للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُضِيُّ إلَيْهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ دَفْعًا لَهُمْ وَإِنْقَاذًا مِنْ الْهَلَكَةِ. فَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ قَرُبَ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ. وَإِذَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ قَصْدِ تَأَهُّبٍ لِقِتَالٍ وَجَوَّزَ أَسْرًا وَقَتْلًا فَلَهُ اسْتِسْلَامٌ وَقِتَالٌ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ قُتِلَ وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً.

ثُمَّ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْجِهَادِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ أُسِرَ مِنْ الْكُفَّارِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٍ يَكُونُ رَقِيقًا بِنَفْسِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ (السَّبْيِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْأَسْرُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ، (وَهُمْ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ) وَالْمَجَانِينُ وَالْعَبِيدُ وَلَوْ مُسْلِمِينَ. كَمَا يُرَقُّ حَرْبِيٌّ مَقْهُورٌ لِحَرْبِيٍّ بِالْقَهْرِ، أَيْ يَصِيرُونَ بِالْأَسْرِ أَرِقَّاءَ لَنَا وَيَكُونُونَ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْسِمُ السَّبْيَ كَمَا يَقْسِمُ الْمَالَ. وَالْمُرَادُ بِرِقِّ الْعَبِيدِ اسْتِمْرَارُهُ لَا تَجَدُّدُهُ وَمِثْلُهُمْ فِيمَا ذُكِرَ الْمُبَعَّضُونَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ. تَنْبِيهٌ لَا يُقْتَلُ مَنْ ذُكِرَ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا، فَإِنْ قَتَلَهُمْ الْإِمَامُ وَلَوْ لِشَرِّهِمْ وَقُوَّتِهِمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَصِيرَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (مَثَلًا) مُتَعَلِّقٌ بِيَدْخُلُوا وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِبَلْدَةٍ لِإِدْخَالِ الْقَرْيَةِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ: لَنَا لِإِدْخَالِهِ بِلَادَ الذِّمِّيِّينَ وَكُلٌّ مُرَادٌ.

قَوْلُهُ: (فَرْضُ عَيْنٍ) يَرْجِعُ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (عَلِمَ كُلٌّ إلَخْ) وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ لَكِنْ عَلِمَ إلَخْ فَجَعَلَهُ شَرْطًا فِي قَوْلِهِ: أَوْ لَمْ يُمْكِنْ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) فَيَتَعَيَّنُ الْقِتَالُ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِسْلَامِ لِكَافِرٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ذُلٌّ دِينِيٌّ.

قَوْلُهُ: (قُتِلَ) أَيْ فَيَجِبُ الدَّفْعُ أَيْضًا لِأَنَّ عَدَمَ الدَّفْعِ حِينَئِذٍ ذُلٌّ دِينِيٌّ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ عَلَى النَّفْسِ وَالْعِلْمُ هُنَا بِمَعْنَى الظَّنِّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً إنْ أُخِذَتْ) أَيْ فَلَا يَحِلُّ لَهَا الِاسْتِسْلَامُ بَلْ يَلْزَمُهَا الدَّفْعُ وَلَوْ قُتِلَتْ لِأَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْمُطَاوَعَةُ لِدَفْعِ الْقَتْلِ شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَدَ الْجَمِيلَ وَغَيْرَهُ حُكْمُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنْ يَقْصِدَ بِالْفَاحِشَةِ فِي الْحَالِ أَوْ الْمَآلِ حُكْمُ الْمَرْأَةِ وَأَوْلَى. اهـ. مَرْحُومِيٌّ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَسْلَمَ لَا يُقْتَلُ وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً جَازَ الِاسْتِسْلَامُ، فَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ خِلَافُ ظَنِّهِمْ وَجَبَ الدَّفْعُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ قِ ل.

قَوْلُهُ: (وَجَوَّزَ أَسْرًا إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: عَلِمَ كُلُّ مَنْ قَصَدَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ وَقَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ وَقَوْلُهُ: وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ مَفْهُومٌ قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (إنْ عَلِمَ) أَيْ ظَنَّ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ قُتِلَ لِأَنَّ تَرْكَهُ الِاسْتِسْلَامَ حِينَئِذٍ يُعَجِّلُ الْقَتْلَ ز ي وَهَذَا مُحْتَرَزُ.

قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.

قَوْلُهُ: (وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ الْفَاحِشَةَ) أَيْ إنْ أُخِذَتْ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: أَوْ لَمْ تَأْمَنْ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مَعْنًى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصُورَةِ اسْتِثْنَاءٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: عَلِمَ كُلُّ مَنْ قَصَدَ إلَخْ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ الْآتِي وَجَوَّزَ أَسْرًا وَقَتْلًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: إنْ عَلِمَ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَأْمَنْ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ: وَأَمِنَتْ وَيَكُونُ قَدَّمَ الْمَفْهُومَ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْأَوَّلَ مَفْهُومًا لِأَنَّ الثَّانِيَ هُوَ عِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ وَالْأَوَّلَ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَدَّمَهَا عَلَى الْمَتْنِ تَقْدِيمًا لِلْمَفْهُومِ وَيَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ الثَّانِيَ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (فِي أَحْكَامِ الْجِهَادِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِي بَعْضِ أَحْكَامِ الْجِهَادِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ أَحْكَامٌ لَهُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُسْلِمِينَ) رَاجِعٌ لِلْعَبِيدِ بِأَنْ أَسْلَمُوا وَهُمْ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِيرُونَ بِالْأَسْرِ أَرِقَّاءَ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: يَكُونُ رَقِيقًا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ لَا إيهَامَ فِي الْمَتْنِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: تُرَقُّ ذَرَارِيُّ كُفَّارٍ كَمَا وَقَعَ فِي الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُمْ فِيمَا ذُكِرَ الْمُبَعَّضُونَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ الْقِنِّ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَعْضِ الْحُرِّ فَيُخَيَّرُ فِيهِ بِمَا عَدَا الْقَتْلَ لِاسْتِحَالَتِهِ فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَالرِّقِّ وَيَمْتَنِعُ الْقَتْلُ فَإِنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ الرِّقَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ أَوْ فَدَاهُ كَذَلِكَ وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ فَقَدْ فَوَّتَ الْبَعْضَ الرَّقِيقَ عَلَى الْغَانِمِينَ فَيَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَتَلَهُمْ الْإِمَامُ) أَيْ بَعْدَ الظَّفَرِ بِهِمْ. وَحَاصِلُهُ: كَمَا قَالَهُ حَجّ أَنَّهُ إنْ قَتَلَ أَسِيرًا غَيْرَ كَامِلٍ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ أَوْ كَامِلًا قَبْلَ التَّخْيِيرِ فِيهِ عُزِّرَ فَقَطْ أج وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: فَإِنْ قَتَلَهُمْ الْإِمَامُ وَمِثْلُ الْإِمَامِ غَيْرُهُ وَهَذَا فِي قَتْلِ النَّاقِصِينَ أَمَّا قَتْلُ الْكَامِلِينَ مِنْ الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ أَمَّا مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ الْقَتْلَ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا ضَمَانَ إلَّا التَّعْزِيرُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ لِلْفِدَاءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِهِ الْفِدَاءَ وَقَبْلَ وُصُولِ الْكَافِرِ لِمَأْمَنِهِ ضَمِنَهُ بِالدِّيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>