلَادِ كُفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمَّا أَوْلَادُ كُفَّارِ غَيْرِهَا فَفِي النَّارِ قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَعْذِيبٍ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي أَوْلَادِ الْكُفَّارِ غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمَّا أَوْلَادُ كُفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَفِي الْجَنَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا.
وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي الْفَتَاوَى سُئِلَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا لَفَظَ مَا مُحَصَّلُ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْأَطْفَالِ هَلْ هُمْ فِي الْجَنَّةِ خُدَّامٌ لِأَهْلِهَا ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَهَلْ تَتَفَاضَلُ دَرَجَاتُهُمْ فِي الْجَنَّةِ؟ . فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: أَمَّا أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فَفِي الْجَنَّةِ قَطْعًا بَلْ إجْمَاعًا وَالْخِلَافُ فِيهِ شَاذٌّ بَلْ غَلَطٌ، وَأَمَّا أَطْفَالُ الْكُفَّارِ فَفِيهِمْ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥] وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: ١٥] . الثَّانِي أَنَّهُمْ فِي النَّارِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ، وَنَسَبَهُ النَّوَوِيُّ لِلْأَكْثَرِينَ لَكِنَّهُ نُوزِعَ فِيهِ. الثَّالِثُ الْوَقْفُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ. الرَّابِعُ أَنَّهُمْ يُجْمَعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُؤَجَّجُ لَهُمْ نَارٌ وَيُقَالُ: اُدْخُلُوهَا فَيَدْخُلُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ شَقِيًّا، وَيُمْسِكُ عَنْهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سَعِيدًا لَوْ أَدْرَكَ الْعَمَلَ اهـ مُلَخَّصًا. وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يُعَذَّبُونَ بِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَهَلْ وَرَدَ أَنَّهُمْ يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ وَأَنَّ الْقَبْرَ يَضُمُّهُمْ وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ فَهَلْ يَتَأَلَّمُونَ بِهِ أَمْ لَا وَهَلْ قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ مُعَذَّبُونَ هُوَ مُصِيبٌ فِيهِ أَمْ مُخْطِئٌ وَمَا الْحُكْمُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ هَلْ هُمْ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَمْ هُمْ فِي النَّارِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ أَمْ غَيْرُ هَذَا. فَأَجَابَ لَا يُعَذَّبُونَ بِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَعَاصِي إذْ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِمْ، وَالْعَذَابُ عَلَى ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمُكَلَّفِينَ، وَلَا يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ كَمَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ؛ وَلِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ: إنَّ الطِّفْلَ يُسْأَلُ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا لَا يَصِحُّ وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَّنَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ» لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ وَلَا يُؤَدِّ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الطِّفْلِ " اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ "؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ مَا فِيهِ عُقُوبَةٌ وَلَا السُّؤَالُ بَلْ مُجَرَّدُ أَلَمِ الْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْوَحْشَةِ وَالضَّغْطَةِ الَّتِي تَعُمُّ الْأَطْفَالَ وَغَيْرَهُمْ، وَأُخْرِجَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: " كُنْت عِنْدَ عَائِشَةَ فَمَرَّتْ جِنَازَةُ صَبِيٍّ صَغِيرٍ فَقُلْت: مَا يُبْكِيك؟ قَالَتْ هَذَا الصَّبِيُّ بَكَيْت شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ " وَالْقَائِلُ الْمَذْكُورُ إنْ أَرَادَ بِيُعَذَّبُونَ بِالنَّارِ أَوْ عَلَى الْمَعَاصِي فَغَيْرُ مُصِيبٍ بَلْ هُوَ مُخْطِئٌ أَشَدَّ الْخَطَأِ لِمَا تَقَرَّرَ.
وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ عَلَى نَحْوِ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، الرَّاجِحُ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيه الصُّغْرَى وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهُمْ خَدَمُ الْجَنَّةِ فَإِنْ صَحَّ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كِنَايَةً عَنْ نُزُولِ مَرَاتِبِهِمْ عَنْ مَرَاتِبِ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ آبَائِهِمْ كَمَا نَصَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ الطُّورِ وَأُولَئِكَ لَا آبَاءَ لَهُمْ يَكُونُونَ فِي مَنْزِلَتِهِمْ، وَكَوْنُ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْمُكَلَّفِينَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ تَقْتَضِي إلْحَاقَ الْآبَاءِ بِالْأَبْنَاءِ وَعَكْسَهُ وَلَوْ فِي دَرَجَاتِ الْعَلِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا مَا يُوصِلُهُمْ إلَيْهَا وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ إنْ صَحَّ عَلَى أَنَّهُمْ فِيمَنْ يَلْحَقُ بِغَيْرِهِ فِي مَرْتَبَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَكَرِهِمْ فِي ذَلِكَ وَأُنْثَاهُمْ، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَالْقَوْلُ: بِأَنَّهُمْ فِي الْأَعْرَافِ لَا أَعْرِفُهُ عَنْ خَبَرٍ وَلَا أَثَرٍ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute