للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ فَإِنْ فَعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ الِانْتِقَاضَ بِهِ وَيُمْنَعُونَ أَيْضًا مِنْ سَقْيِهِمْ خَمْرًا وَإِطْعَامِهِمْ خِنْزِيرًا أَوْ سَمَاعِهِمْ قَوْلًا شِرْكًا كَقَوْلِهِمْ: اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَمِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ وَعِيدٍ وَمَتَى أَظْهَرُوا خُمُورَهُمْ أُرِيقَتْ وَقِيَاسُهُ إتْلَافُ النَّاقُوسِ وَهُوَ مَا يَضْرِبُ بِهِ النَّصَارَى لِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ إذَا أَظْهَرُوهُ وَمِنْ إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ وَبِيَعَةٍ وَصَوْمَعَةٍ لِلرُّهْبَانِ، وَبَيْتِ نَارٍ لِلْمَجُوسِ فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ كَبَغْدَادَ وَالْقَاهِرَةِ، أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ. وَالْيَمَنِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُبْنَ كَنِيسَةٌ فِي الْإِسْلَامِ» وَلِأَنَّ إحْدَاثَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَالُوا: أَيْ الْكُفَّارُ ظَنَنَّا أَنَّهُمْ أَيْ الْبُغَاةَ مُحِقُّونَ وَأَنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) : وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ لِلْإِمَامِ قِتَالَهُمْ بَلْ يَجِبُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ الْمَأْمَنَ وَلَا يَخْتَارَ فِيهِمْ رِقًّا وَلَا مَنًّا وَلَا فِدَاءً وَهَذَا إذَا انْتَقَضَ بِقِتَالٍ فَإِنْ انْتَقَضَ بِغَيْرِهِ فَكَمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ وَلَكِنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَارَ فِيهِمْ الرِّقَّ أَوْ الْمَنَّ وَالْفِدَاءَ أَوْ الْقَتْلَ وَهَذَا فِيمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَمَّا ذَرَارِيُّهُ وَزَوْجَتُهُ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ فَيُقَرُّونَ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ فَإِنْ طَلَبُوا دَارَ الْحَرْبِ، أُجِيبَ النِّسَاءُ وَالْخَنَاثَى دُونَ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ فَيُقَرُّونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَى الْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ ثُمَّ بَعْدَهَا إنْ طَلَبُوا دَارَ الْحَرْبِ أُجِيبُوا.

قَوْلُهُ: (مِنْ سَقْيِهِمْ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: (وَإِطْعَامِهِمْ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ وَبِيعَةٍ) وَكَذَا مِنْ تَرْمِيمِهَا نَعَمْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَصْلَ الْمَوْجُودِ مِنْهَا جَازَ إبْقَاؤُهُ لِاحْتِمَالِ وَضْعِهِ بِحَقٍّ وَلَعَلَّ مِنْ ذَلِكَ مَا فِي مِصْرَ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ بِحَقٍّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ بِهِ مُتَغَلِّبٌ فَصُولِحَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ أَوَّلًا. اهـ. ق ل مَعَ زِيَادَةٍ.

وَبِيعَةٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ لِلنَّصَارَى وَجَمْعُهَا بِيَعٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ، وَقَوْلُهُ: لِلرُّهْبَانِ رَاجِعٌ لِلصَّوْمَعَةِ جَمْعُ رَاهِبٍ وَهُوَ عَابِدُ النَّصَارَى.

قَوْلُهُ: (فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) أَيْ وُجِدَتْ عِمَارَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى مَحَلِّهِ كَمَا فِي ق ل.

قَوْلُهُ: (كَبَغْدَادَ وَالْقَاهِرَةِ) وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ لِأَنَّ بَغْدَادَ بَنَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَالْقَاهِرَةَ بَنَاهَا الْمُعِزُّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ وَالْبَصْرَةَ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْكُوفَةَ بَنَاهَا عُتْبَةُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهَا بِسَنَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالصُّلْحُ عَلَى إحْدَاثِ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَالْكَنِيسَةُ مَعْبَدُ الْيَهُودِ وَالْبِيعَةُ مَعْبَدُ النَّصَارَى وَقَدْ انْعَكَسَ الْعُرْفُ فِيهِمَا وَالْكَلَامُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِيمَا لَيْسَ لِنَحْوِ نُزُولِ الْمَارَّةِ بِأَنْ كَانَتْ لِلتَّعَبُّدِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَمَّا الَّتِي لِنُزُولِ الْمَارَّةِ وَلَوْ مِنْهُمْ فَيَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الرَّحْمَانِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَالْقَاهِرَةِ) وَهِيَ مِصْرُنَا الْآنَ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً حَالَ الْفَتْحِ فَأَرْضُهَا الْمَنْسُوبَةُ إلَيْهَا لِلْغَانِمِينَ فَتَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ مَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْفَتْحِ وَبِهِ يُعْلَمُ وُجُوبُ هَدْمِ مَا فِي مِصْرِنَا وَمِصْرَ الْقَدِيمَةِ مِنْ الْكَنَائِسِ الْمَوْجُودَةِ. اهـ. شَيْخُنَا، وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ لَا يَجُوزُ لَنَا دُخُولُهَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَصَاوِيرُ حَرُمَ قَطْعًا وَكَذَا كُلُّ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ اهـ مِنْ ع ش عَلَى م ر. وَمُقْتَضَى وُجُوبِ هَدْمِهَا جَوَازُ دُخُولِهَا بِلَا إذْنٍ مِنْهُمْ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا جَازَ لَهُمْ إحْدَاثُهَا وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ع ش مِنْ وُجُوبِ الْهَدْمِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ ق ل مِنْ جَوَازِ الْإِبْقَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَأَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِمْ مُسْتَعْلِينَ وَمُتَغَلِّبِينَ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ وَلَا صُلْحٍ. اهـ. حَجّ وَيَجُوزُ جَعْلُ عَلَى لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ مَعَهُ أَيْ مُصَاحِبِينَ لَهُ وَكَائِنِينَ فِيهِ أَوْ بِمَعْنَى فِي أَيْ الْكَائِنِينَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ.

قَوْلُهُ: (كَالْمَدِينَةِ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ كَالْمَدِينَةِ مَحَلُّ وَقْفَةٍ لِأَنَّهَا مِنْ الْحِجَازِ، وَهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ سُكْنَاهُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ أَيْ فَضْلًا عَنْ الْإِحْدَاثِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: كَالْمَدِينَةِ مِثَالٌ لِمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ فَقَطْ أَيْ فَهُوَ مُجَرَّدُ مِثَالٍ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَحَلِّ اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ سُلْطَانَ عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِي آخِرِ كِتَابِ السِّيَرِ وَفُتِحَتْ مِصْرُ عَنْوَةً وَقِيلَ صُلْحًا وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ فِي الْوَصِيَّةِ. وَحَمَلَهُ الْأَوَّلُونَ عَلَى أَنَّ الْمَفْتُوحَ صُلْحًا هِيَ نَفْسُهَا لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا بَقِيَتْ الْكَنَائِسُ بِهَا لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَجَمِيعُ إقْلِيمِهَا فُتِحَ صُلْحًا وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا ثُمَّ اتَّصَلَتْ بِهَا. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَنَائِسَ مَوْجُودَةٌ بِهَا وَبِإِقْلِيمِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ حِينَئِذٍ إلَّا الْقَوْلُ: بِأَنَّ الْكُلَّ صُلْحٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُمْ رَاعَوْا فِي إبْقَائِهَا قُوَّةَ الْخِلَافِ كَمَا تَقَرَّرَ انْتَهَتْ بِحُرُوفِهَا وَمُقْتَضَى كَوْنِهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً أَنَّ الْأَرْضَ لِلْغَانِمِينَ فَتَمْنَعُ الْكُفَّارَ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ فِيهَا وَمِنْ إعَادَتِهَا إذَا هُدِمَتْ وَقِيلَ: إنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَفُتِحَتْ قُرَاهَا صُلْحًا وَالْكَنَائِسُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ فِيهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>