مِنْهُمْ وَبِمَا هُوَ لَهُمْ مَا أَخَذُوهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنَّنَا لَمْ نَمْلِكْهُ بَلْ نَرُدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَيُحْفَظُ وَمِنْ الْفَيْءِ الْجِزْيَةُ وَعُشْرُ تِجَارَةٍ مِنْ كُفَّارٍ شُرِطَتْ عَلَيْهِمْ إذَا دَخَلُوا دَارَنَا وَخَرَاجٍ ضُرِبَ عَلَيْهِمْ عَلَى اسْمِ الْجِزْيَةِ وَمَا جُلُوا أَيْ تَفَرَّقُوا عَنْهُ وَلَوْ لِغَيْرِ خَوْفٍ كَضُرٍّ أَصَابَهُمْ وَمَنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ نَحْوِهِ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ أَوْ تَرَكَ وَارِثًا غَيْرَ جَائِزٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي قِسْمَتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَيُقْسَمُ مَالُ الْفَيْءِ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ (عَلَى خَمْسٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: ٧] الْآيَةَ (يُصْرَفُ خُمُسُهُ) وُجُوبًا (عَلَى مَنْ يُصْرَفُ عَلَيْهِمْ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ) فَيُخَمَّسُ جَمِيعُهُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ مُتَسَاوِيَةٍ كَالْغَنِيمَةِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. حَيْثُ قَالُوا لَا يُخَمَّسُ بَلْ جَمِيعُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: ٧] الْآيَةَ فَأَطْلَقَ هَاهُنَا وَقَيَّدَ فِي الْغَنِيمَةِ فَحَمَلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْمُهْدَى إلَيْهِ لَا غَنِيمَةٌ وَلَا فَيْءٌ.
قَوْلُهُ: (وَرَجَّالَةٍ) جَمْعُ رَاجِلٍ أَيْ مَاشٍ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى رَجُلٍ كَصَحْبٍ وَصَاحِبٍ وَيُجْمَعُ عَلَى رِجَالٍ وَأَمَّا رَجُلٌ مُقَابِلُ امْرَأَةٍ فَيُجْمَعُ عَلَى رِجَالٍ. فَرِجَالٌ جَمْعٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ رَاجِلٍ بِمَعْنَى مَاشٍ وَرَجُلٍ مُقَابِلِ امْرَأَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَعُشْرُ تِجَارَةٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْعُشْرِ.
قَوْلُهُ: (شُرِطَتْ عَلَيْهِمْ) الضَّمِيرُ فِي شُرِطَتْ رَاجِعٌ لِلْعُشْرِ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَفِي نُسْخَةٍ شُرِطَ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى اسْمِ الْجِزْيَةِ) أَيْ بِأَنْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ حَتَّى يَكُونَ الْخَرَاجُ عَلَى اسْمِ الْجِزْيَةِ وَأَمَّا إنْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَنَا فَيَكُونُ الْخَرَاجُ لَا يَكْفِي عَنْ الْجِزْيَةِ لِأَنَّنَا نَسْتَحِقُّهُ بِدُونِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ وَخَرَاجٌ ضُرِبَ عَلَى حُكْمِهَا أَيْ الْجِزْيَةِ كَذَا قَيَّدَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ فِي حُكْمِ الْأُجْرَةِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ بِإِسْلَامِهِمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أُجْرَةً فَحَدُّ الْفَيْءِ صَادِقٌ عَلَيْهِ أَيْ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ كُفَّارٍ أَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ فَيْئًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. مَعَ زِيَادَةٍ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ: عَلَى اسْمِ الْجِزْيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِغَيْرِ خَوْفٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِخَوْفٍ أَوْ لَا أَمَّا عَدَمُ الْخَوْفِ فَظَاهِرٌ وَكَذَا الْخَوْفُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِنَا أَوْ مِنَّا فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِتَالِ وَإِلَّا كَانَ غَنِيمَةً.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ قُتِلَ إلَخْ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَتَرِكَةِ مَنْ قُتِلَ إلَخْ وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ الْفَيْءُ مَالٌ حَصَلَ لَنَا مِنْ كُفَّارٍ كَجِزْيَةٍ وَعُشْرِ تِجَارَةٍ وَمَا جُلُوا عَنْهُ وَتَرِكَةِ مُرْتَدٍّ وَكَافِرٍ مَعْصُومٍ لَا وَارِثَ لَهُ وَكَذَا الْفَاضِلُ عَنْ وَارِثٍ لَهُ غَيْرُ حَائِزٍ اهـ. وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الْمُؤَلِّفِ فِيهَا سَقْطٌ وَأَصْلُهَا وَتَرِكَةُ مَنْ قُتِلَ إلَخْ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ يُخَمَّسُ وَيُصْرَفُ بِتَمَامِهِ لِمَنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ. وَهُوَ غَيْرُ مُرَادِ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ: وَيُقْسَمُ مَالُ الْفَيْءِ عَلَى خَمْسٍ إلَخْ.
فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْغَنِيمَةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ بَعْدَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ آيَةُ الْفَيْءِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ آيَةُ الْغَنِيمَةِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَخُمُسُهُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ. فَصَحَّ الِاسْتِدْلَال كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ) حَاصِلُ مَذْهَبِهِمْ أَنَّهُ يُوضَعُ جَمِيعُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيُفَرَّقُ عَلَى الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمَصَالِحِ وَلَا يُعْطِي لِلْمُرْتَزِقَةِ مِنْهُ شَيْئًا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بَلْ يُوضَعُ جَمِيعُهُ لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ وَخُمُسَهَا لِلْخَمْسَةِ الْمَذْكُورِينَ كَمَذْهَبِنَا.
قَوْلُهُ: (بَلْ جَمِيعُهُ لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَلِآلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَبْدَأُ بِهِمْ نَدْبًا عِنْدَهُمْ لِأَنَّ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ وَجَمِيعَ الْفَيْءِ عِنْدَهُمْ يُوضَعَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَمَا لَمْ يُذْكَرْ: مِنْ تَزْوِيجِ الْأَعْزَبِ وَرِزْقِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي عَلَى مَتْنِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ آلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا الْمُحْتَاجُ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الِاحْتِيَاجِ وَأَنَّ الْمُحْتَاجَ يُعْطَى كِفَايَةَ سَنَةٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُنَا) وَفِي نُسْخَةٍ لَنَا أَيْ يَدُلُّ لَنَا.
قَوْلُهُ: (فَأَطْلَقَ هَهُنَا) أَيْ فِي الْفَيْءِ أَيْ: لَمْ يُقَيِّدْ الْقِسْمَةَ عَلَى الْخَمْسَةِ أَصْنَافٍ بِالْخُمُسِ حَيْثُ قَالَ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: ٧] فَاقْتَضَى أَنَّ جَمِيعَ الْفَيْءِ يُقْسَمُ عَلَى الْخَمْسَةِ أَصْنَافٍ وَقَيَّدَ فِي الْغَنِيمَةِ الْقِسْمَةَ عَلَى تِلْكَ الْأَصْنَافِ بِالْخُمُسِ حَيْثُ قَالَ: فَأَنَّ