للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَتْلُهُ خَارِجَ الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّرْكِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي خَاتِمَةِ الْفَصْلِ.

وَيُقْتَلُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ إنْ قَالَ: أُصَلِّيهَا ظُهْرًا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّاشِيِّ لِتَرْكِهَا بِلَا قَضَاءٍ إذْ الظُّهْرُ لَيْسَ قَضَاءً عَنْهَا وَيُقْتَلُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهَا إنْ لَمْ يَتُبْ. فَإِنْ تَابَ لَمْ يُقْتَلْ وَتَوْبَتُهُ أَنْ يَقُولَ: لَا أَتْرُكُهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَسَلًا وَهَذَا فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إجْمَاعًا. فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا جُمُعَةَ إلَّا عَلَى أَهْلِ مِصْرٍ جَامِعٍ وَقَوْلُهُ: جَامِعٍ صِفَةٌ لِمِصْرٍ.

(وَحُكْمُهُ) بَعْدَ قَتْلِهِ (حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ فِي) وُجُوبِ (الدَّفْنِ) فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. (وَ) فِي وُجُوبِ (الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

خَاتِمَةٌ: مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِعُذْرٍ: كَنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ الْمُبَادَرَةُ بِهَا أَوْ بِلَا عُذْرٍ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا لِتَقْصِيرِهِ لَكِنْ لَا يُقْتَلُ بِفَائِتَةٍ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ لِأَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ أَوْ بِلَا عُذْرٍ وَقَالَ أُصَلِّيهَا لَمْ يُقْتَلْ لِتَوْبَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَ مَنْذُورَةً مُؤَقَّتَةً لَمْ يُقْتَلْ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الصَّلَاةِ بِإِحْدَى الْخَمْسِ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَالَةً أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَأَحَلَّتْ لَهُ: شُرْبَ الْخَمْرِ، وَأَكْلَ مَالِ السُّلْطَانِ، كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ مَنْ ادَّعَى التَّصَوُّفَ. فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلتَّرْكِ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ فِي الْوَقْتِ لَا لِلتَّرْكِ خَارِجَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى تَرْكِ الْقَضَاءِ.

قَوْلُهُ: (تَفْصِيلٌ يَأْتِي) الَّذِي فِي الشَّرْحِ ضَعِيفٌ لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَضَاءَ إنْ كَانَ تُوُعِّدَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ أَدَائِهِ كَمَا تَقَدَّمَ يُقْتَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُتَوَعَّدْ عَلَيْهِ لَا يُقْتَلُ بِهِ فَقَوْلُهُمْ: الْقَضَاءُ لَا يُقْتَلُ بِهِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ. وَهَذَا غَيْرُ مَا فِي الشَّرْحِ وَعِبَارَةُ م د.

قَوْلُهُ: تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تُوُعِّدَ عَلَى تَرْكِهَا بِالْأَمْرِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ قُتِلَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهَا) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ فِي م ر وَعِبَارَتُهُ وَأَفْتَى الشَّيْخُ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا حَيْثُ أُمِرَ بِهَا وَامْتَنَعَ مِنْهَا وَقَالَ: أُصَلِّيهَا ظُهْرًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ خُطْبَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الظُّهْرِ أَيْ بِأَقَلِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (كَنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْشَأَ عَنْ لَعِبٍ وَلَهْوٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بِلَا عُذْرٍ. . . إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ تُوُعِّدَ بِهَا بِالْأَمْرِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ قُتِلَ وَإِلَّا فَلَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اهـ ق ل. قَوْلُهُ: (لِتَوْبَتِهِ) فِي كَوْنِ هَذَا تَوْبَةً نَظَرٌ وَالتَّوْبَةُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لَكِنْ مَحِلُّهُ فِيمَا إذَا أَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتِهَا بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ أَيْ فِي الْوَقْتِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَا يُقْتَلُ بِالْقَضَاءِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (أَنْ بَيَّنَهُ) أَيْ بَيَّنَ نَفْسَهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ) بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: قَتْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَدْ يَنْكَشِفُ لَهُ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الظَّاهِرِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ إجْرَاءِ أَحْكَامِ الْكُفَّارِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَافِرٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَمُقْتَضَاهُ خُلُودُهُ فِي النَّارِ. اهـ. م د وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ كَافِرٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَفَى مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَحَلَّلَ مُحَرَّمًا وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَا نَظَرَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ لِاسْتِحْلَالِهِ مَا عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ أَوْ نَفْيِهِ مَا عُلِمَ وُجُوبُهُ ضَرُورَةً فِيهِمَا وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِخُلُودِهِ. اهـ. شَيْخُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>