أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ. وَالصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ تَبَعًا لِلْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُمْ فِي النَّارِ وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدًّا وَالْآخَرُ كَافِرًا أَصْلِيًّا فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ.
وَمِلْكُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بِأَنَّ زَوَالَهُ بِالرِّدَّةِ وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا وَبَدَلُ مَا أَتْلَفَهُ فِيهَا وَيَنَالُ مِنْهُ مُمَوَّنَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَبَعْضِهِ وَمَالِهِ وَزَوْجَاتِهِ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَتَصَرُّفُهُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْوَقْفَ بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ التَّعْلِيقَ كَبَيْعٍ وَكِتَابَةِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ احْتِمَالِ الْوَقْفِ، وَإِنْ احْتَمَلَهُ بِأَنْ قَبِلَ التَّعْلِيقَ كَعِتْقٍ وَوَصِيَّةٍ. فَمَوْقُوفٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ. وَإِلَّا فَلَا، وَيُجْعَلُ مَالُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَأَمَتُهُ عِنْدَ نَحْوِ مَحْرَمٍ كَامْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ لِلْقَاضِي حِفْظًا لَهَا. وَيَعْتِقُ بِذَلِكَ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُرْتَدُّ لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَرَّ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧] ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِحَيٍّ عَاشَ مِنْهُمْ إلَى أَنْ بَلَغَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» اهـ مَعَ اخْتِصَارٍ.
قَوْلُهُ: (مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ) أَيْ الْأَصْلِيِّينَ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ. اهـ. ق ل وح ل وَالْمُرَادُ كُفَّارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ: قَوْلُهُ: (أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ) أَيْ مُسْتَقِلُّونَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ) أَيْ أَعَالِي السُّورِ وَيُقَالُ: لِكُلِّ عَالٍ عُرْفٌ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ أَحَدَ عَشَرَ وَالْأَعْرَافُ مَكَانٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. كَمَا قَالَهُ ع ش وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ الْجَلَالُ أَنَّ الْأَعْرَافَ سُورُ الْجَنَّةِ أَيْ حَائِطُهَا الْمُحِيطُ بِهَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ عَلَى الْأَعْرَافِ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْأَعْرَافِ وَقَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف: ٤٦] . قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِ أَهْلِ الْأَعْرَافِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ قَوْلًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَنْ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَابْنُ عَبَّاسٍ، الثَّانِي: قَوْمٌ صَالِحُونَ فُقَهَاءُ عُلَمَاءُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ الثَّالِثُ: هُمْ الشُّهَدَاءُ. الرَّابِعُ: هُمْ فُضَلَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَالشُّهَدَاءُ. الْخَامِسُ: الْمُسْتَشْهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَرَجُوا عُصَاةً لِوَالِدَيْهِمْ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَعَادَلَ عُقُوقُهُمْ وَاسْتِشْهَادُهُمْ» . السَّادِسُ: هُمْ الْعَبَّاسُ وَحَمْزَةُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَجَعْفَرٌ ذُو الْجَنَاحَيْنِ يُعْرَفُ مَحْبُوبُهُمْ بِبَيَاضِ الْوُجُوهِ وَمَبْغُوضُهُمْ بِسَوَادِهَا.
السَّابِعُ: هُمْ عُدُولُ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى النَّاسِ. الثَّامِنُ: هُمْ قَوْمٌ أَحِبَّاءُ. التَّاسِعُ: هُمْ قَوْمٌ كَانَتْ لَهُمْ صَغَائِرُ. الْعَاشِرُ: هُمْ أَصْحَابُ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ مِنْ أَهْلِ الْقِيَامَةِ. الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّهُمْ أَوْلَادُ الزِّنَا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. الثَّانِي عَشَرَ: أَنَّهُمْ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهَذَا السُّورِ الَّذِينَ يُمَيِّزُونَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْكَافِرِينَ قَبْلَ: إدْخَالِهِمْ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ اهـ. ذَكَرَهُ الشَّعْرَانِيُّ فِي مُخْتَصَرِ تَذْكِرَةِ الْقُرْطُبِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَمِلْكُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: زَوَالُهُ قَطْعًا إنْ كَانَ يَعُودُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ وَبَقَاؤُهُ قَطْعًا وَالثَّالِثُ مَوْقُوفٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَأَمِّ الْوَلَدِ أَمَّا هُمَا فَمَوْقُوفَانِ قَوْلًا وَاحِدًا حَتَّى يُعْتَقَانِ بِالْمَوْتِ أَوْ أَدَاءِ النُّجُومِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ حَطَبٍ وَصَيْدٍ مَلَكَهُمَا قَبْلَ الرِّدَّةِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَفِيهِمَا قَوْلَانِ قِيلَ فَيْءٌ لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ بَاقِيَانِ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَلَا وَقْفَ.
قَوْلُهُ: (وَيُقْضَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَمْلُوكِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِهِ مِلْكُ.
قَوْلُهُ: (وَيُمَانُ مِنْهُ) أَيْ مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ شَرْحُ م ر. قَالَ ع ش وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا فِي الرَّاجِحِ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ حَالًا فَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْهَلُ حَتَّى يُمَانَ مُمَوَّنُهُ.
وَيُجَابُ بِمَا إذَا أُخِّرَ لِعُذْرٍ قَامَ بِالْقَاضِي أَوْ بِالْمُرْتَدِّ كَجُنُونٍ عَرَضَ قَبْلَ الرِّدَّةِ اهـ بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَعَلَّهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَالِهِ) كَالرَّقِيقِ وَالْبَهِيمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَتَصَرُّفُهُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: بَاطِلٌ خَبَرٌ.
قَوْلُهُ: (إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ. . . إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَمْ يَنْفُذْ مُطْلَقًا كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِالْمَعْنَى وَعِبَارَتُهُ وَمَحَلُّهُ قَبْلَ حَجْرِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفُذْ مُطْلَقًا اهـ وَقَدْ تَوَهَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ حَجْرِ الْحَاكِمِ أَوْ عَدَمِهِ اهـ م ر ز ي.
قَوْلُهُ: (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ) بِأَنْ كَاتَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَصِحُّ حَالَ الرِّدَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (حِفْظًا لَهَا) أَيْ النُّجُومِ. اهـ. .