للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ سُؤَالِ بَنِي الْآخَرِينَ لَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ حَتَّى إنَّهُ لَمَّا بُعِثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرِّسَالَةِ نَصَرُوهُ وَذَبُّوا عَنْهُ بِخِلَافِ بَنِي الْآخَرِينَ بَلْ كَانُوا يُؤْذُونَهُ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ أَشِقَّاءُ وَنَوْفَلٌ أَخُوهُمْ لِأَبِيهِمْ وَعَبْدُ شَمْسٍ جَدُّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَالْعِبْرَةُ بِالِانْتِسَابِ إلَى الْآبَاءِ أَمَّا مَنْ انْتَسَبَ مِنْهُمْ إلَى الْأُمَّهَاتِ فَلَا. وَيَشْتَرِكُ فِي هَذَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالنِّسَاءُ وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ كَالْإِرْثِ. وَحَكَى الْإِمَامُ فِيهِ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ. - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (وَ) الثَّالِثُ (سَهْمٌ لِلْيَتَامَى) لِلْآيَةِ جَمْعُ يَتِيمٍ وَهُوَ صَغِيرٌ ذَكَرٌ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُنْثَى لَا أَبَ لَهُ أَمَّا كَوْنُهُ صَغِيرًا فَلِخَبَرِ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا أَبَ لَهُ فَلِلْوَضْعِ وَالْعُرْفِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقَةِ أَمْ لَا قُتِلَ أَبُوهُ فِي الْجِهَادِ أَمْ لَا لَهُ جَدٌّ أَمْ لَا.

تَنْبِيهٌ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَيِّدَ الْيَتِيمَ بِالْمُسْلِمِ لِأَنَّ أَيْتَامَ الْكُفَّارِ لَا يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى شَيْئًا لِأَنَّهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِمْ. وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ فِي ذَوِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ لِذَلِكَ وَيَنْدَرِجُ فِي تَفْسِيرِهِمْ الْيَتِيمَ وَلَدُ الزِّنَا وَاللَّقِيطُ وَالْمَنْفِيُّ بِلِعَانٍ وَلَا يُسَمَّوْنَ أَيْتَامًا لِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَا أَبَ لَهُ شَرْعًا فَلَا يُوصَفُ بِالْيُتْمِ.

وَاللَّقِيطُ قَدْ يَظْهَرُ أَبُوهُ وَالْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ قَدْ يَسْتَلْحِقُهُ نَافِيهِ وَلَكِنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى.

فَائِدَةٌ يُقَالُ لِمَنْ فَقَدَ أُمَّهُ دُونَ أَبِيهِ: مُنْقَطِعٌ. وَالْيَتِيمُ فِي الْبَهَائِمِ مَنْ فَقَدَ أُمَّهُ وَفِي الطَّيْرِ مَنْ فَقَدَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، وَيُشْتَرَطُ فِي إعْطَاءِ الْيَتِيمِ لَا فِي تَسْمِيَتِهِ يَتِيمًا فَقْرُهُ أَوْ مَسْكَنَتُهُ لِإِشْعَارِ لَفْظِ الْيَتِيمِ بِهِ وَلِأَنَّ اغْتِنَاءَهُ بِمَالِ أَبِيهِ إذَا مَنَعَ اسْتِحْقَاقَهُ فَاغْتِنَاؤُهُ بِمَالِهِ أَوْلَى بِمَنْعِهِ (وَ) الرَّابِعُ (سَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ) لِلْآيَةِ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الِاسْمِ هُنَا الْفُقَرَاءُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَ) الْخَامِسُ (سَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ الطَّرِيقِ لِلْآيَةِ وَابْنُ السَّبِيلِ مُنْشِئُ سَفَرٍ مُبَاحٍ مِنْ مَحَلِّ الزَّكَاةِ كَمَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَوْ مُجْتَازٌ بِهِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرًا أَوْ غَيْرَهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُلَازَمَتِهِ السَّبِيلَ وَهِيَ الطَّرِيقُ وَشَرَطَ فِي إعْطَائِهِ لَا فِي تَسْمِيَتِهِ الْحَاجَةَ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَا يَكْفِيهِ غَيْرَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي مَكَان آخَرَ أَوْ كَانَ كَسُوبًا أَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِنُزْهَةٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) أَيْ فِي التَّفْضِيلِ لَا فِي غَيْرِهِ كَحَجْبٍ مَثَلًا لِأَنَّهُ هُنَا يُعْطَى الْجَدُّ مَعَ الْأَبِ وَابْنُ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ، وَالْأَخُ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقِ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ مَعَ الْجَدِّ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْدَرِجُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يُزَادَ لَا أَبَ لَهُ مَعْرُوفٌ شَرْعًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ شَرْعًا كَالزَّانِي أَوْ لَيْسَ مَعْرُوفًا كَاللَّقِيطِ. قَوْلُهُ (وَلَا يُسَمَّوْنَ أَيْتَامًا) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ وَلِأَنَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ لَا يُنَاسِبُهُ. وَقَوْلُهُ: فَلَا يُوصَفُ بِالْيُتْمِ كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ أَيْضًا لِأَوَّلِ الْكَلَامِ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى صَدْرِ الْعِبَارَةِ قَالَ ق ل قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَرْجِعُ عَلَى نَحْوِ اللَّقِيطِ بِمَا أَخَذَهُ إذَا عُرِفَ أَبُوهُ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر الرُّجُوعُ إنْ ظَهَرَ لَهُ أَبٌ اهـ. وَقَوْلُهُ: فِي شَرْحِ إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ لِلَّقِيطِ أَوْ الْمَنْفِيِّ أَبٌ اسْتَرْجَعَ الْمَدْفُوعَ لَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الطَّيْرِ مَنْ فَقَدَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ فَقَدَهُمَا مِنْ الْآدَمِيِّينَ فَهُوَ لَطِيمٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: فَإِنْ مَاتَ الْأَبَوَانِ فَالصَّغِيرُ لَطِيمٌ.

قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِالشَّرْطِ.

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ اغْتِنَاءَهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا إذَا اغْتَنَى بِمَالِ أَبِيهِ بِأَنْ كَانَ حَيًّا لَا يُقَالُ لَهُ يَتِيمٌ وَالْكَلَامُ فِي الْيَتِيمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الضَّمِيرُ فِي اغْتِنَائِهِ لِلصَّغِيرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْيَتِيمِ. أَيْ لِأَنَّ اغْتِنَاءَ الصَّغِيرِ بِمَالِ أَبِيهِ إذَا مَنَعَ اسْتِحْقَاقَهُ مِنْ الْفَيْءِ فَاغْتِنَاؤُهُ إلَخْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِأَنَّ اغْتِنَاءَهُ أَيْ لَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ الْآنَ يَتِيمٌ.

قَوْلُهُ: (وَسَهْمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ الْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَإِنَّمَا أُفْرِدَ لِأَنَّ السَّفَرَ شَأْنُهُ الْوِحْدَةُ وَيَجِبُ أَنْ يَعُمَّ بِالْإِعْطَاءِ آحَادَ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا يَخُصَّ بِالْحَاصِلِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مَنْ فِيهَا مِنْهُمْ لَكِنْ يَجُوزُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ آحَادِ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَوْ قَلَّ الْحَاصِلُ بِحَيْثُ لَوْ وُزِّعَ لَمْ يَسُدَّ مَسَدًّا قَدَّمَ الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ وَلَا يَسْتَوْعِبُ لِلضَّرُورَةِ. اهـ. سم مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَحَلِّ الزَّكَاةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ مَحَلِّ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (الْحَاجَةَ) وَحِينَئِذٍ فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ: الْفَقْرُ وَالْإِسْلَامُ وَإِبَاحَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>