للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْكٌ لَهَا وَيُقَاسُ بِالطَّهَارَةِ الْأَرْكَانُ وَسَائِرُ الشُّرُوطِ وَمَحِلُّهُ فِيمَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَوْ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ بِخِلَافِ الْقَوِيِّ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَا يُقْتَلُ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ وُجُوبًا بِصَلَاةٍ فَقَطْ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ فِيمَا لَهُ وَقْتُ ضَرُورَةٍ بِأَنْ تُجْمَعَ مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا فَلَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا بِتَرْكِ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ، فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ: يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا مَحْمُولٌ عَلَى مُقَدِّمَاتِ الْقَتْلِ بِقَرِينَةِ كَلَامِهَا بَعْدُ وَمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ كَتَرْكِ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَلِخَبَرِ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَتْرُوكٌ بِالنُّصُوصِ وَالْخَبَرُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا ذُكِرَ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ طَلَبٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَحِلُّهُ) أَيْ مَحِلُّ قَتْلِهِ بِتَرْكِ الْأَرْكَانِ وَسَائِرِ الشُّرُوطِ فِيمَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَيْ فِي شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ. . . إلَخْ قَوْلُهُ: وَاهٍ مِثَالُهُ مَثَلًا صَلَاةُ الْجُمُعَةِ بِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا. قَوْلُهُ: (مُخْتَلَفٌ فِيهِ) أَيْ فَكَانَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ مَانِعَةً، مِنْ قَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ اهـ ع ش قَوْلُهُ: (بِصَلَاةٍ) أَيْ بِتَرْكِهَا. قَوْلُهُ: (عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) الْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ الْعُذْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: بِأَنْ يَجْمَعَ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَيُطَالَبُ) وَالْمُطَالِبُ لَهُ الْحَاكِمُ لَا آحَادُ النَّاسِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: لِيُطَالَبْ. . . إلَخْ. أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً وَلَمْ يُطَالَبْ لَا يُقْتَلُ وَهُوَ أَيْ قَوْلُهُ: فَيُطَالَبُ. . . إلَخْ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ طَرِيقِ الْقَتْلِ.

قَوْلُهُ: (إذَا ضَاقَ) ظَرْفٌ لِلْأَدَاءِ وَأَمَّا الطَّلَبُ وَلَوْ مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ.

قَوْلُهُ: (إنْ أَخْرَجَهَا) قَيْدٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيُقْتَلُ إنْ أَخْرَجَهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى مُقَدِّمَاتِ الْقَتْلِ) وَهُوَ الطَّلَبُ وَالتَّوَعُّدُ. قَوْلُهُ: (وَمَا قِيلَ. . . إلَخْ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: وَإِلَّا قُتِلَ. وَحَاصِلُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ هَذَا الْقِيلُ ثَلَاثَةُ أَدِلَّةٍ: الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: كَتَرْكِ الصَّوْمِ وَالثَّانِي قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ وَرَدَّهَا الشَّارِحُ كَمَا تَرَاهُ.

قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقَتْلِ بِإِحْدَى الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَائِزَ يَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْحَرَامَ كَذَا فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَلَالَ لَا يَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ إلَّا إذَا أُوِّلَ بِمَا ذُكِرَ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: «إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ عَامٍّ تَقْدِيرُهُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ لِخَصْلَةٍ مِنْ الْخِصَالِ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ مِنْ الْخُصَلِ وَقَوْلُهُ: (الثَّيِّبُ الزَّانِي) زِنَى الثَّيِّبِ الزَّانِي وَقَوْلُهُ: «وَقَتْلُ النَّفْسِ» أَيْ كَوْنُ قَتْلِ النَّفْسِ الْقَاتِلَةِ بَدَلًا عَنْ النَّفْسِ الْمَقْتُولَةِ سَبَبٌ فِي قَتْلِهَا فَالْبَاءُ بِمَعْنَى بَدَلٍ وَقَوْلُهُ: " التَّارِكُ " أَيْ تَرْكُ التَّارِكِ لِدِينِهِ أَيْ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ رَابِعٌ اهـ. وَحَاصِلُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ بِظَاهِرِهِ يُفِيدُ عَدَمَ قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ إذْ الَّذِي فِيهِ هُوَ تَارِكُ الصَّلَاةِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ وَهُوَ الْمُرْتَدُّ.

وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّهُ عَامٌّ لَفْظًا مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِ الْمُصَلِّي فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ وَالْمُفَارِقُ لِدِينِهِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْمُصَلِّينَ فَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ شَامِلًا لِلْمُرْتَدِّ وَقَدْ صَرَّحَ حَجّ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ بِخِلَافِهِ فَقَالَ الْمُفَارِقُ بِقَلْبِهِ وَاعْتِقَادِهِ أَوْ بِبَدَنِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ لِلْجَمَاعَةِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا شَامِلٌ لِمَنْ جَازَ قَتْلُهُ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ: أَوْ قِتَالُهُ شَرْعًا بِشُرُوطِهِ: أَيْ كَمَانِعِ الزَّكَاةِ. . . إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: وَالْخَبَرُ عَامٌّ أَيْ شَامِلٌ لِمَا ذَكَرَهُ وَيُحْذَفُ قَوْلُهُ: مَخْصُوصٌ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْجَمَاعَةِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْقِيَاسَ) أَيْ عَلَى تَرْكِ الصَّوْمِ وَمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (بِالنُّصُوصِ) أَيْ الدَّالَّةِ عَلَى قَتْلِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالنُّصُوصِ وَالنُّصُوصُ خَصَّصَتْهُ بِالْمُسْلِمِ الْمُصَلِّي.

قَوْلُهُ: (إنَّمَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>