للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَهْرَهُ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضَ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبَ لِهْزِمَتَيْهِ وَهُمَا مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَوْ وُجُوبِهَا أَشَدُّ بُطْلَانًا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا. (وَ) الثَّانِي (أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ) فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ. وَكَذَا مَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ دُونَ مَا لَا يَعْتَقِدُونَهُ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنِكَاحِ الْمَجُوسِ. وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ فِي الْإِيجَابِ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ مَعَ الِانْقِيَادِ وَالِاسْتِسْلَامِ كَالْعِوَضِ عَنْ التَّقْرِيرِ فَيَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ. وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَكْفِي فِيهَا الِانْقِيَادُ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ.

(وَ) الثَّالِثَ (أَنْ لَا يَذْكُرُوا دِينَ الْإِسْلَامِ إلَّا بِخَيْرٍ) لِإِعْزَازِهِ. فَلَوْ خَالَفُوا وَطَعَنُوا فِيهِ أَوْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَوْ ذَكَرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا لَا يَلِيقُ بِقَدْرِهِ الْعَظِيمِ عُزِّرُوا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ شُرِطَ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِذَلِكَ انْتَقَضَ وَإِلَّا فَلَا. (وَ) الرَّابِعَ (أَنْ لَا يَفْعَلُوا مَا فِيهِ ضَرَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ) كَأَنْ قَاتَلُوهُمْ وَلَا شُبْهَةَ لَهُمْ، أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ إجْرَاءِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْعَقْدِ.

قَوْلُهُ: (فَتُؤْخَذُ) مُفَرَّعٌ عَلَى تَفْسِيرِ الصَّغَارِ بِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَتَفْسِيرُهُ) أَيْ الصَّغَارِ.

قَوْلُهُ: (وَبِضَرْبِ لِهْزِمَتَيْهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّايِ تَثْنِيَةٌ لِهْزِمَةٍ وَالْجَمْعُ لَهَازِمُ وَهَلْ يَحْرُمُ ضَرْبُهُ أَوْ لَا؟ حَرِّرْهُ ثُمَّ رَأَيْت ق ل قَالَ: وَهِيَ حَرَامٌ إنْ حَصَلَ بِهَا إيذَاءٌ وَإِلَّا كُرِهَتْ وَقَوْلُهُ: يَضْرِبُ إلَخْ أَيْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً أَوْ ضَرْبَتَيْنِ خِلَافٌ فِي ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (مَرْدُودٌ) خَبَرٌ تَفْسِيرُهُ قَوْلُهُ: (أَشَدُّ بُطْلَانًا) أَيْ مِنْ دَعْوَى أَصْلِ جَوَازِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ) أَمَّا فِيهَا فَلَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ فَلَا يُقْتَلُونَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَلَا يُقَاتَلُونَ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ: فِي الْمُعَامَلَاتِ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ وَقَوْلُهُ: غَرَامَةُ الْمُتْلَفَاتِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُعَامَلَاتِ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَشُرْبِ الْخَمْرِ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ عِنْدَهُمْ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَأَقُولُ: كَلَامُ الشَّارِحِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَفَى اعْتِقَادَ التَّحْرِيمِ لَا التَّحْرِيمَ.

قَوْلُهُ: (وَنِكَاحُ الْمَجُوسِ) أَيْ الْمَحَارِمِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ فِيهِ حَذْفُ الْمَفْعُولِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَنِكَاحُ مَجُوسٍ مَحَارِمَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ) أَيْ لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الصِّيغَةِ.

قَوْلُهُ (وَالِاسْتِسْلَامِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَوْ مُرَادِفٍ. قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِلْمَذْكُورِ مِنْ الْجِزْيَةِ وَالِانْقِيَادِ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ عَقْدِ الذِّمَّةِ يَسْتَلْزِمُ أَرْبَعَةً فِي حَقِّ الرَّجُلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَيْ أَمَّا زَوْجَتُهُ وَبِنْتُهُ فَلَا يَتَضَمَّنُ عَقْدُ الذِّمَّةِ لَهُ فِي حَقِّهِمْ الْأَرْبَعَةَ بَلْ يَتَضَمَّنُ الثَّانِيَ مِنْهَا وَهَذَا مِنْ الشَّارِحِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تَذْكُرُ دِينَ الْإِسْلَامِ بِشَرٍّ وَتَفْعَلُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَتُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (فَيَكْفِي فِيهَا) أَيْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ لَهَا. وَقَوْلُهُ الِانْقِيَادُ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ أَيْ التَّعَرُّضُ لِلِانْقِيَادِ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ أَيْ دُونَ التَّعَرُّضِ لِلْجِزْيَةِ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا وَيُصَوِّرُ ذَلِكَ أَيْ التَّعَرُّضَ لِلِانْقِيَادِ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ تَكُونَ تَابِعَةً لِزَوْجِهَا أَوْ أَبِيهَا فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَذْكُرُوا إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا الثَّالِثُ دَاخِلٌ فِي الثَّانِي الظَّاهِرُ نَعَمْ وَعِبَارَةُ سم وَأَنْ لَا يَذْكُرُوا اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ أَوْ الْقُرْآنَ أَوْ نَبِيًّا أَوْ دِينَ الْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوَهَا إلَّا بِالْخَيْرِ، فَإِنْ سَبُّوا اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ أَوْ الْقُرْآنَ أَوْ دِينَ الْإِسْلَامِ أَوْ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ نَحْوَهَا جَهْرًا بِمَا لَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ كَالطَّعْنِ فِي نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ نِسْبَتِهِ إلَى الزِّنَا فَإِنْ شَرَطَ انْتِقَاضَ عَهْدِهِمْ بِذَلِكَ انْتَقَضَ وَإِلَّا فَلَا أَمَّا مَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ كَقَوْلِهِمْ: الْقُرْآنُ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَا انْتِقَاضَ بِهِ مُطْلَقًا اهـ. بِحُرُوفِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ انْتِقَاضَ إلَخْ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الِانْتِقَاضَ بِذَلِكَ ثُمَّ قُتِلَ بِمُسْلِمٍ أَوْ بِزِنَاهُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُحْصَنًا بِمُسْلِمَةٍ صَارَ مَالُهُ فَيْئًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ مَقْتُولٌ تَحْتَ يَدِنَا لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِأَقَارِبِهِ الذِّمِّيِّينَ لِعَدَمِ التَّوَارُثِ وَلَا لِلْحَرْبِيِّينَ لِأَنَّا إذَا قَدَرْنَا عَلَى مَالِهِمْ أَخَذْنَاهُ فَيْئًا أَوْ غَنِيمَةً وَشَرْطُ الْغَنِيمَةِ هُنَا لَيْسَ مَوْجُودًا. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا شُبْهَةَ لَهُمْ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُمْ شُبْهَةٌ كَأَنْ اسْتَعَانَ بِهِمْ الْبُغَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>