للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ وَهُوَ رُجُوعُ الْمَالِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ بِالْقِتَالِ وَعَدَمِهِ. كَمَا حَمَلْنَا الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ عَلَى الْمُؤْمِنَةِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ، وَخُمُسَ خُمُسِهِ. وَلِكُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ مَعَهُ فِي الْآيَةِ خُمُسُ الْخُمُسِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ. وَأَمَّا بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُصْرَفُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ لِمَصَالِحِنَا كَمَا مَرَّ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ. (وَيُعْطَى أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا) الَّتِي كَانَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ. (لِلْمُقَاتِلَةِ) أَيْ الْمُرْتَزِقَةِ لِعَمَلِ الْأَوَّلِينَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحُصُولِ النُّصْرَةِ بِهِ وَالْمُقَاتِلُونَ بَعْدَهُ هُمْ الْمُرْصَدُونَ لِلْقِتَالِ. (فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ لَهُمْ سُمُّوا مُرْتَزِقَةً لِأَنَّهُمْ أَرَصَدُوا أَنْفُسَهُمْ لِلذَّبِّ عَنْ الدِّينِ وَطَلَبُوا الرِّزْقَ مِنْ مَالِ اللَّهِ. وَخَرَجَ بِهِمْ الْمُتَطَوِّعَةُ وَهُمْ الَّذِينَ يَغْزُونَ إذَا نَشِطُوا وَإِنَّمَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ لَا مِنْ الْفَيْءِ عَكْسُ الْمُرْتَزِقَةِ. تَتِمَّةٌ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْ أَوْلَادٍ وَزَوْجَاتٍ وَرَقِيقٍ لِحَاجَةِ غَزْوٍ أَوْ لِخِدْمَةٍ إنْ اعْتَادَهَا لَا رَقِيقَ زِينَةٍ وَتِجَارَةٍ وَمَا يَكْفِيهِمْ فَيُعْطِيهِ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَتَهُمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ وَيُرَاعَى فِي الْحَاجَةِ حَالُهُ فِي مُرُوءَتِهِ وَضِدِّهَا وَالْمَكَانُ وَالزَّمَانُ وَالرُّخْصُ وَالْغَلَاءُ وَعَادَةُ الْبَلَدِ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ، وَيُزَادُ إنْ زَادَتْ حَاجَتُهُ بِزِيَادَةِ وَلَدٍ أَوْ حُدُوثِ زَوْجَةٍ وَمَنْ لَا رَقِيقَ لَهُ، يُعْطَى مِنْ الرَّقِيقِ مَا يَحْتَاجُهُ لِلْقِتَالِ مَعَهُ أَوْ لِخِدْمَتِهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُخْدَمُ وَتُعْطَى زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فِي حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ بَعْدَ أَخْذِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِالْكَسْبِ عَنْ الْجِهَادِ إذَا عَلِمُوا ضَيَاعَ عِيَالِهِمْ بَعْدَهُمْ فَتُعْطَى الزَّوْجَةُ حَتَّى تُنْكَحَ لِاسْتِغْنَائِهَا بِالزَّوْجِ وَلَوْ اسْتَغْنَتْ بِكَسْبٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ، كَوَصِيَّةٍ لَمْ تُعْطَ وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالزَّوْجَةِ، وَكَذَا الزَّوْجَاتُ وَتُعْطَى الْأَوْلَادُ حَتَّى يَسْتَقِلُّوا بِكَسْبٍ أَوْ نَحْوِهِ كَوَصِيَّةٍ.

وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْ الْمُعِيدَ أَوْ الْمُدَرِّسَ إذَا مَاتَ تُعْطَى زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُ مَا يَقُومُ بِهِمْ تَرْغِيبًا فِي الْعِلْمِ كَالتَّرْغِيبِ هُنَا فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلَّهِ خُمُسَهُ إلَخْ. فَحَمَلْنَا الْمُطْلَقَ وَهُوَ آيَةُ الْفَيْءِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَهُوَ آيَةُ الْغَنِيمَةِ.

قَوْلُهُ: «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ» أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَصْرِفُ خُمُسَ الْخُمُسِ فَقَطْ فِي مَصَالِحِهِ أَيْ مَصَالِحِ نَفْسِهِ وَيَصْرِفُ الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ قِيلَ: وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: بَلْ كَانَ الْفَيْءُ كُلُّهُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا خُمِّسَ بَعْدَ مَوْتِهِ بَعْدَ نَسْخِ فِعْلِهِ بِآيَةِ الْفَيْءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَالتَّخْمِيسُ إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ. فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ لَهُ فِي أَوَّلِ حَيَاتِهِ ثُمَّ نُسِخَ فِي آخِرِهَا.

قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَهُوَ رَاجِحٌ لِقَوْلِهِ: وَلَكِنْ مِنْ الْأَرْبَعَةِ اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا) أَيْ الْخَمْسَةِ وَفِي نُسْخَةٍ أَخْمَاسِهِ أَيْ الْفَيْءِ.

قَوْلُهُ: (فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَاَلَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الْغَزِّيُّ وَفِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِالْوَاوِ وَقَالَ: وَأَشَارَ بِهِ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ إصْلَاحِ الْحُصُونِ وَالثُّغُورِ وَمِنْ شِرَاءِ سِلَاحٍ وَخَيْلٍ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ التَّتِمَّةِ وَيَأْتِيَ مَعَهَا بِالْوَاوِ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي مَصَالِحِ بِالْوَاوِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحُ الْمُرَادَ مِنْهَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتُعْطَى زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ) أَيْ بِشَرْطِ إسْلَامِهِمْ فَلَا تُعْطَى الزَّوْجَةُ الْكَافِرَةُ وَمِثْلُهَا الْبَاقُونَ فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ إعْطَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ مَنْعِهِ، وَهُوَ الْكُفْرُ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (فِي حَيَاتِهِ) : مُتَعَلِّقٌ بِ تَلْزَمُهُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تَنْكِحَ) فَإِنْ لَمْ تَنْكِحْ فَإِلَى الْمَوْتِ وَإِنْ رَغَّبَ بِهَا الشَّارِحُ م ر. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَسْتَقِلُّوا) أَوْ يَسْتَغْنُوا قَبْلَ بُلُوغِهِمْ. قَوْلُهُ: (مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ جَوَازِ أَخْذِ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقِ وَزَوْجَاتِهِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْمُعِيدَ) أَيْ مُعِيدَ الدَّرْسِ لِلطَّلَبَةِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الشَّيْخِ.

قَوْلُهُ: (مِمَّا) أَيْ وَقَفَ كَانَ يَأْخُذُهُ أَيْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>