للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) السَّابِعَةُ (الطَّاقَةُ عَلَى الْقِتَالِ) بِالْبَدَنِ وَالْمَالِ فَلَا جِهَادَ عَلَى أَعْمَى وَلَا عَلَى ذِي عَرَجٍ بَيِّنٍ، وَلَوْ فِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: ١٧] فَلَا عِبْرَةَ بِصُدَاعٍ وَوَجَعِ ضِرْسٍ وَضَعْفِ بَصَرٍ، إنْ كَانَ يُدْرِكُ الشَّخْصَ وَيُمْكِنُهُ اتِّقَاءَ السِّلَاحِ. وَلَا عَرَجٍ يَسِيرٍ لَا يَمْنَعُ الْمَشْيَ وَالْعَدْوَ وَالْهَرَبَ وَلَا عَلَى أَقْطَعِ يَدٍ بِكَمَالِهَا، أَوْ مُعْظَمِ أَصَابِعِهَا بِخِلَافِ: فَاقِدِ الْأَقَلِّ أَوْ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ إنْ أَمْكَنَهُ الْمَشْيُ بِغَيْرِ عَرَجٍ بَيِّنٍ وَلَا عَلَى أَشَلِّ يَدٍ أَوْ مُعْظَمِ أَصَابِعِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الْجِهَادِ الْبَطْشُ وَالنِّكَايَةُ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِيهِمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ، وَلَا عَادِمٍ أُهْبَةَ قِتَالٍ: مِنْ نَفَقَةٍ وَلَا سِلَاحٍ، وَكَذَا مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ سَفَرَ قَصْرٍ فَإِنْ كَانَ دُونَهُ لَزِمَهُ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمَشْيِ

فَاضِلٌ ذَلِكَ عَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ وَلَوْ مَرِضَ بَعْدَ مَا خَرَجَ أَوْ فَنِيَ زَادُهُ أَوْ هَلَكَتْ دَابَّتُهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَنْصَرِفَ أَوْ يَمْضِيَ فَإِنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الصَّحِيحِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِتَالُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ فَالْأَصَحُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ الرَّمْيُ بِهَا عَلَى تَنَاقُضٍ وَقَعَ لَهُ فِيهِ. وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ حَوْلَهُ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْمُؤَنِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ.

وَالضَّابِطُ الَّذِي يَعُمُّ مَا سَبَقَ وَغَيْرَهُ كُلُّ عُذْرٍ مَنَعَ وُجُوبَ حَجٍّ كَفَقْدِ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ مَنَعَ وُجُوبَ الْجِهَادِ إلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ أَوْ مِنْ لُصُوصٍ مُسْلِمِينَ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَهُ لِأَنَّ الْخَوْفَ يُحْتَمَلُ فِي هَذَا السَّفَرِ لِبِنَاءِ الْجِهَادِ عَلَى مُصَادَمَةِ الْمَخَاوِفِ وَالدَّيْنُ الْحَالُّ عَلَى مُوسِرٍ يُحَرِّمُ سَفَرَ جِهَادٍ وَسَفَرَ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ، وَالدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ لَا يُحَرِّمُ السَّفَرَ وَإِنْ قَرُبَ الْأَجَلُ وَيَحْرُمُ عَلَى رَجُلٍ جِهَادٌ بِسَفَرٍ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَقَلِّ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى فَاقِدِ الْإِبْهَامِ وَالْمُسَبِّحَةِ وَعَلَى فَاقِدِ الْوُسْطَى وَالْبِنْصِرِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَا يُجْزِئَانِ فِي الْكَفَّارَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا شَرْحُ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ وَلَا يَجِبُ عَلَى فَاقِدِ أَكْثَرِ أَنَامِلِ يَدِهِ كَمَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَفْقُودٌ فِيهِمَا) أَيْ الْأَشَلُّ وَالْأَقْطَعُ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ سَفَرَ قَصْرٍ) قَيْدٌ فِي الْمَرْكُوبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَكَذَا.

قَوْلُهُ: (فَاضِلٌ ذَلِكَ) أَيْ الْمَرْكُوبُ وَمَا قَبْلَهُ بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَصْلًا أَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا غَيْرَ فَاضِلَةٍ عَمَّا ذَكَرَ وَانْظُرْ مُؤْنَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ تُقَدَّرُ بِكَمْ شَهْرٍ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ لَيْسَ لِغَيْبَتِهِ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَرِضَ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ لَا جِهَادَ عَلَيْهِمْ أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الدَّوَامِ فَيَفْصِلُ كَمَا فِي الشَّرْحِ.

قَوْلُهُ: (الرَّمْيُ بِهَا) أَيْ وُجُوبُ الرَّمْيِ بِهَا أَيْ الْحِجَارَةِ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (وَالضَّابِطُ) أَيْ ضَابِطُ مَانِعِ الْوُجُوبِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مُصَادَمَةِ الْمَخَاوِفِ) أَيْ مُلَاقَاتِهَا.

قَوْلُهُ: (وَالدَّيْنُ الْحَالُّ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ عَرَضًا سَوَاءٌ كَانَ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ وَثِيقٌ أَوْ ضَامِنٌ مُوسِرٌ كَمَا قَالَهُ م ر. وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِذَلِكَ الْكَلَامِ زِيَادَةُ شَرْطَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ وَهُوَ مُوسِرٌ وَأَذِنَ أُصُولُهُ وَمَحِلُّ تَوَقُّفِهِ عَلَى إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ مَا لَمْ يُنِبْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ أَيْ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ أَزْيَدُ مِمَّا يَبْقَى لِلْمُفْلِسِ فِيمَا يَظْفَرُ بِخِلَافِهِ عَلَى مُعْسِرٍ فَلَا يَحْرُمُ السَّفَرُ وَيُتَّجَهُ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَوْ كَانَ مُصَاحِبًا لَهُ فِي سَفَرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْآذِنُ رَشِيدًا، وَمِثْلُ الْإِذْنِ ظَنُّ رِضَاهُ فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لِمَدِينِهِ السَّفَرُ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْذَنَ وَلِيُّهُ، وَإِذْنُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَاغٍ وَحَيْثُ حَرُمَ السَّفَرُ فَلَا يَتَرَخَّصُ بِقَصْرٍ وَلَا غَيْرِهِ لِعِصْيَانِهِ بِسَفَرِهِ اهـ وَعِبَارَةُ م ر إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ وَالرِّضَا لِرِضَاهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلشَّهَادَةِ بَلْ يَقِفَ وَسَطَ الصَّفِّ أَوْ حَاشِيَتِهِ حِفْظًا لِلدَّيْنِ وَحَلَّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يُنِبْ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ دَيْنٌ ثَابِتٌ عَلَى مَلِيءٍ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِإِذْنِ وَلِيِّ الدَّائِنِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (سَفَرَ جِهَادٍ) وَحَيْثُ حَرُمَ السَّفَرُ فَلَا يَتَرَخَّصُ بِقَصْرٍ وَلَا غَيْرِهِ لِعِصْيَانِهِ بِسَفَرِهِ. قَوْلُهُ: (وَسَفَرَ غَيْرِهِ) وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>