للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ كَانَ الْحَيُّ أَحَدَهُمَا فَقَطْ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَجَمِيعُ أُصُولِهِ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ وَلَوْ وَجَدَ الْأَقْرَبَ مِنْهُمْ وَأَذِنَ بِخِلَافِ الْكَافِرِ مِنْهُمْ لَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ سَفَرٌ لِتَعَلُّمِ فَرْضٍ وَلَوْ كِفَايَةً كَطَلَبِ دَرَجَةِ الْإِفْتَاءِ بِغَيْرِ إذْنِ أَصْلِهِ وَلَوْ أَذِنَ أَصْلُهُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ فِي الْجِهَادِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ خُرُوجِهِ، وَعَلِمَ بِالرُّجُوعِ وَجَبَ رُجُوعُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ، وَإِلَّا حَرُمَ انْصِرَافُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: ٤٥] وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرُّجُوعِ أَيْضًا أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ. وَلَمْ تَنْكَسِرْ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ. وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ بَلْ لَا يَجُوزُ.

وَالْحَالُ الثَّانِي مِنْ حَالَيْ الْكُفَّارِ أَنْ يَدْخُلُوا بَلْدَةً لَنَا مَثَلًا فَيَلْزَمُ أَهْلَهَا الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ مِنْهُمْ. وَيَكُونُ الْجِهَادُ حِينَئِذٍ فَرْضَ عَيْنٍ سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَأَهُّبُهُمْ لِقِتَالٍ أَمْ لَمْ يُمْكِنْ عَلِمَ كُلُّ مَنْ قَصَدَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ قُتِلَ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً إنْ أُخِذَتْ. وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْبَلْدَةِ الَّتِي دَخَلَهَا الْكُفَّارُ حُكْمُهُ كَأَهْلِهَا وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهَا كِفَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ مَعَهُمْ فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِمَّنْ ذُكِرَ حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْأَصْلِ وَرَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ، وَيَلْزَمُ الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَصِيرًا كَنَحْوِ مِيلٍ م ر وَقِيلَ: لَا يَتَقَيَّدُ بِمِيلٍ بَلْ مَتَى خَرَجَ مِنْ السُّوَرِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى رَجُلٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْوُجُوبِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى ق ل.

قَوْلُهُ: (بِسَفَرٍ وَغَيْرِهِ) اعْتَرَضَ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْكُفَّارُ بَلْدَةً لَنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ بِمَا إذَا سَافَرَ لِتِجَارَةٍ لَا خَطَرَ فِيهَا فَاتَّفَقَ لَهُ الْجِهَادُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ مِنْ الْأُصُولِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُسَافِرْ لِلْجِهَادِ فَصَدَقَ أَنَّهُ جِهَادٌ بِلَا سَفَرٍ، وَتَوَقَّفَ عَلَى إذْنٍ فَالْمُرَادُ بِلَا سَفَرٍ لِلْجِهَادِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ هُنَاكَ سَفَرٌ لَكِنْ لَا لِلْجِهَادِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرِهِ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى سَفَرٍ وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ غَيْرُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى جِهَادٍ فَقَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ الْجِهَادِ بِسَفَرٍ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ فَلِذَلِكَ اشْتَرَطَ رِضَا جَمِيعِ الْأُصُولِ لَا الْأَبَوَيْنِ فَقَطْ فَلَيْسَ اشْتِرَاطُ الرِّضَا لِأَجْلِ احْتِيَاجِ الْأَصْلِ إلَيْهِ فِي الْمُؤْنَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ لِعَدَمِ فَرْقِهِمْ بَيْنَ الْفَرْعِ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَبَيْنَ الْبَعِيدِ وَالْقَرِيبِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ أَوْ لَا كَذَا قَرَّرَهُ ز ي وَهُوَ وَاضِحٌ.

قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ يَحْرُمُ السَّفَرُ بِدُونِ إذْنِهِمْ وَعِبَارَةُ م ر وَيَحْرُمُ عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى جِهَادٌ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ سَفَرٍ إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَيَا مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَلَوْ كَانَ غَنِيَّيْنِ لِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ هَذَا إذَا كَانَ مُسْلِمَيْنِ وَلَمْ يَجِبْ اسْتِئْذَانُ الْكَافِرِ لِاتِّهَامِهِ بِمَنْعِهِ لَهُ حَمِيَّةً لِدِينِهِ وَإِنْ كَانَ عَدُوًّا لِلْمُقَاتِلِينَ أَيْ الَّذِينَ يُرِيدُ قِتَالَهُمْ وَيَلْزَمُ الْمُبَعَّضَ اسْتِئْذَانُ سَيِّدِهِ أَيْضًا وَيَحْتَاجُ الْقِنُّ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا أَبَوَيْهِ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَجَدَ الْأَقْرَبَ إلَخْ) غَايَةٌ أَيْ إذَا أَذِنَ الْأَقْرَبُ لَا يَجُوزُ السَّفَرُ حَيْثُ مَنَعَ الْأَبْعَدَ.

فَرْعٌ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْأَصْلِ فِي السَّفَرِ لِطَلَبِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَلَوْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَوْ أَمْكَنَ فِي الْبَلَدِ وَرَجَا بِخُرُوجِهِ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادَ شَيْخٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَهُ تَرْكُ طَلَبِ الْعِلْمِ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ وَإِنْ ظَهَرَ انْتِفَاعُهُ لَا فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ أَيْ إذَا شَرَعَ فِيهَا لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ فِي السَّفَرِ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا حَيْثُ لَا خَطَرَ فِيهِ كَرُكُوبِ بَحْرٍ أَوْ بَادِيَةٍ مُخْطِرَةٍ وَإِنْ غَلَبَ الْأَمْنُ. اهـ عُبَابٌ. اهـ. م د وَقَوْلُهُ: كَرُكُوبِ بَحْرٍ مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ وَقَوْلُهُ: مُخْطِرَةٍ أَيْ فِيهَا خَطَرٌ أَيْ خَوْفٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كِفَايَةً) أَيْ وَلَوْ نَحْوَ صَنْعَةٍ لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ مَعَ حُرْمَةِ السَّفَرِ لَهُ إلَّا بِالْإِذْنِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ فِيهِ مِنْ الْأَخْطَارِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَخَاوِفِ.

قَوْلُهُ: (أَيْضًا) أَيْ كَمَا اشْتَرَطَ عَدَمَ حُضُورِهِ الصَّفَّ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَنْكَسِرْ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْإِمَامِ بِجُعْلٍ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ بَلْ لَا يَجُوزُ شَرْحُ الرَّوْضِ فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ أَنْ لَا يَحْضُرَ الصَّفَّ وَأَنْ يَأْمَنَ وَأَنْ لَا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ لَا يَخْرُجَ بِجُعْلٍ فَإِنْ حَضَرَ أَوْ لَمْ يَأْمَنْ أَوْ انْكَسَرَ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ بِرُجُوعِهِ أَوْ خَرَجَ بِجُعْلٍ فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ الرُّجُوعِ مَعَ عَدَمِ الْأَمْنِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا ق ل فَقَوْلُهُ: لَا يَجِبُ الرُّجُوعُ بَلْ وَلَا يَجُوزُ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَدْخُلُوا بَلْدَةً لَنَا) أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>