«وَأَمْوَالَهُمْ» مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلِ الْأَسْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «إلَّا بِحَقِّهَا» وَمِنْ حَقِّهَا أَنَّ مَالَهُ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَسْرِ غَنِيمَةٌ.
وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي مِنْ خِصَالِ التَّخْيِيرِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ بَيْنَ أَشْيَاءَ إذَا سَقَطَ بَعْضُهَا لِتَعَذُّرِهِ، لَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي كَالْعَجْزِ عَنْ الْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ.
(وَمَنْ أَسْلَمَ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي دَارِ حَرْبٍ أَوْ إسْلَامٍ. (قَبْلَ الْأَسْرِ) أَيْ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ (أَحْرَزَ) أَيْ عَصَمَ بِإِسْلَامِهِ (مَالَهُ) مِنْ غَنِيمَةٍ (وَدَمَهُ) مِنْ سَفْكِهِ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، (وَصِغَارَ أَوْلَادِهِ) الْأَحْرَارِ عَنْ السَّبْيِ لِأَنَّهُمْ يَتْبَعُونَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْجَدُّ كَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا لِمَا مَرَّ وَوَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ الْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ وَلَوْ طَرَأَ الْجُنُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِمَا مَرَّ أَيْضًا وَيُعْصَمُ الْحَمْلُ تَبَعًا لَهُ لَا إنْ اُسْتُرِقَّتْ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِ الْأَبِ فَلَا يُبْطِلُ إسْلَامُهُ رِقَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ. تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ سَبْيِ الزَّوْجَةِ وَالْمَذْهَبُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّ إسْلَامَ الزَّوْجِ لَا يَعْصِمُهَا عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ لِاسْتِقْلَالِهَا وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ بَذَلَ مِنْهُ فِي الْجِزْيَةِ مَنَعَ إرْقَاقَ زَوْجَتِهِ وَابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ فَكَانَ الْإِسْلَامُ أَوْلَى. أُجِيبَ بِأَنَّ مَا يُمْكِنُ اسْتِقْلَالُ الشَّخْصِ بِهِ لَا يُجْعَلُ فِيهِ تَابِعًا لِغَيْرِهِ. وَالْبَالِغَةُ تَسْتَقِلُّ بِالْإِسْلَامِ وَلَا تَسْتَقِلُّ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ.
فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي حَالِ السَّبْيِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَمْ لَا لِامْتِنَاعِ إمْسَاكِ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ لِلنِّكَاحِ كَمَا يَمْتَنِعُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا. وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ: «أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ»
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ «حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» قَالَ ز ي: أَيْ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَتْ عَلَمًا عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْأَسْرِ) أَيْ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِهَا قَبْلَ الْأَسْرِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ) أَيْ الْمُخَيَّرَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (فِي الْكَفَّارَةِ) أَيْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَسْلَمَ) أَيْ أَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَنِيمَةٍ) الْأَوْلَى مِنْ غَنَمِهِ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ.
قَوْلُهُ: (وَصِغَارِ أَوْلَادِهِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ الْأَحْرَارِ أَيْ وَمَجَانِينِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ لِأَنَّهُمْ يَتْبَعُونَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَخَرَجَ الْأَرِقَّاءُ فَأَمْرُهُمْ تَابِعٌ لِأَمْرِ سَيِّدِهِمْ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِ، وَكِبَارُ أَوْلَادِهِ الْأَحْرَارِ لِاسْتِقْلَالِهِمْ فَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ كَغَيْرِهِمْ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (عَنْ السَّبْيِ) أَيْ الرِّقِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدُّ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْأَبِ فِي أَنَّهُ يَعْصِمُ أَوْلَادَ وَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ كَافِرًا حَيًّا؛ نَظَرًا لِتَبَعِيَّتِهِمْ لِلْجَدِّ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ الْأَعْلَى، وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ أَيْ كَالْأَبِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَعْلُومُ مِنْ الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ: أَوْلَادِهِ وَلَوْ ذَكَرَ الْأَبَ بَدَلَ قَوْلِهِ: كَذَلِكَ لَكَانَ أَظْهَرَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْأَبُ) أَيْ غَيْرُ الْمُسْلِمِ اهـ.
قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يَتْبَعُونَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَيُعْصَمُ الْحَمْلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (لَا إنْ اُسْتُرِقَّتْ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِ الْأَبِ) أَمَّا إذَا اُسْتُرِقَّتْ بَعْدَ إسْلَامِ الْأَبِ فَلَا يَتْبَعُهَا حَمْلُهَا لِعِصْمَتِهِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُبْطِلُ إسْلَامُهُ) أَيْ الْأَبِ رِقَّهُ أَيْ الْحَمْلِ كَالْمُنْفَصِلِ إذَا سُبِيَ وَحْدَهُ، وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ أَيْ الْحَمْلِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ سَبْيِ الزَّوْجَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: عَنْ إحْرَازِ الزَّوْجَةِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَأَحْرَزَ زَوْجَتَهُ، وَحَاصِلُ حُكْمِ الزَّوْجَةِ أَنَّ زَوْجَةَ الْمُسْلِمِ الْأَصْلِيِّ وَزَوْجَةَ الذِّمِّيِّ الْمَوْجُودَةِ حَالَ عَقْدِ الذِّمَّةِ لَا يُرَقَّانِ بِالسَّبْيِ وَزَوْجَةَ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَسْرِهَا وَزَوْجَةَ الذِّمِّيِّ الطَّارِئَةَ بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ يُرَقَّانِ بِنَفْسِ السَّبْيِ اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (لِاسْتِقْلَالِهَا) أَيْ بِالْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا) . وَبِذَلِكَ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا زَوْجَةٌ بِدَارِ الْحَرْبِ يَجُوزُ سَبْيُهَا وَلَا يَجُوزُ سَبْيُ وَلَدِهَا.
قَوْلُهُ: (وَالْبَالِغَةُ) أَيْ وَالزَّوْجَةُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ لَا تَتْبَعُهُ زَوْجَتُهُ وَفِي التَّعْبِيرِ بِ اُسْتُرِقَّتْ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهَا تُرَقُّ بِنَفْسِ الصَّبِيِّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ رُقَّتْ. قَوْلُهُ (لِامْتِنَاعٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَ مِلْكُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَعَنْ النِّكَاحِ أَوْلَى. اهـ. س ل.
قَوْلُهُ: (وَلِقَوْلِهِ: إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ انْقَطَعَ نِكَاحُهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْطَاسٍ) الَّذِي فِي الْمُخْتَارِ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَفِي ق ل. مَا نَصُّهُ أَوْطَاسٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا اسْمُ وَادٍ مِنْ هَوَازِنَ عِنْدَ حُنَيْنٍ اهـ بِحُرُوفِهِ. قُلْت: وَهُوَ مِنْ أَجْلِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ يُقَلِّدُونَ، غَايَتُهُ أَنَّ